بـ 16 فعالية.. “الثقافة” تحتفي باليوم العالمي لـ”القصة القصيرة”
الرياض: واس
يحتفي الأدباء في جميع دول العالم ومنهم الأدباء السعوديون باليوم العالمي للقصة القصيرة الذي يوافق الرابع عشر من فبراير من كل عام، حيث يعلو اليوم الحديث في الأوساط الأدبية عن مفاهيم مثل “الدهشة” و”التكثيف” و”الومضة” وغيرها من مقومات البناء القصصي الحديث.
وأطلقت هيئة الأدب والنشر والترجمة بهذه المناسبة “مبادرة الأدب في كل مكان” التي تتيح للمبدعين نشر قصصهم القصيرة من خلال منصة افتراضية متاحة لزوار الأماكن العامة مثل المطارات، والمجمعات التجارية، والمقاهي، والمواصلات العامة، والجامعات، والمدارس، والمنتزهات وغيرها.
وتنظم جمعية “الأدب” السعودية 16 فعالية تشمل جميع مناطق المملكة إضافة إلى فعاليات أخرى تنظمها مؤسسات ثقافية وجمعيات أهلية مختلفة.
وأوضح رئيس مجلس إدارة جمعية “الأدب” الدكتور صالح زياد في حديث معه أن مشاركة الجمعية في الاحتفاء باليوم العالمي للقصة القصيرة، تأتي من خلال فرق سفرائها في مناطق المملكة، حيث أعد السفراء 16 فعالية تتضمن أمسيات قصصية وندوات نقدية.
وأشار إلى عزم الجمعية على دعم جمهور القصة بفعاليات تعكس تطور هذا الفن الأدبي العميق وقال “هناك العشرات إن لم يكن المئات من المبدعين والمبدعات الذين يتحفوننا بنصوصهم الجميلة، والعديد منها لافت للنظر النقدي وقادر على إحداث الدهشة بما يمتلكه من بناء غير تقليدي ومغامرات تجريبية واعتداد بموهبة فذة”.
وأضاف “إذا كنا نجد باستمرار إصدارات قصصية جديدة فإننا نجد باستمرار أيضا كتبا ودراسات نقدية مخصصة للقصة، وإلى ذلك فإن الرسائل الجامعية تجد في القصة متنا مناسبا للاكتشاف والدراسة والتحليل”.
ويرى القاص والروائي محمد مانع الشهري أن فن القصة القصيرة “متكافئ مع أنواع الفنون الأخرى، إن لم يكن روحا لكل فن”. مضيفا أن “هذا الفن هو سر توثيق اللحظة، وبث الروح في الصورة حتى تُكون المشهد، فلكل فن سواء كان سرديا أو شعريا أو فوتوغرافيا أو صحفيا قصته الخاصة، وسرده المختلف”، مؤكدا أهمية الاحتفاء بهذا الفن، وأن يخصص له يوم من أيام السنة.
من جهتها ترى القاصة تغريد العلكمي أن الاحتفاء باليوم العالمي للقصة القصيرة يأتي لما لها من تأثير اجتماعي وثقافي ولإسهاماتها المباشرة وغير المباشرة في التوجيه، أو ترسيخ قيمة ما، أو لفت الانتباه لجانب مقصي، أو نقد ظاهرة، وتشكيل وعي تجاه الحدث أو الموقف، كل ذلك في قالب من المتعة والسلاسة، التي تصل إلى المتلقي على اختلاف مستوياته الفكرية والمعرفية، فتصل إليه وتؤثر به، وتمتعه.
وقالت “يأتي اليوم العالمي للقصة القصيرة ليذكرنا بأهميتها، وليُعرف الأجيال بماهيتها، وربما يجذبها لخوض تجربة كتابتها أو قراءتها، لاسيما وهي الفن الأدبي المواكب لحداثة اهتمام المتلقي”، مؤكدة أهمية الاحتفاء بهذا الفن حتى بعد المناسبة السنوية وتنظيم فعاليات قريبة من كل فئات المتلقين وخاصة الأجيال الجديدة.
القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية هي أحد الأنواع الأدبية التي لازمت تطور الأدب السعودي في جميع مراحله، ظهر أول ملامحها بداية تأسيس المملكة العربية السعودية، من خلال المقال القصصي، مثل نص عبدالوهاب آشي “على ملعب الحوادث” الذي نشر في كتاب “أدب الحجاز” عام 1926، لتتطور في العقود اللاحقة ونقرأ فيها تجارب مميزة.
وتعكس فلسفة القص للمبدعين السعوديين الفضاء الرحب الذي تمتزج فيه الذات والعالم، اليقظة والحلم، المعيش والمتخيل، الغموض والوضوح، السخرية والمفارقة، صور تأملات، خلاصات إنسانية نضالية تكشف عن سبل الدفاع عن البطانة الوجدانية للإنسان.
وشهدت السعودية نشر أكثر من 1500 مجموعة قصصية قصيرة بإطلاق، وتطورت كتابة القصة لتصل إلى تأليف القصّة القصيرة جدا فيعتقد خالد اليوسف أن أولى النصوص ظهرت في أبريل 1976 بقلم جبر المليحان، ومن ثم تبعه محمَّد علوان سنة 1977، لتتطوّر لاحقا في مرحلة الثمانينات حيث “تتالى التجريب والمحاولات للخروج من الكتابات الأدبية بنص قصصي يفرقها عن الخاطرة أو البوح العاطفي أو وصف الحدث المباشر”.
وعلى عكس ما يعتقده البعض بضمور جنس القصة القصيرة تطور هذا الجنس الأدبي ومازال قادرا على الإنتاج المتجدد. وتعد القصة القصيرة جدا أهم المناطق السردية التي بات يجرب فيها الكثير من الكتاب السعوديين، علاوة على التجريب في كتابة القصص التي راحت تأخذ مناخات وعوالم أخرى وتحفر في عمق البيئة والمجتمع السعودي، ليجد كتاب القصة لهم مكانا رغم هيمنة الرواية التي لا يمكن إنكارها، وهو ما يتطلب جهودا من المؤسسات الأدبية والثقافية للعناية بكتابة القصة.
يشار إلى أن وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة، أولت فن القصة القصيرة اهتماما خاصا منذ إطلاقها أعمالها في عام 2020، حيث تبنت إصدار سلسلة كتب باللغتين العربية والإنجليزية تحت عناوين مختلفة، مثل “قصص من السعودية” و”قرية سعودية” و”أربعة عشر يوما”، إضافة إلى تنظيم الفعاليات السردية على مدار العام بشكل مباشر أو عبر شركائها من القطاع العام والخاص.