حادث الرامس.. شاهدة عيان: كان هذا الصغير هائماً على وجهه لم يتوقف صراخه حتى وهو بين الأطباء في المركزي

وأنا في طريقي إلى روضة ابني بالرامس لأخذه، عند الساعة ١١:٣٥- ١١:٤٠، رأيت حافلة مقلوبة وبالقرب عمال يركضون باتجاهها.

أبطأت من سرعة السيارة، وصرت أستكشف المكان بعيني، ولم يكن ببالي أن أتوقف، بل كنت أحدث نفسي أن الحافلة ممكن أن تشتعل في أي لحظة، حتى لمحت طفل وطفلة على الرصيف.

أوقفت السيارة على جانب الشارع، ونزلت بسرعة متجهة للأطفال الصغار، وحين وصلت وجدت أنهم أصيبوا بجروح سطحية، أدرت رأسي يمنة ويسرة، فرأيت طفلاً يمشي مبتعداً عن موقع الحادث، ويبدو عليه أنه يمشي بلا وعي من شدة الخوف.  

ذهبت إليه، وقلت له: ماما تعال معي، هذا المكان خطير، رفض دعوتي ولم يستجب لي، ثم أدركت وأنا أحدثه أن عنده تأخر في النطق، لكنه كان يفهم ما أقول.

كانت ملابسه ممزقة وينزف الدم من رأسه، وبيده الكثير من الجروح، كما لاحظت وجود قطع صغيرة من الزجاج حول عينيه.

أخذته وجعلته يستلقي واضعة رأسه في حجري، ونزعت عنه الجاكيت الخارجي، ثم طلبت قطعة قماش من الموجودين.

في البداية كان أغلب الموجودين أو كلهم رجالاً من الجنسية المصرية، نزع أحدهم قطعة من ملابسه وأعطاني إياها، وساعدوني في لف رأسه، ثم حاولت أنظف أجفانه من الزجاج العالق فيها؛ لكني انتبهت إلى وجود فتات من الزجاج داخل عينيه.

وعلى الفور اتصلت بـ 911، وحين بدأت في إعطائه معلومات الحادث أخبرني أنه يوجد بلاغ عن نفس الحادث في نفس المكان،  وأن السيارة قادمة.

طلبت منه أن يستعجل، وأوضحت له أننا نحتاج أكثر من سيارة لإسعاف المصابين، لأن العدد كبير وأغلبهم أطفال والبعض ينزف وحالتهم طارئة.

وفي خضم انشغالي بالطفل، كنت أسمع صراخ طفل آخر، وسمعتهم يقولون أن يده بترت، ورأيت الرجال متحلقين حوله لمساعدته، ومحاولة نقله إلى المستشفى بسيارة خاصة.

 بنت محجبة من ذوي الهمم كانت تجلس بجانبي، طلبت مني المساعدة وتشير إلى رجليها، آلمت قلبي كثيراً، إنما كان تركيزي منصب على الطفل بين يديّ، فلم أكن قادرة على تركه، بل كنت أخشى أن يغيب عن الوعي، ولكن الله لطف بحاله وظل يتجاوب معي ويحاول أن يعبر عن ألمه ويشير إلى يده المتجرحة.

كان الوضع مؤلماً جداً…

نظرات الأطفال، خوفهم، وبكاؤهم شي يقطع نياط القلب، كنت أتمنى لو كان بمقدوري أن أضمهم جميعاً إليّ وأسكن روعهم.

لم يمض وقت طويل حتى زاد عدد الناس القادمة للمساعدة،  ولحسن الحظ كان من ضمنهم شخص يفهم في الإسعافات الأولية، فلم يدخر جهداً في مساعدة المصابين قبل وصول الإسعاف واستمر في ذلك حتى بعد وصول الإسعاف.

ما إن وصلت سيارات الإسعاف حتى طلبت منهم مساعدة الطفل الممدد في حجري، وفعلاً جاءوا لحمله إلى السيارة، لكنه كان ممسكا يدي بقوة، وكأنه يقول لي تعالي معي، لا تتركيني.  

بعدها صرت أتنقل بين باقي الأطفال، ولله الحمد كان أغلبهم وضعهم بسيط ومعهم ناس يقدمون لهم المساعدة.

رجعت إلى الطفل في سيارة الإسعاف، فوجدته متضايقا من فتات الزجاج بعينه، وألمه كان واضحاً، خاصة من جرح رأسه الذي ما زال ينزف رغم تغيير القماشة بضماد طبي أكثر من مرة، فجلست، مرة أخرى، بجانبه في السيارة ممسكة الضماد الملفوف حول رأسه، في محاولة لتهدأته، كي لا ينزعه، وبقيت معه حتى وصلنا مستشفى الدمام المركزي.

تواصل المسعفون مع الأهل وعرفوا مكان ابنهم، وبعدها رجعت إلى منزلي، لكن الطفل بقي يشغل تفكيري، وصوت آهاته، وأنينه تخترق أذني حتى الساعة.

أمنياتي الصادقة أن يكون بصحة وعافية وأفضل حال.. هو وبقية الأطفال.

المواطنة

بيان النمر

تنويه:

بفضل الله؛ نجا الطفل، وكانت إصابته كسراً في إحدى يديه، وجرح في الرأس، ووضعه العام طيب، وما زال منوماً في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام،

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×