“عاشور”.. مدرسة التطوع المفتوح من الطبخ إلى ترتيب المجالس إلى التوصيل المجاني.. وصولاً إلى التبرع بالدم

سيهات: شذى المرزوق

على المستوى الاجتماعي؛ تمثل أيام عاشوراء في أغلب مدن القطيف وقراها “مدرسة تطوع” مفتوحة لأبناء المجتمع كافة. بمجرّد ثبوت هلال الشهر؛ تنشط مجموعات كبيرة من الناس في الاستعداد لخدمة الفعاليات العاشورائية، إلى حدّ تشغيل كل فعالية وكل مأتم عبر فرق عمل تؤدي دورها طيلة أيام عاشوراء دون أي مقابل مادي.

وقد ارتبطت هذه الأيام بذكرى استشهاد الامام الحسين، عليه السلام، ومعه كوكبة من أهل بيته وأصحابه، في واقعة الطف بكربلاء، المعروفة تاريخياً، لما لها من أهمية وأثر بالغ في نفوس المسلمين التي يحيون ذكراها الأليمة عما تلو العام..  

وفي محافظة القطيف ظهرت مجموعات تطوعية يعملون بلا أي عائد مادي هم بمنزلة العمود الفقري للحدث، الصانعون المبدعون المجددون المثبتون للعادات والطقوس، فلا تخلو ذكرى إلا بوجودهم، ولا يقام الحدث من الأساس إلا بهم، تجدهم ينسلون مهرولين من كل فج وناحية، رجالًا ونساء أطفالًا وشبانًا، صغيرهم وكبيرهم قويهم وضعيفهم، كل منهم له غايته وأسبابه التي جاء من أجلها.

إنهم “خدام الحسين” أيقونة الإيثار والبذل والعطاء ومساعدة المُعزين، ومرتادي المجالس الحسينية بالشرقية.

تطورت للافضل

يقول حسين العيد، إن العمل في خدمة الناس من الأمور العظيمة في الإسلام، وهو سلوك ينم على التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، ومن هذا المنطلق وجدنا جماعات وافراداً يطلقون على أنفسهم “خدام الحسين” جاءوا متطوعين بوقتهم وأموالهم لخدمة المُعزين، ومرتادي المجالس الحسينية.

ويضيف العيد، يبذل المتطوع من ماله وجهده ووقته لتلك الخدمة، التي تنوعت وتطورت للافضل عاماً بعد عام، حيث أصبحنا نري أشكالاً تطوعية جديدة ومتعددة، لم تكن موجودة من قبل، حيث لا يقتصر تقديم الخدمة على المُعزين أو مرتادي المجالس الحسينية، بل تشمل الخدمة كل أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، ومن مختلف الفئات المجتمعية دون النظر إلى الهوية، أو المكانة، وبدون أي اعتبارات اجتماعية أو حتى مذهبية، الأهم هو أن يحمل مقدم الخدمة أو المتطوع وسام تسميته “خادم الحسين”، لما بذله من جهد وعطاء لخدمة المجتمع تطوعاً في حب الحسين.

بركة المضيف  

 ويضيف ميثم الشويخات، مسؤول أحد المضايف في سيهات: “لازالت عملية الطبخ وتوزيع وجبتي الغذاء والعشاء مستمرة باسم الإمام الحسين منذ القدم، بالإضافة لتوزيع مختلف أنواع الأغذية من فواكة، وفطائر، وتمر، ومشروبات ساخنة وباردة في المآتم، فيما ينصب الكثيرون طاولاتهم في الشوارع لتوزيع البركة ومخيمات المضايف لطبخ الأرز المحموص، وأصناف أخرى يتم توزيعها مجاناً، بالإضافة لسقيا الماء حيث يتم توزيع زجاجات الماء بشكل مستمر على العابرين في الشوارع ومرتادي الحسينيات والمساجد”.

ويكمل الشويخات قائلا: “تمارس عائلتي طبخ وجبة الغذاء في خدمة الحسين منذ أكثر من 14 عاماً، ويعمل على المضيف قرابة 35 كادراً للطبخ والتوزيع، حيث يتم توزيع من 400 إلى 460 قدراً من القدور صغيرة أو متوسطة الحجم، فضلاً عن الصحون البلاستيكية التي يتم فيها توزيع الوجبة، ويتم العمل على تهيئة الطعام وطبخه في 7 قدور كبيرة جداً، و نبدأ بالعمل عليها منذ الصباح الباكر لتوزيعها مع آذان الظهر”.

مواصلات مجانية

ويقول هاني الحكيم، ظاهرة جديدة برزت بشكل لافت على مستوى العمل التطوعي وتشمل توصيل المعزين من وإلى المجالس والمساجد مجاناً، فضلاً عن توصيل الطلبات وكل ما يخص خدمة المجالس الحسينية، وقد نظمت لأجل ذلك مجموعات توصيل جماعية جداول عمل لتسيير رحلات التوصيل للمجالس في مختلف الأوقات فمنها المجالس الصباحية ومجالس العصر، ومجالس ما بعد العشائين ومجالس أخرى في أوقات ما بعد العشاء.

ويشير الحكيم، يبقى السائقين في خدمات التوصيل المجانية متأهبين لأي خدمة، طوال 24 ساعة كما هو حال مجموعة “قو سيهات”.

توصيل الطلبات

ويقول محمد المدلوح، أحد مؤسسي مجموعة “قو سيهات”: “نعمل بجهد طوال النهار والليل للمساهمة في خدمة الحسين، من خلال توصيل المعزين رجالاً ونساءً إلى المآتم والمجالس الحسينية، وليس هذا فقط بل تشمل الخدمة توصيل الطلبات، والوجبات، واحتياجات المأتم”.

وأكمل “بجهود وعزيمة الشباب المشارك في هذه الخدمة وهذه المجموعة استطعنا العمل بشكل منتظم ومنظم، ولله الحمد ونحن مستمرون في هذا حتى اليوم الـ13 من محرم بمشيئة الله”.

التبرع بالدم 

ومن أوجه التطوع والبذل تخصيص حملات بالاشتراك مع مستشفيات المنطقة الشرقية للتبرع بالدم، للاستفادة من هذا الجمع المبارك، والذي يقدم فيها المشاركون دمائهم بكل رضا وقناعة لدعم المرضى ومن هم بحاجة للدماء خلال العمليات الجراحية، والمساهمة في انقاذ الأرواح، وقد انتهت حملة “بها نحيا” والتي استمرت لمده يومين من توفير 225 كيس دم لبنك المستشفى المركزي بالقطيف.

تنظيم الدخول والسير

أما سراج العيد فيقول: في كل المجالس والشوارع تتحمل المسؤولية التنظيمية مجموعة من الشباب وحتى الشيوخ من كبار السن ممن لديهم القدرة على العمل ومثلهم الناشئة بمتابعة من المسؤولين عن الحركة التنظيمية، فتجد مجموعة هنا تنظم الحركة المرورية حول المجلس وأماكن وقوف السيارات المتاح، ومجموعة هناك تنظم عملية الدخول والخروج للمأتم حرصاً على مرتادي المكان من الزحام، وآخرين يعملون على تنظيم الصفوف داخل المجلس نفسه، فيما يعمل بعضهم في التوجيه والإرشاد لمرافق المكان.

خدام الحسين
خدام الحسين
خدام الحسين
خدام الحسين
خدام الحسين
خدام الحسين

خدام الحسينخدام الحسين

خدام الحسين

خدام الحسين

خدام الحسين

خدام الحسين

تعليق واحد

  1. السلام عليك يا أبا عبدالله، شكراً لصحيفة صبرة و للصحفية الأستاذة شذى على هذا التقرير الشامل و الرائع، مواد مميزة دائماً، ألف شكر

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×