مصيبة آخر ليل مع زوجي المختلّ كيف أقول لأطفالي إن والدهم في مستشفى الصحة النفسية..؟

جذبتني أناقته اللافتة، ثوبه ناصع البياض، والمكوي بعناية فائقة، ونسفة غترته، وتشذيب لحيته، إلى لمعان حذائه، ومشيته الهادئة الرزينة إلى رائحة عطره، وتقاسيم وجهه، أسباب جعلتني أتعلق به بل أغرم به حدّ الجنون…

يوم جاء لخطبتي قد بلغتُ الخامسة والثلاثين من عمري، كان كل شيءٍ يسير عادياً بل وطبيعياً، وكأي مخطوبين كان يأتي كل ظهرٍ يتناول طعام الغداء معي بعد انتهاء دوامه ثم يذهب لمنزله، ولأن أبي كان متشدداً فلم نخرج معاً، ولم نجلس وحدنا فكانت أمي تجالسنا طوال فترة خطبتنا، حتى تزوجنا ومرت الأيام سريعاً وزاد تعلقي وحبي له كثيراً، لكن في كل مرة تلمح أمه ليّ بأن لا أفكر بالإنجاب مطلاقاً ولم أكن أعلم لماذا توصي عليّ هذه الوصية الغريبة، هل يوجد أم في العالم لا تريد أن ترى أحفاداً لها؟

مصيبة آخر الليل

المفاجأة الكبرى بدأت بينما كنتُ نائمة ذات مساء، سمعته يصرخ بأعلى صوته: قومي اطلعي من البيت، وهو يرمي ملابسي على الأرض، وأشيائي ، ويحطم كل أثاث الغرفة بطريقة هستيرية جنونية، حتى أنه خنقني بيديه القويتين ولولا لطف الله ثم أمه لمتُّ من ساعتي، وخرجتُ فعلاً ليلاً أسير لوحدي لمنزل أهلي أجر أذيال الذهول والخيبة متسائلة ماذا حدث له …؟

بعد هذه الحادثة، علمنا أنا وأهلي أن زوجي يعاني من اضطرابات نفسية لم يحددوا ماهي طبقاً لكلام أخوته، وأن هدوءه طوال الفترة الماضية أي من أيام خطوبتنا إلى قبل أيام من ليلة الحادثة تقريباً كان يتناول أدويته تحت إشراف أخوته جعلته في حالة طبيعية جداً، ولكنه انقطع عنها بعد ذلك.

زوجوه ليعقل

وعلى وقع مقولة زوجوه ليعقل، لم يعقل زوجي بل زادت حالته يوماً بعد يوم نتيجة رفضه للدواء، وتبدل حاله من حالة الأناقة إلى حالة أشبه برجل متسول، وهنا قررتُ العودة إليه رغم تحذيرات أهلي لذلك، وإصرارهم على تطليقي منه خاصة بعد زيادة نوباته وخروجه في الشارع تائهاً بملابس نومه وشروده عن العالم وهذيانه بكلماتٍ غير مفهومة، وفصله عن العمل لتغيبه، ولأني مغرمة به رفضتُ الانفصال عنه، وقررتُ مساعدته على الشفاء وإقناعه بتناول الدواء، وفعلاً كما خرجتُ ليلاً من منزله مطرودة منه، سحبني من منزل أهلي لمنزله ليلاً دون علم أحد.

زعل أهلي

عندما علم أهلي صباحاً أني تركتهم لمنزل زوجي زعلوا كثيراً خاصةً أبي الذي تألم لرجوعي لزوجٍ في نظر المجتمع “مجنون”، ولكني لم أتعامل معه بهذه الوصف بل وجدته مريض نفسي يحتاج للعلاج والمتابعة والحب والحنان، وفعلاً عكفتُ على العناية به ليل نهار وتحمل اضطراباته الصعبة التي تحولت للعزلة تماماً والابتعاد عن كل المحيطين به إلا أنا، وفي هذه الفترة حملتُ بأول طفلٍ لي، لم يستوعب حملي وكأنه أول مرة يسمع بوجود جنين في بطن امرأة ظل يضحك كثيراً إلى أن تحول إلى شخص آخر أكثر عنفاً وبدأت نوبة جديدة معه وأخذ يرمي كل شيء أمامه نحو الحائط بطريقةٍ هستيريه ويصرخ أخرجي من المنزل والآن.

كر وفر

أصبحت حياتي معه كر وفر، يطردني ليلاً ويسحبني لمنزله في ليلةٍ أخرى، وكل هذا أمام أبي الذي لم يعدّ يتحمل المزيد من فضائح زوجي واضطراباته الجنونية التي بدأت تطال الجيران إلى أن وضعتُ طفلي في منزل أهلي بهدوءٍ نوعا ما، وقبل أن انهي أربعين يوماً على ولادتي جاء يطلبني للذهاب معه لمنزله، هنا رفضت العودة معه بحكم أني لم انتهِ من الأربعين، لكنه أصرّ وحاول ضربي ولأني خفت من سماع أهلي صوت شجارنا خرجتُ معه مع طفلي ليلاً كالعادة.

طفل جديد

ما أنهى طفلي أربعين يوماً حتى حملتُ مجدداً، مما زاد سخط أهلي عليّ أكثر وأهله خاصة والدته التي كانت تحذرني من الإنجاب في ظل أب لا يُعتمد عليه في تحمل مسؤولية نفسه، وتكرر على مسامعي زوجناه لتعقليه وتمرضيه لا لينجب أطفالاً.

عزلة دائمة

بعد طفلي الثاني، تحول زوجي لرجل أكثر هدوء وبشخصية أخرى منطو على نفسه ومنعزل العالم الخارجي لا يخرج من غرفته أبداً، حتى أني من كنت أحممه وأقدم له الطعام بنفسي، وأغلق عليه باب الغرفة بالمفتاح بعد أن يتناول الدواء وفقاً لتعاليم أخوته وأمه، ولا يعلم عن أطفاله أي شيءٍ مع أني تمنيتُ يوماً لو يشعر بوجودهما، وحاولت مرات أن أكلمه عنهما، ولكنه لا يصغي إليّ فهو مشغول بهلوسات لا علم لي بها، وعن عدد الجن الذين يسكنون رأسه وغرفته.

اختفاء مفاجئ

ذات يوم استيقظت كعادتي لإعداد طعام إفطاره، وفتحت باب الغرفة المغلقة منذ الليلة الماضية، ولكني لم أجده، بحثت عنه في كل البيت ولم أجد له أي أثر، ذهبتُ لأخبر أمه عن اختفائه وردت عليّ من تحت شرشفها: ذهب ولن يعود أبداً.

فماذا حدث في تلك الليلة وماجد جديدها ولم أبلغ به؟ أسئلة كثيرة ظلت طوال أشهر أفكر بها إلى أن قرر أحد أخوته أخباري بأنه بإمكاني الجلوس في شقتي أربي طفليّ بهدوءٍ وسكينة، طالما أن والدهما في مستشفى الصحة النفسية…!

زوجة لا يمكنها الإفصاح عن اسمها

‫2 تعليقات

  1. غريبة في هذا الزمان أن يوجد مثلك في الصبر والتضحية فإننا نجد من الفتيات من تملك زوجا تحلم به بقية الفتيات وعندها ما تستطيع به العيش عيشا رغيدا ثم ترفضه لمجرد موقف بسيط أو لم يعجبها شيئا في زوجها

  2. امرأة اقل ما يقال عنها أنها مدرسة في الصبر ولعل هذا الامتحان، يبين بشكل واضح المعدن والجواهر النقي، ندعو الله ان يفرج عنكم ويعوضك الله بالعوض الجميل في الدنيا والآخرة ويوفيك اجر الصابرين ويمن عليه بالشفاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×