الربّاع الرضوان.. الحياة الروسية لم تُغيّر معدن ابن ريف التوبي آخر أثر له.. مقطع فيديو عنوانه "الحياة قاسية" نشره في "واتساب"

بدأ لاعب كاراتيه في 1988، وانتهى مساعداً لمدرب المنتخب في رفع الأثقال

عباس آل حمقان

بدأ لاعب كاراتيه عام 1988، وانتهى به المطاف مساعداً لمدرب المنتخب في لعبة رفع الأثقال عام 2015هـ. ومنذ 1999 حافظ نجمُه على السطوع في البطولات المحلية والخليجية والعربية والدولية. وبعد اعتزاله الأثقال؛ اتجه إلى شغفٍ جديد هو الغوص، وسرعان ما تطوّر إلى مدرب في هذه الرياضة.

سافر إلى جمهورية روسيا الاتحادية، وعاش فيها حياة مستقرّة، واستأنف نشاطه الرياضي مدرّباً في صالاتها. ومع ذلك بقي على تواصل مع مسقط رأسه ومجتمعه، ملتزماً الثقافة التي تربّى عليها في بلدة التوبي الخضراء الواقعة على طرف مدينة القطيف..

وصباح أمس الأول الخميس؛ انتفض مجتمع القطيف حزناً على شائعة تتحدث عن وفاته غرقاً. وسرعان ما تحوّلت الشائعة إلى معلومة حقيقية، وأكدت سفارة خادم الحرمين الشريفين في العاصمة الروسية الوفاة، ثم العثور على الجثة في نهر “كليازما”، وعصر أمس؛ نشرت نعياً له، وتعزية لأسرته.

في هذا التقرير الاستقصائي تتناول “صُبرة” تفاصيل حياة الربّاع نجم الرضوان، رحمه الله.

آخر أثر.. مقطع فيديو عنوانه “الحياة قاسية”

في تمام الساعة 11 و 10 دقائق من مساء الثلاثاء (13 نوفمبر الجاري)، نشر الربّاع السعودي نجم عبدالله الرضوان مقطعاً لفيديو تحفيزي عنوانه “الحياة قاسية” في “قروب واتساب” خاص بـ “التوبي للرياضة والمجتمع”.

المقطع أمريكي مشهور، ومنتشر عالمياً، وله ترجمة عربية، وهو يقدّم شرحاً للكفاح والنهوض من كبوات الحياة، حتى في أعتى الظروف والصعوبات.. يبدأ المقطع بشرح واقع الحياة القاسية، لكنه ينتهي إلى ألّا يترك الناس أحلامهم، “يجب عليك متابعة سقْي حلمك”، و “سيقول الناس أنت تعمل في المكان المرموق”. و “قسوة المعركة تُشعرك بحلاوة النصر.. يا لحلاوة الانتصار”. و “تعلم أن الحياة قاسية.. لكنك عاملتها بكفاح”.

بعد هذا المقطع الباعث على الأمل والتحدّي؛ اختفى الربّاع الرضوان، ولم يجد أيّ من أصدقائه والمتواصلين معه إلكترونياً أيّ أثر له.

وصباح أمس الأول الخميس، حاول صديقه ومدرِّبه السابق غالب الفلفل الاتصال به عبر جواله الروسي؛ فجاءه ردٌّ من شخصٍ آخر، يُخبره بأن صديقه الذي تربطه به علاقة تزيد عن 35 سنة قد انتقل إلى رحمة الله، غرقاً، دون تفاصيل إضافية.

نجم موسكو يسبح في المياه الجليدية

في نهار اليوم نفسه؛ ظهر الرضوان في مقطع فيديو، وهو آخر مادة نشرها في حسابه بـ “إنستغرام”. في المقطع ظهر الرضوان وهو ينزل إلى نهر متجمّد السطح. وقد سبح مسافة تُقدّر بـ 10 أمتار، ثم عاد، وصعد من المنصّة النهرية التي نزل منها. وعند صعوده علّق بكلمة عامية قطيفية هي “إبْرِدْنا”، ومعناها بَرِدنا.

السباحة في المياه المتجمّدة واحدةٌ من عادات الرضوان، حسبما يذكر صديقه الفلفل لـ “صُبرة”. وأضاف الفلفل أن صديقه الراحل سبق أن دخل في منافسات في هذا النوع من السباحة الخطرة في روسيا التي يُقيم فيها منذ أكثر من 3 أعوام.

وفي حسابه بـ “إنستغرام” مقطع آخر نشره في مارس الماضي، وهو ينزل في المكان نفسه، وسطح النهر مغطى بسمكة عميقة من الجليد الأبيض.

غموض يلفّ القصة.. والتحقيقات جارية

حتى الآن؛ ما زال الغموض يلفُّ قصة وفاة الرّبّاع السعودي الذي يحمل سجلّاً مشرفاً في رفع راية الوطن في المحافل الرياضية الدولية، على امتداد عقدين على الأقل. وبيان سفارة خادم الحرمين الذي غرّدت به أمس (نشرته صُبرة)؛ أشار إلى “تحقيقات جارية”، ومتابعة من قبلها مع السلطات الروسية، بعد العثور على جثته في إحدى ضواحي العاصمة موسكو، وتحديداً في النهر المعروف بـ “كليازما”.

النهر يبلغ طوله 686 كيلومتر. ويجري في مقاطعات روسية عديدة أهمها: موسكو أوبلاست، فلاديمير أوبلاست، إيفانوفو أوبلاست، نيجني نوفغورود أوبلاست. وينبع من هضبة موسكو بالقرب من مدينة سولنتشنوغورسك، ويصب في نهر أوكا.

حياة الروس لم تُغيّر الرياضي الريفي

يُقيم الربّاع الشهير في موسكو منذ أكثر من 3 سنوات، وهو متزوج، ويعيش حياة مستقرة. وجوده في روسيا مرتبط بالرياضات التي يمارسها منذ صغره. يعمل هناك مدرّباً في حقل تخصصه الأشهر، رفع الأثقال. ويمارس هواياته المحبّبة على نحو معتاد. يمارس السباحة والغوص ويتنزه ويزور المعالم الروسية.

ويتواصل مع مجتمعه وأصدقائه في المملكة إليكترونياً، ويشارك الناس أوضاعهم، مستنداً إلى قاعدة عريضة من الصداقات الرياضية والشخصية، كما يزور مسقط رأسه بحرص. كما يزوره بعض أهله في مقر إقامته.

لم تغيّر الحياة الروسية معدن الرياضي القادم من ريف القطيف، بل احتفظ بثقافته الإسلامية وحرص على واجباته الدينية، وتؤكد بعض مراسلاته مع أصدقائه ذلك. من بينها الرسالة التالية التي اعتذر فيها من مواصلة الحديث مع صديق قديم له هو صالح العمير، وذلك من أجل الصلاة..

من الكاراتيه إلى تدريب المنتخب الوطني

بدأ حياته الرياضية لاعبَ كاراتيه عام 1408، وبعد عامين عدل إلى رفع الأثقال، ليواصل فتوحاته البطولية محلياً، وإقليمياً، وخليجياً وعربياً، ودولياً. جاعلاً من نادي الترجي نقطة انطلاق ومشاركة.

الراحل نجم عبد الله الرضوان اللاعب والمدرب السابق بالمنتخب السعودي ونادي الترجي في لعبة رفع الأثقال خليفة والده تحول من الكارتية التي انضم لها ١٤٠٨ إلى لعبة والده ١٤١٠ لينطلق كبطل سعودي في المنافسات الإقليمية والعربية والخليجية.

في سنوات قلائل؛ برز بوصفه واحداً من أبرز الأسماء في تاريخ لعبة رفع الأثقال السعودية، وجمع سجلاً حافلاً بالإنجازات، وشهد عقد التسعينيات الميلادية قفزات بطولية متتالية له، ثم واصل في العقد الأول من الألفية الجديدة، ليحقّق نتائج استثنائية، إذ يحسب له كونه أول لاعب سعودي وعربي يحصد ثلاث ميداليات ذهبية في دورة واحدة، هي دورة الالعاب العربية التاسعة بعمان – الأردن عام 1999م.

وقد تقلد وسام الملك الأردني وقتها الحسين بن طلال.

وقبل ذلك؛ حقّق المركز الأول في دورة التضامن الإسلامي الأولى في أوج عطاءته بعد أن تكرر صعوده منصات التتويج الخليجية والعربية نهاية التسعينات الميلادية وبداية الألفية الميلادية الثانية.

كما حقق ثلاث ميداليات في بطولة غرب آسيا عام ٢٠٠٥، والمركز العاشر في كأس العالم للشباب لرفع الأثقال ٢٠٠٣ من اصل ٤٠ رباعاً.

ونال البطل الراحل شرف المشاركة في الألعاب الأولمبية أكبر تظاهرة رياضية عالمية بوجوده في أثينا ٢٠٠٤ مع زملائه رمزي المحروس وعبد المحسن الباقر وجعفر الباقر وبعدهم علي الدحيلب وعباس القيصوم ومحسن الدحيلب.

تحطيم الارقام القياسية أمر ليس بالسهل في الألعاب المرتبطة بالأرقام، ولكن نجم الرضوان كان صاحب الرقم القياسي العربي لسنوات من عام 1997 الى عام 2006.

أولوية البطولات الخارجية.. مع الترجي

الفترة الذهبية له في لعبة رفع الأثقال السعودية لم تنحصر في منجزات المنتخب، فكان نادي الترجي الرائد في الإنجازات الخارجية وصاحب الأولوية في تحقيق البطولة العربية الثالثة في الأردن ٢٠٠٦، ويومها حقق البطل ثلاث ذهبيات في وزن ٩٤ كغم، وحقق سابقة آخرى كمدرب بتحقيق البطولة الآسيوية ٢٠١٠ ليعود بعد 4 أعوام ليجمع بين تحقيق البطولة العربية والآسيوية ٢٠١٤ في وقت واحد في الأردن.

وقضى الراحل أكثر من عقدين من الزمن مع أقرانه في نادي الترجي، سواء مع مدربيه كاظم البحراني وغالب الفلفل أو مع لاعبين، أمثال رمزي المحروس وعبد المحسن وجعفر الباقر وحسين مدن وحسن وعدنان السادة، والكثير من أبطال اللعبة الذين تربطه معهم ذكريات جميلة وتشارك معهم المعاناة قبل إنشاء الصالة الحالية في ملاعب نادي الترجي. فقبلها لم تكن لدى النادي صالة للتدريب مع تحول النادي في أكثر من مقر.

مساعد مدرب اخضر الأثقال العالمي

لم يبتعد البطل عن رفع الأثقال اللعبة التي ارتبط بها قلباً وقالباً، وبعد اعتزاله اللعب لم يتوان عن العودة لخدمة الوطن كمساعد للمدرب العالمي التركي كافيرا بداية من البطولة الخليجية في قطر ٢٠١٣ ثم في الدمام ٢٠١٤ وصولا الى البطولة الخليجية ٢٠١٥ في قطر أيضاً، والنسخ الثلاث نصيب الأخضر الأول.

ونجح مع المنتخب في تحقيق المركز الثاني البطولة الآسيوية للشباب بتايلند ٢٠١٤، والمركز الأول في البطولة الإسلامية في أوغندا في العام ذاته، ولعل ذلك من أفضل النتائج في بطولات يشرف عليها الاتحاد الدولي.

إلى الغوص وبناء الأجسام

ما ان توقف الرضوان عن ممارسة رياضة رفع الأثقال؛ حتى اتجه إلى بشغف جديد لا حدود له مع هوايته بالغوص في أعماق البحار، فكانت الجولات البحرية بوابة ليكون واحداً من مدربي الغوص، إلى جانب كونه مدرباً في مراكز اللياقة البدنية المتخصصة في بناء الأجسام.

الباقر: نجم قدوة وصاحب ثالث بصمة

كلمتان خفيفتان هما “النجم القدوة”.. اختصر بهما رفيق دربه اللاعب السابق والمدرب الحالي جعفر الباقر بحديثه عن الراحل الذي اعتبره ثالث رجل له بصمة حقيقة في لعبة رفع الأثقال السعودية بعد كاظم البحراني وغالب الفلفل وكل اللاعبين يتمنون الوصول إلى ما وصل له نجم الرضوان الذي يتميز بالخلق الحسن والتعامل الجميل مع الجميل وعلى مستوى اللعبة انضباطي ومثابر ولا يعرف البأس له طريق.

وقد صمدت الأرقام القياسية التي حققها الربّاع الراحل طوال ٢٠ عام على مستوى الأوزان: ٨٥ كغم، ،٩٤ كغم،١٠٥ كغم. وبقيت هذه الأرقام عصية على الكسر في المنافسات المحلية، ولم يستطيع من جاء بعده التفوق عليه قبل أن يطرأ تعديل مؤخراً على الأوزان في اللعبة.

وقد لعبت الأرقام التي حققها الراحل في بطولة العالم ٢٠٠٣ دوراً كبيراً في حصول لعبة رفع الأثقال السعودية على مقاعد أولمبية في إنجاز تاريخي لم يسبق له الحصول أو أن يتكرر طوال تاريخ اللعبة، نظراً لأهمية النقاط على المستوى الجماعي.

——————

وفاته.. صدمة 

أحدث نبأ وفاته صدمة عارمة في الوسط الرياضي، وفي مجتمع القطيف بشكل خاص. وفاضت وسائل التواصل الاجتماعي بسيرته الطيبة وصور المنوعة.. وفيما يلي بعضٌ مما فاض..

 

كنت نجما في سماء الأثقال بطلا.. نجما في الأخلاق والبطولة..

محمد سميسم

رئيس مجلس إدارة الإتحاد السعودي لرفع الأثقال

 

سبقته والدته للموت!! ومع ذلك فإن أخواته وجيرته كانت تبكيه بحرقة الأم وبقلبها وحتى تتم مراسم التشييع يبدو أن كل مايحدث كأنه حكاية تُروى بين مصدق ومكذب. وأنا أنظر لأمي وللحاضرات أجد بأن الصور ذاتها تتكرر في هذه القرية عند كل فقد !! فالكل يبكي الفقيد وكأنه جزء منه ويبكي معه من سبقوه في الرحيل من أحبتهم.

حليمة درويش، توستماسترز

 

أحب أن أوجه إخواني الرياضيين، وخصوصا الشباب منهم، أن يقرأو سيرة المرحوم الرياضية. لتكون درس لهم في “كيف يصنع البطل نفسه؟”.

ومن المعروف أن التميز في لعبة رفع الأثقال يمكن تحقيقه فقط بالمثابرة والعمل الجاد الدؤوب. وهذا ماحققه المرحوم.

ولم يكتفِ بكل انجازاته. بل بادر للتوسع في علوم الرياضة. وما وجوده في بلد الغربة، روسيا، الا لطلب العلم. إخواني ليكن المرحوم رمزاً لكل رياضي يسعى للنجاح.

علوي العوامي

 

 

تشرفت بتكريمه في إدارتي لنادي التوبي لستحقاقه للبطولات التي حققها وتوجها لنادي الترجي بالقطيف كبطل سعودي خليجي عربي عالميا” لرفع الاثقال ورفع علم بلادي عاليا”.

نذير الشاخوري

 

اسمك نجم وقد كنت نجماً في الاخلاق والاحترام والطيبة للجميع ، كنت مثالاً للرياضي المميز والمتواضع رغم نجوميتك الكبيرة ، كم كنّا ولا زلنا نحتاج لأمثالك في رياضتنا وفِي أنديتنا بالتحديد من ناس أمثالك تتمتع بالإخلاص والصفاء والمحبة للجميع وعدم الالتفاف لدعوات التفرقة بين ابناء النادي الواحد والرياضة والواحدة، سيفتقدك الجميع لأنك كنت ولا زلت نجم ومحب للجميع.

علي الشبركة

 

فاجأتني قبل عام بلقياك في حرم سيد الشهداء، وفاجأتني صباح اليوم بخبر وفاتك في الغربة واغربتاه. وصاياك لن انساها ما دمت حياً، وكم تمنيت طال بك العمر شوي بس ونشوفك كما وعدتني بيننا في وطنك مستقر بين اهلك واحبابك لكن هذا امر الله.

صالح العمير

 

أجزم أن ما من بيتِ في التوبي إلا ودخل عليه الحزن هذا اليوم لخبر رحيلك مغترباً.

في ليلة البارحة كنت في جلسة عائلية مع أبناء خالتي وكان حديثنا حول رياضة رفع الاثقال وقد ذكرنا البطل نجم رضوان ومسيرته مع المنتخب السعودي. فسألني قريبي عن رقم المرحوم كونه يريد الاستفسار منه عن العلاج في روسيا، بعدها راسلتُ المرحوم لكي اسأله ولكن ما من جواب.. وعندما جلست اليوم من نومي تفاجأت بخبر رحيله غريقاً.

“فما أبسطها من دنيا وما أسرع تبدل أحوالها فقد كنت بالأمس بيننا واليوم صدمنا برحيلك”. المجد والخلود لك يا بطل.

محمد مطيلق

 

اول رحلة تجمعني بالنجم نجم رضوان الله عليه. إنسان خلوق يحمل العفوية و الابتسامة هذا كان انطباعي عنه رحمة الله عليه.

حسين شبيني، غواص

الراحل في صور

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×