[مشاغبات] فاضل الجابر: الزواج علّمني الصبر.. وأنا لا أبتسم في الصور إذا حاكمتُ نفسي بشكل عادل فسوف أتفرغ لقضايا المتهمين لدي

شاغبه: علي سباع

حين تسأل أحداً عن سيرته الذاتية سيرسل لك معروضاً كمن يرغب في التقديم لوظيفة، لكن الشاعر فاضل الجابر أرسل نصّاً شعرياً، أراد أن يستبق مهرجان الأسئلة بافتتاحية لافتةٍ منه:

متقوّضٌ لا شكل لي في حيلة الألوان

في تقدير هذا الكائن القلق الذي

تتخبطُ الألوان في تأويله شكلا،

تأرجح في المراتب

ليس بالشكل المهلهل

ليس بالشكل الحصيفِ

هو فاضل الجابر، المميّز بشعراته البيض، بلغته الماتعة المانعة، يسبكُ إيقاعه بهدوء متعجّل، أردتُ أن أصطاده بالمخيلةِ فاصطادني باتساعه، لديه ثلاثة دواوين شعرية ورواية واحدة، وعشرون سؤالاً أجاب عنها بخفة:

ماذا لو أنك لم تولد في القطيف (أياً كان مكان ميلادك)؟!

لكنتُ الهباءَ متعثرًا في احتمال هيئته.

ماذا لو عشت حياتك تحت وطأة الحرب؟!

قد تكونُ فرصتي وشيكة جدًا للنجاة من الحياة آنئذ.

ماذا لو أنك لم تكبر أبدا؟!

الطفلُ الذي مازال يجري حافيًا في برك الماء الصغيرة التي ينساها المدُّ خلفه لم يكبر، الطفلُ الذي لم يبتسم قط في صورة لم يكبر.. ولم يكبر ذلك الطفلُ الذي ذهبَ لمدينة الألعاب مرةً واحدةً فقط ولشدة خوفه ألا يوقظ الحلم المتأخر آثر أن ينزوي في زاوية ويشاهد الأطفال الآخرين وهم يمرحون .. لم يكبر ذلك الطفلُ أبدًا منذُ تلك اللحظة.

ماذا لو أنك لم تتزوج؟!

لما نضج صبري أبدا..

ماذا لو أخبرك أحد أصدقائكَ بأنّك ميّت منذ زمن، كيف عدت؟!

عدتُ؟ من قال لك إني عدتُ! لازلتُ في البرزخ أحتطبُ أشجار الأحلام وأعدُّها لأيامٍ كالحةِ الطالع.

ماذا لو وضعت كرةُ الثقافة بيدك، الجدلُ أم الحرية أم الإبداع؟!

كنتُ سأركلها بعيدا لأرى أي مكان تصل إليه. لكني أجزم أن جميع الأشياء أعلاه متعلقة جدا بالحرية فكلما زادت اتسع نطاق الجدل وكبر الإبداع ورجحت الثقافة.

ماذا لو كنت قاضياً، أخبرنا عن المتهمين لديك؟!

إذا استطعت محاكمة نفسي بشكل عادل سأتفرغ حينئذ للنظر في قضايا المتهمين لدي.

ماذا لو عرض عليك دورٌ تمثيليّ بفلم؟ (ما هو الدور، ما موضوع الفلم).

فان هيلسنج في اللقطة التي عوى فيها طويلا بعد قتل حبيبته. الفلم عن العلاقة الأسطورية بفان هيلسنج ومصاصي الدماء. لا أعرف لماذا هذه اللقطة بالتحديد قفزت فوق كل الأفلام التي أعرف لإجابة سؤالك.

ماذا لو كانت حياتك لعبة سودوكو واكتشفت خطأك في أحد الأرقام، تحاول إصلاح الأمر أم تبدأ من جديد؟!

في السودوكو قد يمكنك أن تعرف الخطأ لاحقا فتقرر إنهاء الأمر أو إعادة اللعب من جديد لتتفادى الأخطاء. لكن في الحياة لا شيء يمكن إصلاحه، بعض القرارت هي أخطاء تكتشفها لاحقا. أن تضع رقما في غير خانته، أن يترتب عليه ما لا يمكن أن تواصل الحياة بعده أو حتى الندم عليه.

ماذا لو كانت الحياة لعبةً ؟! (ما هي اللعبة) اشرح الأمر.

نهائي كرة قدم وأنت مدرب المرشح لإحراز اللقب دائما، والمباراة هذه المرة على أرضك وبين جمهورك. ولكن لسوء طالعك يدخل عليك هدفا منذ بداية المباراة فيرتبك حظك، ثم يصاب أفضل لاعبيك وأنت تحاول ترقيع النتيجة على أقل تقدير لكن الوقت يأكلك وأنت تلاحق سير الكرة بين أرجل لاعبي الفريق لآخر الذين سيلعبون أفضل مستوياتهم إطلاقا.

ماذا لو كان شعرك أسوداً؟!

سأكونُ غرابًا مكتمل النمو.

ماذا لو كنت في غرفة التحقيق وكان المحقق شخصا تعرفه؟!

هل يتعلق الأمر بالسؤال رقم (4)؟ ربما يكونُ هذا هاجسا فاتكا أن أتخيل تحقيقا أنا طرفا فيه فضلا عن شخص يعرفني.. الأمر بمثابة خيال طالما هربتُ من إجابته حتى مع نفسي.

ماذا لو طلب منك الإعتذار على شيء لم تفعله؟!

أنا أعتذر للحياة أبدا أني لا أجدُ بدًا من وجودي فيها.

ماذا لو خيّرت ولم تعطَ خياراً، ضع خياراتك واختر إحداها؟!

أن أصبح فاحش الثراء، لم أنظر للخيارات الأخرى لذا لم أستطع كتابتها.

ماذا لو يكن هنالك شعر؟! ما الذي ستكتبه؟!

كنتُ سأرسم. يداي تستطيعان تدبير حيلةٍ في رسم الخطوط وقد تتمرسان لو تم تدريبهما على اقتفاء أثر الشكل وتثبيته على بياض الورقة.

ماذا لو كان العالم حفلة تنكرية؟! (ما الذي ترتديه أو ما الذي ستكونه)

سأرتدي ثياب المهرج، يعجبني الوجه الماكر للمهرج حين يمزج تفصيل الحزن والفرح معا قد يناسبني هذا بشكل يومي أيضا.

ماذا لو كنت تمشي في غابة، ووجدتَ بحيرةً عن طريق المصادفة؟! (صفها لنا)

ما يعلق في رأسي ليس خيالا، هذا الأمر عشته حقيقة في صغري. شمالا توجد بريّة مليئة بالنخيل والأسل والحشائش. مشتبكةً كانت الخضرة فيها وكلما أوغلت في الطريق إلى الغرب في طريق عبّدته الأرجل ورصفته بأحلامها في صيد العصافير الصغيرة الملونة. ما يهمني في هذا أنك ستعبر مجتازا غديرا رقراقا ألهمته إحدى العيون النضّاحة جريانا متواصلا في الأرجاء. مختالا يعكسُ فرح العابرين عليه وابتساماتهم التي لا تتفتحُ إلا في مواسم بعيدة عن الإسمنت والحديد..

ماذا لو كنت شيئاً ما بمحبوبك؟!

ضوء عينيه، قد يكره العالم بعدها

ماذا لو خيرك عدوك بطريقة موتك؟!

أن يخدرني أولا ثم يقتلني بطريقة أنيقة لا تؤذي أحدا يراني.

ماذا لو أعطيت مقصاً لقطع حدث من عمرك؟! (إحكي الحدث)

كنتُ سأقتطع أصل وجودي في الحياة.

———–

* بالشراكة مع قناته في تليغرام.