جمعيات الملاك.. مصالح مهمة غائبة ومسكوت عنها
جعفر البحراني
في إطار حملة تحسين المشهد الحضري في المدن السعودية التي تقوم بها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان برزت بعض المشكلات لدى ملاك الوحدات السكنية في البنايات متعددة الوحدات أو المجمعات السكنية.
وتفاقمت مشكلات سكان البنايات بشكل لافت بعد أن طبقت الوزارة شهادة الامتثال على المباني الواقعة على الشوارع التجارية، حيث برزت مشكلة تحسين الواجهة، كمشكلة حقيقية تواجه سكان المجمع، فعلى من تقع المسؤولية ومن يتحملها ومن يقوم بها أمام الجهات المسؤولة؟، وكيف يمكن أن تتم المعالجة؟، وقبل ذلك كيف يتم احتساب واستحصال قيمة معالجة التشوهات الموجودة على المبنى، سواء كان المبنى بحاجة لإعادة التلييص أو الدهان أو إعادة التكسية بالحجر أو غير ذلك؟.
ويبدو أن مزيدا من المشكلات ستظهر للسطح خلال الأيام القليلة القادمة وسنشهد مزيدا من ذلك خلال السنوات القادمة، إذا لم تكن هناك مبادرات سريعة لحل هذه المشكلة القابلة لأن تستفحل مع مرور الأيام، وهو أمر يحيل إلى فوضى عارمة، وذلك بسبب عدم وجود جمعيات أو اتحادات للملاك في مختلف البنايات متعددة الوحدات أو المجمعات السكنية ما يجعل الأمر أكثر صعوبة.
ورغم أن الدولة ـ رعاها الله ـ أوجدت نظاماً خاصاً بملكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارتها بمرسوم ملكي في العام 1423هـ، ثم تم تعديل النظام في العام 1441 ليكون أكثر ملائمة وقد تمت الإشارة له باسم (نظام الملكية) والذي يهدف لتأسيس جمعية ملاك الوحدات العقارية في عقار مشترك عند بلوغ عدد ملاك الوحدات ثلاثة فأكثر.
لكن الذي يبدو أن القلة القلية من الناس استطاعت إنشاء جمعية أو اتحاد ملاك، وإلا فإن العديد من البنايات أو المجمعات أو الوحدات العقارية المتعددة لم يقم الملاك فيها بإنشاء جمعية أو اتحاد ملاك، وهذا مؤشر على وجود خلل ما.
فإما أن تكون الغالبية العظمى من الناس الذين يسكنون في مجمعات عقارية ليس لديهم فكرة عن الموضوع من أساسه، أو أن من لديه فكرة لم يستوعب حجم المشكلة التي يمكن أن تحدث مستقبلا في ظل غياب الجمعية أو الاتحاد، حيث أن تقادم المبنى أو المجمع وحاجته للصيانة العامة التي تتعدى تماما حيزه الخاص إلى الحيز المشاع ما يجعل الجميع أمام مشكلة تأخر حلها.
ولا شك أن هناك مشاكل ظهرت بين الملاك لأسباب تتعلق بالمنافع المشاعة ومن يصرف عليها ومن يقوم على نظافتها وصيانتها، كما لا شك أيضا في ظهور مشكلات لمالكين يفصل بينهما سقف أو جدار بحاجة إلى صيانة أو معالجة معينة.
وقبل أن أكتب هذا المقال كنت قد اتصلت بأحد الأصدقاء في أحد المجمعات العقارية وقد اشتكى من بعض المشكلات التي كان أولها عزوف سكان المجمع عن إنشاء جمعية أو اتحاد وأنه حاول كثيرا شرح الأمر وأهميته لبعض الملاك إلا أنه فشل في إقناعهم بإنشاء جمعية أو اتحاد يعبر عنهم أمام الجهات الرسمية ويتكفل بسد الاحتياجات المستقبلية للمبنى.
وعبر لي قائلا أن الدولة رعاها الله وضعت نظام متكامل مبين فيه جميع القواعد والنظم والتعليمات الخاصة بإنشاء جمعيات واتحادات الملاك في المجمعات العقارية، لكن المشكلة والتقصير يكمن في الملاك أنفسهم فلا يوجد مبادرة، وهناك عزوف عن المسؤولية، بالرغم من أن النظام كفل لمدير الاتحاد أو الجمعية مكافأة خاصة لقيامه بمختلف الأعباء.
ولهذا وقبل أن يدخل الناس في فوضى عارمة مستقبلا، وقد دخل البعض جزئيا في هذا المعترك، يفترض أن تقوم وزارة البلدية والقروية والإسكان بفرض إنشاء جمعية أو اتحاد ملاك على جميع الملاك في جميع المجمعات بما يكفل مستقبلا تلافي كل المشكلات المرشحة بالظهور.
واقترح أن تسند خلال السنوات العشر الأولى لمنشئ المجمع السكني الأساسي مسؤولية الصيانة والوقوف على الأعطال وأخطاء التشييد بالتوازي مع وجود الجمعية أو الاتحاد الذي يقوم خلال السنوات العشر الأولى بإيجاد قاعدة مالية، والمتابعة الحثيثة مع المنشئ الرئيسي للمجمع، وتوزيع المهام والمسؤوليات على الأعضاء وتناوبهم على إدارة الجمعية، حتى تنضج التجربة ويكونوا قد دخلوا في خضم أعمال الجمعية أو الاتحاد وسايروا المشكلات التي ظهرت وتعرفوا على كيفية تلافيها ومعالجتها وعملوا على تقديم خدمات متميزة لأنفسهم كسكان للمجمع.