وسط العوامية.. أمّهات واجهن الصعاب وأطفال تمسكوا بالحياة

العوامية: فاطمة آل محمود

تجارب وقصص جديدة عاشتها الأمهات، رُويت عبرهن إلى فعالية الأطفال الخدج بالرامس وسط العوامية، لتوعية النساء بطريقة التعامل مع أمر وارد الحدوث لأي امرأة في فترة الحمل.

من ضمن التجارب التي شهدتها الفعالية، قصة الطفلة الخديج بتول آل مويس، على لسان أمها فاطمة، حيث قالت لـ صُبرة “بعد تعرضي لانفصال المشيمة في الأسبوع الثامن عشر تكثفت مواعيدي وزياراتي إلى المستشفى وذلك لحالتي الحرجة، وقد تم إعطائي مثبتات وعلاجات، وحاولت جاهدة أن أتفادى الولادة المبكرة، لكن المحاولات باءت بالفشل واستسلمت للأمر الواقع”.

وأضافت “اضطررت بعدها للمكوث على السرير الأبيض حتى ولدت ابنتي في الأسبوع الرابع والعشرين، وكان ذلك عام 2012م، كان وزن ابنتي حينها يبلغ 660 غرام، ثم انخفض إلى 500 غرام بعد يومين من ولادتها أي نصف كيلو فقط، وقد استدعت حالتها أن تبقى في العناية المركزة للأطفال الخدج وأخذ العلاجات اللازمة وتحت العناية الفائقة، وبعد مشقة الزيارات لها وتحمل عناء الذهاب والإياب والمضاعفات التي صاحبتها مع المشاكل والصعوبات، بحمد الله خرجت معي إلى المنزل بعد 39 يوماً”.

وتابعت “لم تكن المصاعب أقل مما كانت عليه، إذ واجهت مشقة كبيرة وعناء، فلم يمر شهر دون أن تتعرض لوعكة صحية، وكانت تأخذ مضاداً حيوياً بشكل شهري لشدة ضعف مناعتها، ولكن ولله الحمد ثابرت وجاهدت في العناية بها وبتغذيتها بشكل كبير، كما أوصاني الأطباء حتى هذه اللحظة، وقد وصل عمرها الآن 12 عاماً وصحتها بخير والحمدلله.”

من 900 غرام الى 47 كيلو

من جهة أخرى روت الممرضة مي التاروتي تجربتها في ولادة ابنتها الخديج “جود الطوال” وقالت “أثناء حملي بطفلنا الأول وفرحتنا الأولى كانت المفاجأة بنزول ماء الجنين، مما اضطرني للمكوث على السرير الأبيض لمدة شهرين، عانيت خلالها مصاعب أنني سأضعها قبل الشهر التاسع كما هو متعارف، وبقيت على هذ الحال حتى أذن الله لأبنتي في الخروج إلى هذه الدنيا في الأسبوع الـ 29”.

وأضافت “لقد كانت فترة لا تنسى وشاقة، فقد ولدت ابنتي بوزن 900 غرام فقط، واحتاجت إلى المكوث شهرين في العناية المركزة للأطفال الخدج، ولا أخفيكم لقد كانت المخاوف بشأن وفاتها كبيرة، فلا شيء مضمون بهذا الوزن الصغير.”

وتابعت “بالرغم من أن الطاقم الطبي كان يطمئنني ويقدم لي جميع أنواع الدعم سواء نفسي أو تثقيفي، وبالرغم من كوني ممرضة وقد تعرضت إلى مشاكل مشابهة لكنني عندما واجهت هذا الموقف مع فلذة كبدي، فقد كانت التجربة مختلفة جداً والمخاوف أعمق، فقد كانت ابنتي ذات الـ 900 غرام تعاني من صعوبات حتى في الرضاعة، حيث يبطئ ذلك من نموها وتحسنها، حيث أخذت الحليب عن طريق أنبوب، وقد كانت تتحسن يوماً فأطمئن وأحمد الله، ثم تنتكس حالتها أسبوعاً أخر فأصاب بالهلع والقلق، وقد كانت أمورها لا تستقر على وتيرة صحية واحدة، وتتذبذب، ولا شيء مضمون، ولم أكن أملك إلا الدعاء والصبر.”

وأردفت “شاء الله وبعد شهرين، أن تخرج ابنتي معي إلى المنزل بوزن كيلو و 900 غرام، وبعدما تخطينا هذه المرحلة لكننا بدأنا رحلة شاقة أخرى، فقد كانت مناعتها ضعيفة جداً، وكنت أخاف جداً من حملها أو السماح لأحد بأن يحملها حتى لا تنتقل لها أي عدوى، وكنت أحرص جداً عليها، وأمنع الجميع حتى من رؤيتها حتى لا تتعرض لوعكة صحية تُدخلها المستشفى مرة أخرى، وألتزم بمواعيدها الكثيرة وأدويتها التزام تام”.

وأضافت مي “كنت أم جديدة ولم تكن لدي خلفية عن الأطفال الخًدج، ولم تكن المعلومات متوفرة مثل الآن، لكن الطاقم الطبي لم يقصر معي فقد عشت التجربة جميعها بوعي كافي ،وأعطوني معلومات كافية أستطيع بها مواجهة مصاعب رعاية الطفل الخديج، وأحب أن أنشر تجربتي وأخبر الأمهات القلقات أن ابنتي ذات الـ 900 غرام اليوم وزنها 48 كيلو، وعمرها 18 سنة، وهي بصحة تامه وعافية الحمد لله، كما أنها ذكية ومتفوقة، ورسامة، ولديها مواهب كثيرة، وهي الآن في أول سنة لها في الجامعة، وأتمنى لها وللجميع مزيداً من التفوق وتحقيق الإنجازات.

في زاوية أخرى من زوايا التجارب، روت زينب البشراوي تجربتها مع ولادة توأمها الخدج (هادي ومهدي جمال آل موسى) لـ “صُبرة” قائلة “كنت كأي أم أنتظر فرحتي الأولى وحملي الأول، لكن المفاجأة بدأت حين اكتشفنا في مراجعات الحمل أنه لم يكن طفلاً واحداً بل طفلين، توأم ذكور”.

وأضافت “سرعان ما انقلبت الأمور، فما إن أكملت الشهر السادس، وإذا بي أحس بآلام متفرقة فكنت أهدأ نفسي وأقول لعلها طبيعية، فهي تخف تارة وتزداد تارة أخرى ولا أعرف السبب، فكنت حينها في عمر الـ 18 عاماً، ولا أفقه شيئاً”.

وأردفت ” بدأت الآلام بالانتظام شيئاً فشيئاً، وبدأت التقلصات تزداد حدة، وحينها شك الجميع في أمري ونصحوني بزيارة الطبيب بسرعه لكنني رفضت، ولا أخفيكم أنني كنت في خوف وكان أهلي ينقسمون إلى قسمين، قسم يقول يجب مراجعة الطبيب فهذه أعراض طلق مبكر، والقسم الأخر يقول لا يمكن ذلك، فممكن أن تكون أعراض طلق كاذب أو إعياء بسبب وضع الأجنة وضغط الرحم وهذا شيء طبيعي”.

وتابعت “لصغر سني وقلة خبرتي ووعيي في هذا الجانب استسلمت للألم ولم أستطع اتخاذ القرار، بل استدعت حالتي بعد ليالي عصيبة دامت مدتها 14 يوماً تقريباً من تحمل هذا الألم أن أتجه للطوارئ فوراً، وفعلاً حينما وصلت أخبرتني الطبيبة بأنني في مخاض وسألد”.

وأكملت “وبالفعل ولدت أطفالي عند أذان المغرب كما أتذكر، وكان ذلك في تاريخ 7\4\1437هـ، أحدهم كان يزن كيلو و90 غرام، والأخر وزنه أقل من أخيه فقد كان 990 غرام، وكانوا صغاراً جداً ووضعوهم فوراً في العناية المركزة، وكانت أعضائهم غير مكتملة النمو، ومن ضمنهم الرئة والكلى وكان لديهم نزيف داخلي في المخ ووضعهم كان حينها صعب جداً، دخلت وقتها في حالة توتر وقلق شديدين خصوصاً أن تحسن مثل هذه الحالات يصبح بطيء وغير مؤكد تماماً.”

وأضافت “ظلوا في العناية المركزة، وفي اليوم الـ 20 اتصلت بي المستشفى لأتلقى الخبر الصادم، توفي أحد أطفالي وكان ذلك كله بدراية سابقة أن كليته لا تعمل بشكل كافي لإخراج السوائل مما أدى إلى تجمعها داخل جسمه، وكانت الحالة الصحية له والنفسية لي مع الأسف في تدهور، لا أخفيكم المشاعر فقد كنت كأم فقدت طفلها، وكأم قد تفقد أطفالها، خوف، وحزن، وصدمة، مررت بكل تلك المشاعر الأليمة التي لا تُنسى.، لكن الحمد لله على ما أعطى وما أخذ”.

وأردفت البشراوي، كان أملي بالله كبير، لكن خوفي كبير أيضاً أن أفقد الاثنين معاً، فقد كان ينتكس يوماً ويتحسن يوماً وهكذا إلى أن استقر وضعه ولله الحمد، وخرج معي إلى المنزل بعد قرابة الشهرين.”.

وقالت كانت مرحلة شاقة جداً ومُتعبة على الصعيد النفسي والجسدي، كان حينها يستمر على دواء للتشنج لمدة 6 أشهر حتى لا يؤثر عليه النزيف الداخلي الموجود في المخ، حيث أن الطفل الذي يأخذ دواء التشنج لا يكون كسائر الأطفال في الوضع الطبيعي، فهو يكون كالدمية المتحركة (لا يبكي، ولا يتفاعل، ولا يتحرك، ولا يطلب الرضاعة، ودائماً نائم، ولا تكون له أي ردة فعل أبداً)، فكنت أتعامل معه عن طريق توقيت منبه على مدار اليوم لرضاعته، وأدويته، وتغيير ملابسه، واستمر تحت عنايتي في المنزل، كنت أميز انتكاس حالته الصحية أو تحسنها عن طريق لون وجهه فقط، حتى أنه كان يرضعه وهو جالس، حتى لا يدخل الحليب إلى الرئة”.

وتابعت “بعد الـ 6 أشهر أوقف الطبيب المختص دواء التشنج والخطة العلاجية السابقة، وبدأ طفلي “هادي” بالتفاعل وأصبحت لأول مرة أحس بشعور أن لدي طفل ليس دمية، وبدأ التحسن باستمرار وأصبح طبيعياً شيئاً فشيئاً، وهو الآن في سن الثامنة، وهو ذكي ونشيط وفي تمام الصحة والعافية ولله الحمد.”

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×