جواد الرمضان.. ذاكرة لافتة
عبدالله حسين اليوسف
مع كتاب/ جواد الرمضان حارس الذاكرة الهجرية
(المؤرخ الشيخ جواد بن حسين الرمضان )
للمؤلف أحمد علي حمد الأمير
الطبعة الأولى 2023م
جزء من المقدمة
وفي التراث الأحسائي برزت مجموعة من الشخصيات التي انحفرت في الذاكرة الاجتماعية؛ لما خلفته في النفوس من أثر كبير امتد لأجيال عديدة، حتى أصبحت لدى المختصين والباحثين بمثابة السجل التاريخي الذي يُرجع له عند الخوض في أي جانب تاريخي انعدمت فيه المصادر أو ندرت.
تقريظ ناجي بن داود الحرز.
عزم هجري..
يا أحمد فعلُكَ محمود الفضل سيهتف والجود
ووفاؤك بعضُ وفائِكَ في
صفحات كتابك مشهود
وكما قالت الكاتبة شمس علي: (حيث إن العناية الإلهية تلطفت بالصغير اليتيم جواد لتحيك له حياة مطرزة بالإبداع، مكتنزة بالعطاء، مدموغة بالأسفار )
أبرز سمات الشخصية
ذاكرة لافتة:
من أبرز سمات المؤرخ الشخصية، ذاكرته الحديدية اللافتة التي لا تخونه عندما يُسأل في التاريخ والأدب، وذلك إلى أسابيعه الأخيرة حيث أن وجهه أخذ المرض منه مأخذه، بينما تتلألأ ذاكرته بكنوز المعرفة والشواهد التاريخية الموغلة في القدم، متنقلاً بنا عند مجالسته من قرن إلى آخر يصف فيها البلاد والعباد، بطريقة أدبية مذهلة كأنه خريج أرقى الجامعات وأحد أساتذتها، نتيجة الاستدلالات المتراكمة والمتأنية في تحقيق الوثائق ودراساتها.
تشجيع للشباب:
كبر سنه وظروفه الصحية لم يثنيا طيبتة وكرمه وتشجيعه الشباب على طلب العلم والبحث والتوثيق.
لتفكيك لغز تعثر على الباحث حله عند تحقيق الوثائق ودراستها لعلم الأنساب والتراجم .
السخاء بالمعلومة
كان المؤرخ الرمضان جواداً في عطائه، لا يضن على أحد بمعلومة أو وثيقة أو مخطوطة، فكان يسبغ على مُريديه من معين علمه وبحوثه التي بذل من أجل الحصول عليها الغالي والنفيس والجهد الكبير، وربما سافر لأجلها؛ ليقدمها سائغةً للباحث الحذق، لتكون جاهزة لبحوثه ومؤلفاته. حيث اعتاد سردَ المعلومة بشكل علمي وكأنه أستاذ في إحدى الجامعات الكبرى.
وكما قال المؤرخ الرمضان في حواره مع الأستاذ عادل الذكر الله:
إني لا أخاف على المعلومات التي لديّ، فصاحب العلم كريم، ولم أبخل بها يوماً على أحد، وكثير من الكتب ألفت بالرجوع إلى كتابنا هذا (مطلع البدرين) قبل طبعه، وبعض المؤلفين طلبة الدراسات العليا حصل على رسائل الماجستير والدكتوراه من خلال الاستفادة مما لدي، وأتذكر أحد الشباب حضر إليّ ولديه آلة تصوير كبيرة ووضعها داخل المجلس وصوّر ما شاء من كتب ومخطوطات عن الشعراء في الأحساء)
هو الجواد جواد في أرومته
هو الـصـدوق حينما كتبا
شعر / إبراهيم بوخمسين
مصادر بحوثه
قلة المصادر جعلت المؤرخ الرمضان ينتهج سبلاً شاقة في البحث عن مصادر لمؤلفاته وبحوثه العلمية، أتعب نفسه في البحث عنها والعثور عليها منها البحث عن مخطوطات نادرة ووثائق خاصة ووصايا ورسائل قديمة وما أودعها أصحابها في محاريب المساجد. مصادره من تلك الوثائق الخاصة التي لیست موجودة عند أحد غيره .
لقد قام الشيخ جواد بجولات استكشافية للمساجد والأماكن الأثرية في الأحساء، مثل كهوف جبل القارة، ومساجد التهيمية، ومسجد الصفية، ومسجد جواثا – وهو المسجد الذي صلي فيه ثاني جمعة في الإسلام ومسجد الجعلانية في البطالية – الذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى قبل ألف عام تقريباً – ومساجد ومواقع أثرية أخرى في الأحساء، وزار أطلال القلاع والحصون والقرى المندثرة مثل قرية أبي شافع وقرية بني نحو.
رحالاته العلمية:
▪️زيارة المدينة المنورة
▪️زيارة العلا
▪️زيارة سكاكا
▪️زيارة الرجاجيل
▪️زيارة الربذة
▪️زيارة الدول مثل تركيا /مصر /الكويت /قطر /لبنان /سوريا…وغيرها .
تجربته مع الأشرطة (الكاسيت)
لم يكن كتاب (منتظم الدرين) الكتاب الأول الذي سجله على أشرطة الكاسيت وأفرغه من الأشرطة بكتابته في كتاب، حيث استعار عدة كتب وتعامل معها بذات الطريقة، فسجلها على أشرطة الكاسيت، ومنها ديوان الشيخ محمد البغلي، وكشكول الشيخ أحمد الوابل، وكشكول الهمداني العاملي الأحسائي، وكشكول الشيخ أحمد اللويمي، وعدد من الرسائل العلمية الفقهية لبعض العلماء، مثل الشيخ الأوحد أحمد بن زين الدين، والشيخ محمد بن الشيخ حسين آل أبي خمسين، والشيخ محمد بن الشيخ عبد الله العيثان، وغيرهم. فآلة النسخ لم تكن متوافرة خلال فترة التسعينيات الهجرية في البلاد.
ومن مؤلفات المؤرخ الرمضان ما يأتي:
1/ صحيح الأثر في تاريخ هجر، في مجلدين.
2/ الشيخ علي أبو المكارم، دراسة عن حياته وسيرته.
3/قلائد الجمان في تراجم مشايخ آل رمضان.
4/أسنى المغانم في تراجم علماء وأدباء آل أبي المكارم.
5/ ديوان الأحسائيات.
جمعيته:
عرف عن الحاج المرحوم جواد الكرم والتواضع الجم، فكان يستقبل الصغير والكبير بكل رحابة صدر في مجلسه، من طلبة العلوم الدينية والباحثين وأساتذة الجامعات وطلاب الدراسات العليا والمؤرخين والمهتمين برصد التراث والتاريخ ومعرفة الأنساب والتراجم من كل حدب وصوب، ليس فقط من السعودية، بل من جميع دول الخليج.
وكان يستقبل زياراتهم الخاصة على مدار العام منذ سني حياته، إذ كان يستقبل الباحثين في مجلسه بمنزله السابق في صكة الحويش في محلة الفوارس بالهفوف، وكذا في منزله الأخير في حي اليحيى بالهفوف، وكان يستقبلهم بكل أريحية على شكل زيارات خاصة.
ومن هذه الزيارات الخاصة، زيارة الدكتور محمد بن موسى القريني له في صبيحة كل يوم جمعة، حيث كانت لهما جلسات بحثية، ورحلات علمية داخل المملكة وخارجها.
مكتبته العلمية:
شغف المؤرخ الرمضان باقتناء المخطوطات والكتب ليشبع نهمه بالقراءة والمطالعة منذ سني حياته، فكوّن لديه مكتبة علمية زاخرة من نفائس الكتب والمخطوطات النادرة والمجلات والدوريات والوثائق، لتدعم مؤلفاته وبحوثه الغزيرة في التاريخ والأدب، ومؤلفات من قصده من الباحثين وطلاب الدراسات العليا.
إلى الرفيق الأعلى:
ترجل المؤرخ الرمضان عن صهوة جواده، مغادراً محبرته وقرطاسه العتيق .
وافته المنية يوم الأربعاء 27 / شوال لعام 1439هـ الموافق 11/ يوليو 2018م
رحمه الله وحشره مع محمد وآل محمد