حوادث الطلاب.. تطوّر التنظيم.. تراجع التنفيذ.. ضعف الرقابة…! 8 تدابير في "التعليم".. شروط صارمة في "النقل".. والمخالفون في الشوارع
القطيف: أمل سعيد
خلال أسبوع واحد؛ مُنيت القطيف بحادثين مؤسفين كان الطلاب ضحايا فيهما كليهما. الأول في حي التركيا، وقد فقدت فيه الطفلة زهراء العقيلي حياتها متأثرة بإصابة بالغة.
أما الثاني الذي وقع في دانة الرامس؛ فقد أصيب فيه 11 طالباً من ذوي الإعاقة، ومعهم 3 نساء. وأشدّ الإصابات كانت من نصيب الطفل حسين الحمادي الذي فقد ذراعه اليُمنى. ومساء الجمعة الماضي توفيت الطالبة آمنة الحيدر بعد أيام من تعافيها من إصابة.
والحادثان ليسا الوحيدين اللذين شهدتهما المحافظة تحديداً، فهناك سلسلة من الحوادث المؤسفة وقعت؛ وقائمة الضحايا تركّزت على الطلاب، في المحافظة، وفي مناطق سعودية أخرى.
وعلى الرغم من اختلاف ظروف كلّ حادث على حدة وملابساته؛ وبصرف النظر عن التفصيلات؛ فإن الحوادث واقعة ضمن دائرة الطلاب، الذين يشكّلون الملايين في بلادنا، ويتمّ تفويجهم يومياً في الشوارع، ذاهبين إلى مدارسهم صباحاً، وعائدين إلى منازلهم ظهراً.
يومياً؛ تتدفق موجات بشرية عارمة، سيراً على الأقدام، وركوباً لحافلات وسيارات، وسط مخاطر متنوعة، يحسب لها الآباء والأمهات والأجهزة التعليمية ألف حساب.
ومع ذلك؛ تتكرر الحوادث المتصلة بالطلاب والطالبات، ويُدهسُ طالبٌ هنا، أو يُنسى طفل في حافلة هناك، أو يُصعق طالبٌ ثالث بسلك كهرباء في مدرسة.
الطلاب.. ضحايا
لعلّ من أقدم الحوادث المؤسفة في محافظة القطيف، هو حادث الطفلة خولة آل محمد حسين، في أكتوبر 2011، حيث فارقت الحياة منسية في حافلة مدرسة أهلية، بمدينة سيهات.
لكنّ الحوادث لم تقتصر على القطيف، ففي مدينة جدة، وبتاريخ 13 أكتوبر2016؛ غط الطفل عبدالملك العوض في نوم عميق بين زملائه في حافلة مدرسية. ولم ينتبه السائق من خلو الحافلة بعد نزول الطلاب، ليلقى الصغير حتفه اختناقاً، في قصة مأساة تداولتها وسائل الإعلام.
الطفل عبدالملك عوض
وفي الرابع من أبريل 2016؛ توفي الطفل “نواف السلمي” البالغ 6 سنوات داخل حافلة للنقل المدرسي متعاقدة مع مدرسة عالمية في مدينة جدة، حيث نُسي الطفل داخل الحافلة منذ الساعة السابعة صباحاً حتى الثانية عشر ظهراً.
أما في أكتوبر 2017؛ فقد صُعقت محافظة صبيا ـ جازان ـ بوفاة الطفل يامن خواجي ذي السنوات الأربع، منسياً في حافلة طلاب، بعد أكثر من 5 ساعات. وقد عثر على جثته بين مقاعد الحافلة. الواقعة اكتشفتها الأم التي لم يعد ابنها إلى المنزل بعد نهاية اليوم الدراسي، فقامت بالاتصال بالمسؤولين عن روضة دوحة القرآن بالظبية التابعة لصبيا، للاستفسار عن ابنها، فكان الجواب أنه لم يحضر اليوم للروضة من الصباح…!
كما توفى الطفل “عبدالعزيز مصطفى المسلم، في سبتمبر 2018 حيث قضى اختناقاً في حافلة نقل مدرسي. بعد أن تأخرت إدارة المدرسة في إبلاغ أولياء الأمور عن غياب الطلاب. وكان التأخير طبيعياً بسبب وجود غياب جماعي في المدرسة قارب الـ 500 طالب في المدرسة التي يدرس فيها 587 طالباً، وتلى ذلك تنازل والد الطفل عن سائق الحافلة.
وخلال أسبوع من شهر ديسمبر 2018 لقي طفلان مصرعهما دعساً وإصابة طفل ثالث، حيث توفيت طفلة دعساً أمام مدرستها في القطيف، وإصابة أخرى في حادث مماثل في الطائف؛ كما توفى طفل آخر في محافظة الأحساء في حادث شهدته مدينة المبرز. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبر الطفل صالح أحمد صالح السلمان الذي توفي عن عمر 7 سنوات.
الطفل صالح السلمان
وفي 9 أكتوبر 22، وطبقاً لما بثته قناة “الإخبارية” ونشرته صحيفة “اليوم”؛ فإن سائق سيارة نقل مدرسي نسي الصغير حسن هاشم الشعلة داخل السيارة، ولم تكتشف المأساة، إلا عند الساعة الـ 11 صباحاً. حين بدأ السائق يستعد لإعادة الصغار إلى منازلهم.
الطفل حسن الشعلة
وفي حادثة مؤسفة أخرى، لقي طفل حتفه، ظهر الأول من أكتوبر 2023، أثناء مروره خلف الحافلة الخاصة التي كانت تقله من وإلى المدرسة.
كما وقع حادث تصادم مأساوى في 29 نوفمبر 2023 بين سيارة خاصة وبها طالبات أربع وحافلة مدرسية بالقرب من أحد التقاطعات بحي المطرفية فى الجبيل نتج عنه وفاة الطالبات جميعهن.
حادث طالبات الجبيل
ترتيبات وزارة التعليم
كانت مأساة الطفل عبدالعزيز المسلم، في سبتمبر 2018؛ بداية تحرّك نوعي لوزارة التعليم، وهو تحرّك على مستوى إعادة النظر في ترتيبات السلامة فيما يخصّ سلامة الطلاب، ونقلهم. ووقتها؛ ترأس وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، اجتماعاً عاجلاً ضمّ قياداتٍ من الوزارة، لبحث “بيئة أكثر أمناً لطلابها وطالباتها”، وحضر الاجتماع نائب الوزير والمسئولين عن الشؤون المدرسية والأمن والسلامة وشركة تطوير للنقل التعليمي والإعلام والاتصال. وتركّز الاجتماع في النظر في الإجراءات التي يمكن تطبيقها في الميدان لتوفير مزيد من الاحتياطات لضمان السلامة في المدارس من كافة الأخطار.
8 تدابير
وخلص الاجتماع إلى وضع 8 إجراءات وتدابير عاجلة لرفع مستوى العناية بسلامة الطلاب والطالبات وكذلك منسوبي ومنسوبات المدارس حرصاً على توفير بيئة أكثر أمناً وستكون على النحو التالي:
- التأكيد على المدارس ضرورة إبلاغ ولي الأمر بتغيب ابنه أو ابنته عن المدرسة خلال النصف ساعة الأولى من بدء اليوم الدراسي.
- تقع ضمن مسؤولية إدارة المدرسة متابعة حركة السيارات أمام بوابة المدرسة وتكليف منسق الأمن والسلامة بمراقبة الحالة العامة لحركة السير أمام بوابة المدرسة وتسجيل تقرير يومي بذلك .
- تقوم الإدارة العامة للأمن والسلامة المدرسية بإعداد برنامج تدريبي لمدة ساعة، وتنظيم دورة تدريبية للطلاب في كل فصل دراسي لتوعيتهم بالمخاطر التي قد يواجهونها داخل المدرسة أو خارجها.
- إعداد قاعدة بيانات في المدرسة لتحديد وسيلة النقل التي يصل بها كل طالب أو طالبة إلى المدرسة (النقل بواسطة ولي الأمر، بواسطة سائق خاص، نقل حكومي، نقل خاص) على أن تشمل أرقام التواصل المباشرة مع ولي الأمر والسائق ورقم لحالات الطوارئ واعتماد البيانات من ولي الأمر.
- التأكيد على شركة تطوير للنقل التعليمي باستمرار تطوير نظام السلامة في حافلاتها ولدى المتعهدين الذين تشرف عليهم.
- التنسيق مع هيئة النقل العام للتسريع بإصدار الترتيبات التنظيمية للنقل التعليمي.
- الترتيب لعقد ورشة عمل تشارك فيها وزارة النقل ووزارة الشؤون البلدية والقروية والإدارة العامة للمرور والإدارة العامة للدفاع المدني لمناقشة سبل تطوير وسائل النقل وحركة المرور أمام المدارس، للخروج بحلول وبدائل تسهم في رفع مستوى السلامة.
- تنظيم الإدارة العامة للإعلام والاتصال في وزارة التعليم حملة إعلامية توعوية تستهدف منظومة الأمن والسلامة وتكون موجهة الى أولياء الأمور والطلاب والطالبات ومنسوبي ومنسوبات المدارس وكافة أفراد المجتمع.
تنظيم النقل التعليمي
كانت ترتيبات وزارة التعليم ضمن دائرة مسؤوليتها داخل المدرسة وفي محيطها، وعلاقتها بسائقي حافلات الوزارة. لكنّ نقل الطلاب متشعب أكثر، فهناك نقل طلابي يتمّ عبر مؤسسات وشركات خاصة. لكنّ هناك نوعاً من النقل التعليمي أوسع بكثير جداً، هو تشغيل السيارات الخاصة، بواسطة سائقين وسائقات، وهؤلاء يعملون لحسابهم الشخصي، ولا يتبعون منشآت مرخصة.
ضعف الرقابة
إلا أن هذه التدابير في حاجة إلى تدابير أخرى مكملة خارج محيط المدرسة، وخارج منظومة النقل التابعة للوزارة. وهذا ما حدث على يد وزارة النقل والخدمات اللوجستية التي أصدرت تنظيماً يخص قطاع النقل العام والخاص، ويشمل ذلك السائقين لحسابهم الخاص.
وهو ما يعني أن منظومة التشريع منفذة. ومع ذلك؛ فإن الجانب الرقابي ليس واضحاً حتى الآن، الأمر الذي يفرض تنبيه التنفيذيين في وزارة التعليم ووزارة النقل والخدمات اللوجستية، والإدارة العامة للمرور، إلى ضرورة إيجاد آلية رقابة، والإعلان عنها، لضمان تنفيذ التشريعات، ميدانياً، والتزام السائقين بالمعايير المحددة، من أجل سلامة أبنائنا وبناتنا.