“جدارات”.. هل موقعها عن جدارة..؟

جعفر البحراني

أنشأت الدولة -رعاها الله- ممثلةً بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منصاتٍ مختلفةٍ لتوظيف السعوديين سواءً كانت في القطاع العام أو الخاص، إلا أننا كنّا نجد منصات مختلفة ناشطة، وفاعلة بشكلٍ كبير، بل وبشكلٍ منافس في الإعلان عن الوظائف السعودية، مما ساهم في وجود شائعاتٍ كثيرة عن وظائفٍ وهمية وغير حقيقيةٍ، الغرض منها استهداف السعوديين، للحصول على أكبر عددٍ من بياناتهم، وذلك لاستخدامها في أغراضٍ مختلفة، بعضها للنصبِ والاحتيال.

ولأن الوزارة أنشأت المنصة الوطنية للتوظيف (جدارات)، وهي المنصة الحكومية المعنية بإعلان الوظائف واستعراضها لطالبيها سواءً كانت تلك الوظائف في القطاع العام أو الخاص أو القطاع شبة الحكومي، وترشح المسجلين لديها من طالبيها على ما يُتاح من وظائفٍ تناسب مؤهلاتهم وخبراتهم العلمية والعملية.
ونظراً لوجود إعلانات عن وظائف سعودية سواءً كانت حكومية أو غير حكومية منشورة في مواقع ووسائل إعلام اليكترونية غير سعودية وغير معروفة يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر يؤدي لتعريض البعض لعمليات نصب واحتيال.

وعليه يُفترض أن تُلزم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية جميع الجهات سواءً كانت حكومية أو غير حكومية التي ترغب في الإعلان عن الوظائف أن لا تُعلن عن الوظائف التي ترغب في شغلها بسعوديين أو غير سعوديين إلا من خلال المنصة الوطنية للتوظيف (جدارات) فقط، بحيث تكون هذ المنصة هي الجهة الرئيسية الوحيدة التي تستقبل طلبات التوظيف، وتُعلن عنها وتُوفر الموظفين السعوديين لشغلها، والإشراف على تعيين غير السعوديين عليها.

ونظراً لكون أصحاب الأعمال هم من يضعون الاشتراطات والمتطلبات المهنية والعلمية والعملية لشغل الوظائف التي يطلبونها؛ فيفترض من الوزارة أن تطلع على تلك الاشتراطات والمتطلبات المهنية والعلمية والعملية، ومناقشة ملاءمتها للوظيفة المطلوب شغلها، وذلك بغرض تسكين الموظفين بشكلٍ حقيقي عليها؛ لأن الكثير من أصحاب الأعمال يضعون اشتراطات ومتطلبات مهنية وعلمية وعملية أكبر وأعلى من الوظيفة المطلوبة مقابل مرتبات ضعيفة وزهيدة، وهذا يُشكلُ اجحافاً في حق طالب الوظيفة من جانب، وعدم تسكين للموظف على الوظيفة التي شغلها من جانبٍ آخر.

فكثير من أصحاب الأعمال يضعون اشتراطات ومتطلبات مهنية وعلمية وعملية أكبر بكثير وأعلى من المتطلبات الفعلية للوظيفة، مع أن بعض الأعمال على سبيل المثال لا تتطلب شهادة جامعية ولا لغة انجليزية، لكن نجد بعض أصحاب العمل يشترطون شهادة جامعية ولغة انجليزية إلى جانب خبرة عملية تمتد بين سنة إلى خمس سنوات، بينما الوظيفة في الحقيقة لا تتطلب أعلى من شهادة الثانوية العامة، كما يضع بعض أصحاب العمل أيضاً مرتبات بشكلٍ غير عادل لا تتوافق مع إمكانات ومؤهلات وخبرات الباحث عن العمل، أو وفقاً لما تتطلبه الوظيفة، وعلى سبيل المثال نجد إعلانات وظائف بمرتب (4500) ريال لسائق النقل العام، وللعامل على آلية شوكية، وكذلك لموظفٍ إداري مطلوب منه لغة انجليزية، وشهادة جامعية، إلى جانب مهارات أخرى مختلفة وخبرة من سنة إلى خمس سنوات.

ولأن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هي الجهة الحكومية المسؤولة عن رسم السياسة العامة لأنظمة العمل والعمال في القطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية، ينبغي لها أن تكون الجهة المنظمة والمشرفة على التوظيف بما يحقق تسكين حقيقي للسعوديين على تلك الوظائف، من حيث ضمان وظيفة تلائم إمكانات ومهارات طالب الوظيفة، وضمان مرتب عادل ومكافئ لما لدى طالب الوظيفة من إمكانات ومهارات، بحيث لا يكون هناك اجتهادات غير عادلة من أصحاب الأعمال سواءً تعلقت بوضع اشتراطات أعلى من الوظيفة أو تعلقت بإقرار مرتبات مجحفة في حق طالب الوظيفة.

ولهذا يفترض مراجعة كل إعلانات التوظيف لكلّ وظيفة على حدة من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ممثلة في (جدارات) ووضع شروطاً وأحكاماً تتوافق مع كل وظيفة، وكذلك وضع مرتبات ومكافآت تتوافق مع إمكانات طالب الوظيفة، حتى لا يكون الجميع في سلةٍ واحدة، فإذا طلب صاحب العمل شهادة جامعية، ولغة انجليزية، وخبرة تمتد من سنة إلى خمس سنوات فإن هذه الطلبات لابد أن تسجل فيها لكل طلب درجة معينة يقرر لها مبلغ مالي، فيكون مرتب من يحمل شهادة الثانوية غير مرتب من يحمل شهادة الدبلوم، ومن يحمل شهادة جامعية يختلف مرتبه عن الاثنين الآخرين؛ فإذا كانت لديه خبرة فيزيد المرتب بمقدار تلك الخبرة، وإذا كانت لديه لغة انجليزية فيحصل على زيادة محددة أيضاً.

وبهذه الطريقة يُحدد الإعلان عن الوظائف في (جدارات) بشكلٍ شفاف، وواضح، وعادل، يراعي حق صاحب العمل، كما يراعي حق العامل، وعندما لا يتقدم أحد السعوديين على وظيفةٍ معينة خلال فترة معينة تُقرّها الوزارة يحقُ لصاحب العمل أن يُوظف غير سعودي شريطةً أن يُقدم ما يثبت أن الموظف الأجنبي توافقت شروط ومؤهلات الوظيفة المطلوبة عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×