الذاكرة تستعيد “المأسوف على غيابه”.. تلفزيون أرامكو بدأ البث في 1957 وتوقف عن العمل في 1998
"فنون الدمام" تحتفي بذكرى البث التلفزيوني في الشرقية
متابعة: صُبرة
في 1998م؛ قرّرت شركة أرامكو إغلاق أول محطة تلفزيون في المملكة العربية السعودية والمنطقة الخليجية على الإطلاق، بعد بث استمرّ 41 سنة. جاء قرار الإغلاق في مرحلة فقدت فيها المحطة التي تأسست سنة 1957 جدواها، وسط ثورة الفضائيات المتزاحمة عبر الأقمار الصناعية العالمية.
لكنّ الإغلاق لم يمرّ من دون أثرٍ، خاصة في أولئك الذين كان “تلفزيون أرامكو” جزءًا من ذاكرتهم، وكذلك الذين رصدوا تاريخ المنبر التلفزيوني الأول.
هذا الموضوع كان محل النقاش الذي دار، مساء البارحة، في فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام التي نظمت أمسية ثقافية تناولت الاحتفال بذكرى انطلاق بث تلفزيون أرامكو وتلفزيون الدمام في المنطقة الشرقية.
وتناولت الندوة التي أدارها ماجد القضيب، وتحدث فيها أحمد المحيطيب، وجاسم الياقوت، ومهدي المرازقة، البدايات والحكايات التي تتعلق بأذهان المشاركين في تلك الأمسية الثقافية التى أخذت الحضور في رحلة زمانية تعود إلى عام 1957م، لاسترجاع ذكريات أول بث تلفزيوني في الخليج العربي، بعد مراحل عديدة من التفكير في الإعلام المرئي.
وقالت الذاكرة إن شركة أرامكو تنبهت في عام 1955م إلى أن صحيفتها الأسبوعية ومجلتها الشهرية وجميع مطبوعاتها، لا تؤدّي الدور المطلوب في المجتمع الذي تسوده الأمية، فانطلق التفكير إلى ضرورة إنشاء محطة تلفزيونية تبث من الظهران، ويغطي إرسالها أرجاء المنطقة الشرقية ليصل إلى ما وراء المنطقة من إمارات خليجية قريبة كالبحرين وقطر ودبي.
ومما شجع أرامكو على خوض مجال الإعلام المرئي هو تعلق البعض في خمسينيات القرن العشرين بأول محطة تُدشن وتبث في منطقة الخليج العربي، وقد كانت محطة تلفزيونية محدودة القوة والإرسال بدأت بثها في عام 1954م لبعض البرامج باللغة الإنجليزية حصريًا من أجل الترفيه.
الأمر الذى دفعها لبناء مقر واستديوهات تسجيل وتصوير وبث داخل أسوار مقرها الرئيس بالظهران تحت اسم “تلفزيون الموجة رقم 2″، كما جهزت عربة خاصة لأعمال تصوير وبث الأحداث المحلية من مواقعها.
وقد كان تلفزيون أرامكو أول جهاز إعلامي في منطقة الخليج باللغة العربية قبل سائر الدول العربية، ولعب دورًا كبيرًا مؤثرًا في تثقيف وتسلية وتوعية الجمهور.
ومن جهته قال “جاسم الياقوت “سعدت كثيرًا في هذه الأمسية الجميلة بمناسبة اليوم العالمي للتلفزيون من خلال اللقاء الحوارى في مقر جمعية الفنون والثقافة بالدمام.
وسرد “الياقوت”، ذكرياته مع انطلاق محطة تلفزيون أرامكو لأول مرة في يوم 16 سبتمبر عام 1957م، حيث كان لدورها أثر بارز في تشكيل فكرنا وثقافتنا، فقد كانت مصدرًا غنيًا للثقافة والتوعية والترفيه، من خلال برامجها المحلية والعربية والأجنبية العديدة، وشارك في تطوير أبناء المنطقة الذين انخرطوا في العمل الإعلامي في ذلك الوقت، وكثير منهم قد ابتعث إلى أمريكا للتدريب في الإخراج، أو في الإعداد والتقديم.
ذكرى تلفزيون أرامكو وتلفزيون الدمام تزاوجت البارحة، وهو ما دعا مدير عام القطاع الشرقي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، ومدير تلفزيون الدمام، مهدي المرازقة إلى أن يقول لـ “صُبرة”: نحتفي في اليوم العالمي للتلفزيون بذكرى عزيزة علينا خاصة مع استرجاع الذكريات لتلك المرحلة من انطلاق العمل في تلفزيون الدمام، فالعمل في هذا المجال يقدم عمل ابداعي مميز من الدرجة الأولى، وبما تحتويه من رسالة ثقافية واقتصادية ورياضية منوعة، وسيبقى التلفزيون موجوداً وقوىاً وثابتاً ولن يتأثر رغم كثرة وسائل التواصل الموجودة حالياً.
ومن جهة الجمهور تحدث “ماهر الغانم” عن بدايات عمل والده مع تلفزيون أرامكو فى الخمسينات والستينات من القرن الماضي حيث كان يعد برنامجا صحيا، وانتقل إلى العمل بعد ذلك في تليفزيون الدمام عندما طلب منه ذلك نظرا لخبرته الإعلامية التى اكتسبها من العمل في تليفزيون أرامكو.
وبين الغانم، كيف كان لظهور تلفزيون أرامكو في المنطقة الشرقية من تشكيل ذائقة الجمهور وثقافته ومعارفه بالكثير من الحكايات والطرائف والمشكلات التي حصلت منذ أن ظهر الجهاز في المنطقة، واستعانت الشركة بعديدٍ من الإعلاميين العرب الذين قاموا بإعداد وتقديم برامج متنوعة، وعملوا على دبلجة الأفلام الأجنبية، وعلى نقيض ما كان يعتقده البعض، فإن تلفزيون أرامكو لم يرسخ الثقافة الغربية، بل كان عاملًا مهمًا في نشر الثقافة العربية.