صوت العرب أجمل صدفة

محمد الهلال

لم أخطط لشيء في هذه الرحلة، هي رحلة عمل كما قدر لها، ولكن الصدف والمصادفات الجميلة ترفض أن تتوقف وتستمر معي، ربما تأتي تلك الصدف بعد فترات متباعدة، طويلة بعض الشيء لكنها تأتي وكأنها تريد أن تقول استمر في نهج حياتك ولا تلتفت إلى الوراء مهما حدث معك.

الحياة ليست مصالح وقتيه، الحياة عالم من الإنسانيات، لا يمكن أن تكون سعيداً خارجها أو مبدعاً في مجالك دون أن تسكن تلك الإنسانيات وجدانك، فالجمال لا يأتي من فراغ روحي، هل وجدت حسوداً أو حقوداً يوماً مبدعاً؟ مستحيل الإبداع حالة إنسانية خاصةً، لا يحلق في السماء إلا خفيف الروح ولا يبقى بعد الفناء إلا الإنسان فكل الشكر لرب العالمين الذي جعل أجمل صدفة في حياتي هي أن أكون ابنا لأبي وأمي، صالح و فوزية اللذين أرضعاني الحب مع إخوتي منذ نعومة أظفاري، لأكون أنا، ولتأتي المصادفات الجميلة في حياتي كدعاء والِدينْ وإلا كيف تأتي تلك الأقدار التي غيرت مجرى حياتي نحو مستقبل أفضل؟

هي مصادفة كما التقطتها الإعلامية القديرة رئيسة شبكة صوت العرب الأستاذة منال هيكل في لحظات من الحوار الممتع والجميل قبل الانتقال على الهواء، كانت تطرح أسئلة بسيطة وعميقة في نفس الوقت، وكأنها تفتح ممرات للرؤيا تساعدها على خوض التحدي الذي وضعت نفسها فيه، أحسدها على قوة إرادتها وعدم خوفها من أن يحدث شيء ويسبب لها حرجاً كبيرًا، فهي لم تكن مذيعة، عادية بل رئيسة لشبكة صوت العرب، الإذاعة العريقة والرائدة في الوطن العربي، التي تسمعها كل الشعوب العربية منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وكلنا يعرف ماذا قدمت وما هو تأثيرها في العالم العربي، بل والعالم كله الذي كان يتخوف من ذلك الصوت، وأول الخائفين كانت فرنسا أيام احتلال الجزائر.

عرفت عزيزي القارئ حجم التحديات التي واجهت الأستاذة منال هيكل، وليس غريبًا عليها فهي من عائلة كبيرة لها وزنها في المجتمع المصري والعربي وأنا من أنا؟ شاب لا يملك من التجربة إلا الشيء البسيط، وهي موزعة بين الرياضة والأدب، لم يكن له من الإنتاج الأدبي إلا الشيء القليل والقليل جدًا وهو لا يخصه وحده، فهو أدب مشترك مع أدباء لهم وزنهم في المملكة والوطن العربي، هم من فتحوا له الباب ليعمل شيئاً بالأدب ويقول ويطرح بعض أسئلته التي شغلت تفكيره منذ أن بدأ الوعي يتفتح، وبدأت بوادره تظهر بسبب القراءة ثم القراءة.

يوم 16/8/2023 يوم تاريخي لهذا الشاب فهي ليست كأي المصادفات التي مرت من قبل هي صوت العرب، لا يمكن أن أصف تلك اللحظات وأنا خلف مايكروفون صوت العرب وأمامي الأستاذة منال هيكل بكل تاريخها تتحاور معي وتقدمني للمستمع العربي، فكيف أستجمع قواي كي أتكلم؟ لا أكذب عليكم عشت ليالي من القلق لم ينطفئ ولكن قل قليلاً بفضل بعض الأصدقاء القريبين جداً ومن أثق بهم، الصديق والفنان رفيق رحلة الفن والثقافة محمد علي الموسى، كمال السيد أحمد سكرتير جمعية الثقافة والفنون في الدمام سابقًا، الدكتور حسن البريكي المثقف والمترجم والأديب الذي لا يحب الظهور ويكتب ولا ينشر مع الأسف الشديد، الكاتب والباحث عقيل عيدان، والباحث الكبير محمد عبد الرزاق القشعمي (أبو يعرب)، و الدكتور إبراهيم التركي، هم من منحوني بعض القوة للحديث، والبعض الآخر أتى من منال هيكل، فهي من آمنت بي أولاً وأنني سوف أتكلم ولن أخذلها.

ويبقى في النهاية الحكم للمستمع العربي هل كنت ضيفاً خفيف الظل، وكان لدي شيئاً يضاف له، أم كان اللقاء عابرًا لم يشكل أية إضافة، شكراً لكم صوت العرب فقد منحتموني روحاً جديدة أكمل بها المشوار.

تعليق واحد

  1. لعل ما لفت نظري عو عبارة صوت العرب قرأت المقالة متأخرا بعد سرحت في ذكريات لأكثر من ٤٠عاما حينما حركت مؤشر ميناء الراديو على التردد ٦٢١كيلو هيرتز على الموجة المتوسطة كان ذلك عام ١٩٦١م واسعدني برنامج فكاهي اسمه ابو لمعة وايضا موهوب وسلامة وبعد حين من الدهر وجدت نفسي مغرما بكل برامج محطات القاهرة عبر موجات الاثير مثل الشرق الأوسط والبرنامج العام والإذاعة العربية الموجة ألى آسيا على القصيرة ١٧٧٧٥كيلو هيرتز…عرفت فترة انتقال البث على الموجات القصيرة حسب تحرك طبقة الايونوسفير
    شكرا لكم

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×