مَصيَدة الألماس غرّرت بـ “ندى” فوضعت 110750 ريالاً في جيب “نصّاب” رقم دولي بدأ بـ 200 دولار.. والحلم قفز إلى 750 ألف ريال.. ثم احترقت "الفلوس"
القطيف: أمل سعيد
بـ 200 دولار بدأت “النصبة”، ووصل الرقم إلى خيال 750 ألف ريال، ورتبّب الفخّ لابتلاع 110750 ريالاً، في 3 عمليات احتيال انتهت إلى تبدد الحلم الآتي من رقم دولي..!
هذا ملخص قصة “ندى” التي حضرت إلى مقر “صُبرة” لتروي تفاصيل ما يصلح أن يكون درساً لنا لاتقاء شر النصابين، وسد الثغرات التي يتسلل منها المحتالون ليمدوا أيديهم في جيوبنا فينهبونا، أو نمد أيدينا لهم بأموالنا طواعية فيستغفلوننا ويسرقوننا.
تقول ندى “كانت تردني اتصالات من رقم دولي، ولم أكن أرد عليها، وفي يوم ما، ومن باب الفضول، أجبت المتصل وبعد التحية أخذ يحدثني بمنتهى اللباقة، فعرّف بنفسه وقال إنه يعمل في الاستثمار كوسيط، ولكن ليس أي استثمار، إنما الاستثمار في الألماس”.
تبتسم ندى لتكمل “سمعت عن الاستثمار في الفضة وفي الذهب لكنه حدثني عن الألماس، ومن أجل أن يقوي كلامه قال نحن نستثمر عبر بنك دولي معروف ومضمون، هو بنك الألماس الدولي للتجارة بالألماس، وأكد لا نريد منك سوى 200 دولار فقط لتبدئي استثمارك، وسترين الربح بنفسك وأنت من سيضاعف المبلغ باختيارك حين تتأكدين من صدق ما أقول، وتستطيعين في أي لحظة أن تتوقفي وتحولي أرباحك إلى حسابك، وسيكون معك مستشارك الخاص الذي يشرح لك كيف تتعاملين في السوق، وأوقات البيع والشراء”.
تضيف ندى “رغم أن كلامه أثر فيّ إلا أني رفضت عرضه بشكل قاطع، لكن الأمر لم ينته هنا، ففي اليوم التالي كنت أحكي لصديقتي ما دار بيني وبينه، فقالت لي: لو كنت مكانك لجربت، فربما كان صادقاً، والمبلغ صغير جداً، ليس شيئًا يُندم عليه، قلّبت كلام صديقتي في ذهني، وشعرت بميل كبير للمغامرة، وهكذا كان”.
سوق حقيقية
أعاد الرجل الاتصال بها، فأجابته بلين هذه المرة وأخبرته بأنها ستبدأ الاستثمار بـ200 دولار فقط، ولن تزيد المبلغ.
تضيف “حين سمع الرجل كلامي أبدى إعجابه بطريقة تفكيري، وشجعني على سرعة البدء، لأن السوق منتعش، فأرسل لي رابط التسجيل في السوق، وتفعيل الحساب، وحولت إلى الحساب 200 دولار، وصرت أدخل السوق بشكل يومي وأرى الرسوم البيانية والمؤشرات التي توضح حركة السوق، وأرى معي أناساً كثيرين تبيع وتشتري. وكان المستشار يحضر معي (أون لاين) طيلة فترة عمل السوق، يشرح لي آلية العمل، وكيفية البيع والشراء، ومتى أتخذ قرار البيع ومتى أشتري.. كان كل شيء أراه يبدو حقيقياً تماماً”.
وتُكمل ندى “كان الرجل (المستشار) ذكياً جداً، فلم يكن يضيع الوقت، فبينا نحن نراقب حركة السوق وأرى أسهمي ترتفع، كان يسألني: بعد أن تربحي ماذا ستفعلين..؟ ما هي خططك لو ربحت تلك المبالغ..؟ كان يمنيني بالربح الوفير، ويومًا بعد آخر، ومع ارتفاع قيمة الأسهم التي أملكها، وجدتني أصدق كل ما يقول”.
قفزة الـ200 دولار
كانت الأرباح التي تشاهدها ندى على الشاشة كفيلة بأن تحرك الطمع الذي يسكننا كبشر، فالمئتان أصبحت ألفاً، والألف قفز إلى حدود 10 آلاف دولار، وكل شيء أمام عينيها، فهي من تشتري وهي التي تبيع.
إذن فالأمور تسير بشكل مطمْئن ولا إشارة إلى نصب أو احتيال، لكن هذه الغفلة أكدت للمحتال جاهزيتها النفسية لتصبح صيدأ وفريسة.. بدأ بتحريك الطُعم. تقول ندى “اقترح عليّ أن أزيد قيمة الاستثمار، وبصدق كنت كالمُغيَّبة، فلم أتردد ولم آخذ وقتاً لأدرس الأمر أو استشير أحداً، بل على العكس قدمت طلباً في البنك للحصول على قرض بمبلغ 70 ألف ريال دون علم أحد”.
تسلمت ندى المبلغ وحولته إلى حسابها الاستثماري مباشرة.. تقول “قرابة 20 ألف دولار أدخلتها في الحساب دون أن أشعر بالخطر، واستمرت عمليات البيع والشراء، وأغلب العمليات رابحة، ونادراً ما كنت أخسر في صفقة أوصاني بشرائها”، وبمرارة تضيف “رُغم سعادتي الغامرة بالأرباح التي ظننت أني سأجنيها، لم أخبر أحداً بما أفعل، وكنت أمنّي نفسي بيوم الحصاد، وحينها سأفاجئ به أهلي وأحبتي بالتوفيق، ويا له من توفيق ويا له من حظ”.
قرض آخر
مضت شهور عديدة والأرباح تزيد والمبلغ يتضاعف، لكن ندى لم تضع لها نقطة جني الثمار، ففي كل يوم ربح يوحي لها بأن القادم أفضل..
تقول ندى “كنت أراقب كيف ارتفع المبلغ حتى وصل إلى أكثر من 200 ألف دولار، وهذا يعني أني أصبحت قريبة من المليون ريال، كل ذلك وأنا ما زلت أنتظر المزيد، ولكن ما جرى بعد ذلك بدأ يربك حساباتي، فقد تغير سير العمليات، وبعد أن كانت رابحة في أغلبها، صرت أربح وأخسر، ويوماً بعد آخر صرت أخسر أكثر، لكن (المستشار) كان يطمئنني، ولم أجد من كلامه إلا مزيداً من الخسارة”.
وكما يُعامل الصياد طريدته، فقد كان المحتال، يشد حبال الأمل حتى تكاد تنقطع ثم يرخيها، فما أن يجد أنها يئست من تعافي السوق، حتى يضع لها صفقة رابحة تبعث الأمل إلى روحها بعودة السوق إلى سابق عهده.
تكمل ندى “تسلل اليأس إليّ، وتكلم معي في ذلك، وأخبرني بأن الحل الوحيد لتعويض الخسارة وعودة الحساب إلى المسار الرابح؛ هو إيداع 40 ألف ريال”.
وهنا كانت ندى تخير نفسها بين دَيْن جديد أو خسارة مبلغ قارب على المليون ريال “لم أطل التفكير واقترضت 40 ألف ريال وأودعتها في حسابي الاستثماري، أملاً في انتعاش السوق، لكن الأماني كانت تضمحل يومًا بعد آخر، وفرص الربح تضاءلت، والأشد عليّ كان تجاهل (المستشار) لاتصالاتي، وشيئاً فشيئاً بدأت أشعر بأنني خسرت أموالي”.
تضيف “بعد مدة اتصل بي شخص آخر من نفس الشركة وأبدى أسفه لما حدث معي، وعزى استمرار الخسارة إلى أن (المستشار) كان مهملاً، و(لعّاب)، ولم يعد يتابع المستثمرين تحت إدارته، ثم وعدني بأن الأمور ستتحسن معه وأن الربح والخير قادمان، وصار يتصل بين حين وآخر إلى أن اختفى تماماً، واختفت أموالي معه”.
استرداد المال
وفي محاولة يائسة أجرت ندى اتصالا بالبنك لاسترداد حوالتها البنكية، أو استرداد بعض ما تبقى في حسابها الدولي.. تقول “تواصلت مع البنك هنا للمحاولة لاستعادة المبالغ في الحساب الآخر في البنك الدولي، ووعدوني بالمحاولة، وفي سبيل ذلك عبأت (فورمات)، وأرسل البنك إلى البنك الآخر، وصرت أتواصل بين فترة وأخرى مع البنك لأعرف الجديد، لكن دون أن يكون هناك ما يقال لي، فلا جديد”.
تكمل “وها أنا إلى اليوم أسدد القرض الذي أرسلته بيدي إلى من “لهفه” دون أن يرف له جفن، وهو يعلم بأنني لا أملك تلك الأموال”.