[فيلم] طهران.. في ليلة عاشقين متورّطين بالقانون…! "اختفاء" تعبيرٌ عن تعارض تيارات المجتمع حول مأزق المرأة

كتب: حبيب محمود

في الكذبة؛ استقلت “سارة” الحافلة المتجهة إلى شيراز، حيث تدرس في الجامعة.

في الحقيقة؛ ذهبت ابنة الـ 19 مع صديقها في موعد مسروق. وانتهى “عسل” الموعد بـ “مـُرّ” بداية الفيلم. نزلت “سارة” قريباً من مستشفى، ودخلت الطواريء، وادّعت أن سائق أجرة اغتصبها أثناء عودتها من زيارة صديقتها..!

المعضلة ليست في فقدها عُذريتها فحسب، بل في نزيف يستلزم تدخلاً جراحياً. على أحدٍ من أهلها الحضور. اتصلت الفتاة؛ فجاء أخوها، وبدأ يصرخ في ممرّ الطواريء حين شاهدها خارجةً من عيادة طبيبة النساء. بدأ الحدث، وكأنّه داخلٌ في تعقيدين جديدين..!

الشاب ليس أخاها، بل خليلها. وطبيبة النساء؛ لم تقتنع بزعم الاغتصاب. الطبيب الشرعيُّ هو من يحسم الأمر، قبل التدخل الجراحي الضروري لوضع حدّ للنزيف. هرب العاشقان من المستشفى خلسة. قصدا مستشفى آخر؛ وادّعيا أنهما زوجان جديدان، وطلبا المساعدة الطبية..!

حسناً؛ النزيف خطر، والتدخل الجراحي بسيط. وكلُّ شيء على ما يُرام، باستثناء أن القانون يفرض موافقة الزوج. ذلك سهل أيضاً، لكن لا إثبات لهذه العلاقة الشرعية. تعقّد الموقفُ مجدداً. ولم يهرب العاشقان هذه المرّة، بل خرجا حاملين اقتراح مسؤول التمريض “اذهبا إلى مستشفى خاص.. الإجراءات أقلُّ تشدداً”.

لكن “القانون لا يتغيّر في المستشفى الخاص” كما قالت مسؤولة التمريض في المستشفى الذي لجأ إليه العاشقان. إذا كنتما زوجين فأثبتا الزوجية، أو فليحضر والد الفتاة، خاصّة في مثل هذه الحالة. مسؤولة التمريض قدّمت مساعدة، هي إعطاء الفتاة محلولاً وريدياً للتحكم في ضغط الدم الذي انخفض جرّاء النزيف…!

مثل أي قصة شرقية من هذا النوع؛ تتعقّد الأحداث تباعاً. يحصل العاشقان على مساعدة أصدقاء “عشاق” أيضاً. إلا أن الليلة الطهرانية بدت طويلة جداً. والدة الفتاة تتفقّدها هاتفياً، فتردُّ بأنها ما زالت في الحافلة المتجهة إلى شيراز، وراكبوا الحافلة نيام. في حين إنها تتجوّل في شوارع العاصمة الفارغة بحثاً عن مُنقذ، بحثاً عمّن يمكنه إجراء العملية البسيطة التي تُوقف النزيف..!

“الاختفاء” فيلمٌ اجتماعيٌّ واقعيٌّ، ومثلما بدت مشاهده الأولى غامضة؛ كان مشهده الأخير أشدَّ غموضاً. لم يبدُ وعظيّاً، أو كارثيّاً، وبالتأكيد ليس إثاريّاً. وعلى العكس من ذلك كله؛ بدت شخصيّاته معبّرة عن مجتمع يتعايش فيه تيّاران متضادّان من الحريّات الاجتماعية، أحدهما ترمز إليه أُسرة الفتاة “سارة” المحافظة إلى حدّ خوفها من القتل لو تسرّب إليها خبر وجود علاقة لها، فضلاً عن إقامة علاقة مباشرة.. والأفدح فقدها أهمّ ما تملكه أي فتاة شرقية.

والتيار الآخر منفتحٌ بحيث لدى صديقتها طالبة الطب “خليل” يعلم أهلها عنه. ناهيك عن صديقتها الثالثة التي كانت في سهرة فندق برفقة “خليل” لها.

بعد منتصف الليل؛ ثلاث فتيات وشابّان يبحثون عن حلٍّ لإيقاف النزيف. عن مستشفى يُمكن أن يتمّ فيه الأمر سرّاً، قبل أن تتدهور حالة “سارة” أكثر، أو ينكشف أمرها عند أهلها. أمضى الشبّان ساعاتٍ من الليل في اتصالات متتالية، لأصدقاء، وأصدقاء أصدقاء، وأصدقاء أصدقاء أصدقاء. ثم جاء الحلّ، أخيراً، على يد طبيب فاسد أنهى العملية البسيطة مقابل مبلغ طائل..!

منذ البداية؛ أخذ صراع الأحداث يتعقّد بين الشابين/ العاشقين والقانون، ثم تعقّد الصراع حين انتقل إلى الشابّين في محاولة الفكاك من المأزق. الشاب وجد نفسه عالقاً في أزمة، ولا ينوي التخلّي عن الفتاة. إلا أن الأخيرة كانت مرتابة في جدّية موقفه منها. مرةً حين فقدته في مستشفى وادّعى أنه في دورة المياه، والأخرى حين قرّر إبلاغ والدها ليُنقذها من مشكلة صحية حرجة. التجربة المرّة التي خاضتها الفتاة؛ انتهت بها إلى “تختفي” في نهاية الفيلم.. نهاية مفتوحة على احتمالات كثيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×