أميرة ونورة.. فكرة “الفلاحة” الـ “مودرن” في مهرجان الورقيات إنتاج الغذاء الصحي من موارد الطبيعة بعيداً عن التدخل الكيمائي

القطيف: نور المسلم

ليس غريبًا على أهل القطيف امتهان العمل الزراعي على مرور الأزمان واختلاف الأجيال، ففي زمان مضى كانت الخيارات تنحصر بين أمرين لا ثالث لهما إما الزراعة أو صيد الأسماك.

إلا أن ما نشهده اليوم، وفي ظل تعدد المجالات العملية وتنوعها لا بد من الإشارة إلى من يختار العمل في القطاع الزراعي، ويسعى إلى تطويره بشتى الطرق بما يتناسب مع عصرنا الحالي، فنحن ننمو بنمو هذه الأرض.

“أميرة المحسن” و “نورة المبشر” لكل واحدة حكايتها وتجربتها في العمل في هذا القطاع، إلا أن خطوطا عديدة مشتركة جمعت بين الحكايتين، ففي كل واحدة منهما روح فلاح تنتظر الولادة وحلم تسعيان إلى تحقيقه والوصول إليه بامتلاك أرض زراعية ليعطوها فتعطيهم وتدور الدائرة.

لم تكن الرحلة سهلة، إلا أن لا شيء مستحيل مع الإصرار فالوصول دائمًا ممكن، حتى وإن كانت الجهود فردية فما وصلتا إليه اليوم يظهر مدى جهودهم المبذولة وعمق إيمانهم بأنفسهم وبقدرتهم على تحقيق الأهداف.

بدأ مشوار “المحسن” انطلاقا من اهتمامها الذاتي بمجال الغذاء الصحي، فلم تترك أي وسيلة تساعدها على تطوير وإثراء معرفتها بهذا المجال إلاّ استعانت بها وصولا بالسفر إلى الخارج لاكتساب المزيد من المعارف، مما جعلها تكتسب خبرة تمكنها من صنع منتجات غذائية باستخدام مواد طبيعية عضوية تساعد على تحسين صحة الإنسان وتجنبه الكثير من الأمراض التي من الممكن أن يتعرض لها.

ومن هنا جاءت الفكرة بدخول هذا العالم ولشدة حماستها نضجت الفكرة بوقت قصير وقياسي، فأطلقت مشروعها “الغذاء الحيوي” بالمشاركة في إحدى الفعاليات المجتمعية التي عرضت فيها منتجاتها للمرة الأولى، ففوجئت بإقبال عدد كبير من الزوار الذين انهالوا عليها بالأسئلة مسرورين ومتعجبين من فكرة المشروع لعدم انتشار ثقافة الغذاء العضوي آنذاك.

وبدعم وتشجيع من العائلة والأصدقاء استمرت بالمشاركة في العديد من المهرجانات والفعاليات إلى أن أكملت عامها الرابع في هذا المشروع ساعية للحصول على دعم مادي يمكنها من افتتاح مخبز لتصنع وتبيع منتجاتها فيه، كما أشارت إلى صعوبة الحصول على مكان يتسع لاحتياجات المشروع، آملة بالحصول على أرض زراعية تمكنها من زراعة المواد الغذائية على نحو صحي قبل أن يكون عضوياً.

وأشارت إلى أن الناس اليوم أصبحوا أكثر اهتمامًا بالغذاء الصحي والعضوي، مما سهل عليها كيفية مخاطبة المهتمين بالمنتجات والإجابة عن استفساراتهم.

وعبرت عن مدى سعادتها بالمشروع وبأنها تأكدت تمامًا من أنها تسير على الطريق الصحيح، إلا أن انعدام المبادرات من قبل المؤسسات والمحال التجارية لعرض منتجاتها في نِقَاط بيع وارتفاع تكلفة المواد العضوية يحد من زيادة حجم مبيعاتها.

وتجربة “المبشر” ليست ببعيدة، فهي تعنى بصناعة الغذاء الطبيعي الصحي الخالي من المواد المصنعة والمهدرجة، وذلك لتعزيز وتقوية الإنتاج المحلي وتقنين الاستيراد من خارج المملكة تبعا لوفرة المصادر وتنوعها.

وبدأت “المبشر” بالعمل على مشروعها “كازا نور” الذي تقصدت فيه اختيارها لهذا الاسم فكلمة “كازا” تعني باللغة الإسبانية البيت وانطلاقًا من هذه التسمية بدأت بصنع منتجاتها التي تتوافر مكوناتها في كل بيت، إلا أنها تميزت بطريقتها وأسلوبها المتفرد في اختيار المكونات ومزجها معا والنابعة من عدة ثقافات مختلفة محلية وعالمية.

كما أنها تجدد في المنتجات على نحو دائم بناءً على اختلاف مواسم الحصاد؛ مما يضفي على المشروع حركة بيع مستمرة وإرضاءً لاختلاف أذواق ورغبات المهتمين بشراء المنتجات.

وأكمل المشروع عامه الثالث بدعم عائلي كبير، إلا أن غياب الدعم المادي كان أثره ملحوظًا على مراحل سير وتطور المشروع، لكنها لم تستسلم لأية صعوبات، واستمرت بالبحث والقراءة والتحصيل المعرفي في مجال طبخ وصنع المواد الصحية والعضوية إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن.

وأشارت إلى أنها اعتمدت بشكل كبير على التسويق للمنتجات من خلال المشاركة في الفعاليات بشكل فعال، حتى تتمكن من التحدث بشكل مباشر ومنفرد مع كل زائر لمعرفة وتلبية احتياجاته والسماع لمقترحاته والإجابة عن استفساراته؛ مما أسهم في زيادة جماهيرية هذا المشروع وزيادة حجم مبيعاته وصولا لمنطقتي الرياض والطائف.

إلا أنها ما تزال تسعى للوصول إلى كل بيت في المنطقة الشرقية على الأقل رغبة منها بتوسيع ثقافة الغذاء الصحي الذي ركزت فيه على مشكلات الجهاز الهضمي كون المعدة هي بيت الداء.

وببادرة اجتماعية وإنسانية حرصت على أن تكون الأسعار متناولة في يد الجميع علما أنها هي من تقوم بكافة الإجراءات بدءًا بالتخطيط للمنتج وتنفيذه، وصولا لتعبئته وبيعه.

وعبرت عما أضاف إليها المشروع من متعة وقدرة كبيرة من الإبداع في مزج المكونات واكتشاف نكهات مبتكرة واكتساب خبرات ومعلومات جديدة، إلا أن حلمها بامتلاك مزرعة لزراعة المواد الغذائية العضوية لا يمكن فصله عن وجود المصنع، حتى تتم فيهما كافة مراحل صناعة المنتج.

وأعلنت بأن منتجاتها في القريب ستكون في نِقَاط بيع متعددة ومتخصصة في بيع المنتجات الصحية والعضوية، حتى تسهل عملية الوصول إليها.

كما أكدتا “المحسن” و “المبشر” أهمية نشر ثقافة الغذاء العضوي في كافة المجالات حرصا منهما على سلامة أفراد المجتمع وعن مدى أهمية وجود فعاليات كهذه الفعالية للمشاركين والزوار ليتمكنوا من ربط جسور متينة بين أصحاب المشاريع والمستهلكين، حتى تكون نتائج هذا التفاعل التبادلي مثمرة.

وأبدتا مدى فخرهما واعتزازهما وسعادتهما بتصنيفهما كفلاحتين حديثتين؛ حيث إنهما تعملان بشكل ما في الزراعة، إلا أنهما راجيتان بأن يصبح هذا اللقب أكثر حقيقة بامتلاك مزرعة لكل منهما.

تعليق واحد

  1. مقال رائع بالتوفيق للكاتبة المبدعة
    وبالتوفيق لأميرة ونورة .. نتمنى انتشار منتجاتهم العضوية والصحية وتوفرها في كل مكان

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×