عبدالخالق الجنبي.. الأخلاق العالية و الاتقان
د. مرعي الشخص
نجتمع هذا اليوم في ذكرى أربعين انتقال الروح الطاهرة للأستاذ عبد الخالق بن عبد الجليل الجنبي، و التي لا أشك أنها مسرورة بما صنعت و هي اليوم مسرورة بما نصنع من اجتماع من مختلف المناطق على الحب و الوفاء.
لن أتكلم في هذه الدقائق عن ما هو معلوم لدى الجميع عن الأستاذ عبّد الخالق الجنبي كشاعر و أديب، ومؤرخ ، فهذا معلوم لدى الجميع، بل سأتحدث عن صداقةٍ و رحلةِ بحثٍ و تعلم، امتدت مع الأستاذ لأكثر من 20 سنة، إلى أن غادرنا جسداً و لم تغادر روحه الطيبة إلى هذا اليوم.
فقد كانت من محاسن الصدف وجميل الأقدار أن تعرفت على الأستاذ عبد الخالق، حيث كان اللقاء الأول تقريباً في عام 1422هـ، حينما كان يعمل في قسم التعليم الطبي المستمر في مستشفى الدمام المركزي.
الأخلاق العالية و الاتقان
فقد امتاز الأستاذ المؤرخ بالأخلاق العالية و البشاشة و مساعدة الآخرين فيما يتقنه من أمور، كان الأستاذ متعدد المواهب، و واحدة من الأمور التي يتقنها رحمه الله، المعرفة المتقدمة في أمور الحاسوب و برامج الكمبيوتر، فكان إذا تعطل على بعض الأطباء برنامج في كمبيوتر أو حصل خلل في محاضرة قد أعدها، فإنهم كانوا يقصدونه لحل ذلك الإشكال و كان في الغالب يعالج لهم ذلك الخلل، و هو نفس الأمر الذي كان سبباً في تعرفي عليه حيث أسعفني فيما طلبته من خدمة.
نعم كان الأستاذ عبد الخالق الجنبي ضليعاً في أمور الكمبيوتر وبرامجه، فقد كان يكتب على لوحة المفاتيح بسرعة المتحدث في الكلام، و كان له باع طويل في صف و تنسيق و ترتيب و إخراج الكتب فقد أخرج جميع كتبه بنفسه، التي اشتملت على آلاف الصفحات و مئات الخرائط و الصور، فلم يكن على المطابع في بيروت غير إعطاء أمر الطباعة، حتى إن إحدى دور النشر في بيروت قد سألتني عن دار النشر التي تخرج كتب الأستاذ عبد الخالق بهذا الاتقان المتقدم، فأجبتهم أنها دار الأستاذ عبد الخالق الجنبي فهو دار نشر متكاملة.
من الخصائص الأخرى للمؤرخ حبه للوطن و المواطن مع السخاء المادي و المعنوي، أو لنسمه السخاء في كرم الضيافة، و السخاء المعرفي، حبه لوطنه بل و اسمحوا لي أن أعبر عن الأبوية في ذلك الحب و خصوصاً للجانب الشرقي منه.
فقد أحب نخيلها و عيونها، كما أحب بحرها و برها، فاتخذ في بر العرقوبة مخيماً و متنزهاً و منطقة استجمام له و لإخوته، و كان مع إخوته رمزاً للضيافة و الكرم، فكانت مجموعات الأطباء و الأصدقاء تتكرر على ذلك البر الجميل الذي يزداد جمالاً ببشاشة الأستاذ و طيب حديثة.
و كرم الضيافة هذا من الصفات البارزة لكل من زار هذا الأستاذ في منزله من مختلف المناطق المجاورة من عمان، و البحرين، و الكويت، و مناطق المملكة الأخرى، فقد كان سخياً في غذاء الروح و البدن.
أما عن الأبوية التاريخية، فقصدت بها الإنصاف و الموضوعية في حبه لموطنه فكان ينصف في كتاباته عن المناطق كما يتعامل الأب المنصف بين أبناءه و يعطي كل ذي حق حقه، لا يميل بالأهواء إلى منطقة على الآخر، كان قائده فيما يكتب المنهجية العلمية و الموضوعية، و كتبه و قصائده شاهدة على هذا الموضوع ، فهو القائل: كما حاول المؤلف التأسيس و التسجيل الرسمي لـ ( ملتقى الواحتين )، و وضع لذلك الملتقى شعار Logo و هو يتمنى على الأجيال القادمة إكمال هذا المشروع بنفس الإنصاف و الموضوعية.
الكلمة التي أُلقيت في تأبين المؤرخ عبدالخالق الجنبي
اقرأ أيضاً