بِدءاً من الليلة.. القطيف تخلع “حُلة الطرب”…! أيام عاشوراء بدأت.. لا زواج.. لا خطوبة.. لا ذهب.. لا مكياج.. لا مظاهر فرح

القطيف: صُبرة

لا زواج، لا عَقد، لا خطوبة، لا ذهب، لا مكياج، لاحنّاء، لا جديد في الثياب، لا إظهار زينة.. حياة صارمة لـ 13 يوماً على الأقل من شهر محرم من كل عام. إنه جزء من نمط حياةٍ يلتزمه المسلمون الشيعة الإثنا عشرية في العالم، وتبرز مظاهره في المناطق السعودية المأهولة بمواطنين من المذهب الإثني عشري، وعلى وجه خاص في محافظتي القطيف والأحساء.

تحضر واقعة كربلاء بكل تفاصيلها على مدى 13 يوماً وليلة في القطيف

ذكرى سنوية

وتمرّ الذكرى السنوية لأيام عاشوراء؛ وسط اهتمام بالغ على الصعيدين الشعبي والرسمي. ففي الوقت الذي يرتّب المواطنون الشيعية أنفسهم لقضاء كثير من أوقات اليوم في الحسينيات ومواقع إقامة مراسم عاشوراء؛ تبذل الأجهزة الحكومية الرسمية رعايتها لتسهيل إقامة المراسم، في المواقع المقرّرة. وهذا العام؛ أنهت لجنة خاصة تحت إشراف المحافظة؛ وضع ترتيبات أكثر من 300 موقع في مدن المحافظة وقراها، لإقامة المراسم.

على جانب موازٍ؛ تبذل الأجهزة المعنية مزيداً من الحماية الأمنية للمواطنين، برفع حالة التأهب الأمني، وتأمين مداخل ومخارج المحافظة بنقاط ضبط أمني، فضلاً عن تنشيط متابعة حركة المرور، في المواقع التي تزداد فيها كثافة الحضور والتجمع الشعبي.

حلة الطرب

تمثّل الذكرى السنوية لاستشهاد الإمام الحسين، عليه السلام، أهمية بالغة لدى المواطنين الشيعة في المملكة، وهي ذات عمق تاريخي قديم جداً، وشهدت كثيراً من التغيّرات والتحوّلات في طرق الاهتمام ووسائلها، وإشراك الجمهور معها، ما كرّسها تقليداً سنويّاً يرقى إلى مستوىً عالٍ من الاحترام والالتزام.

لكنّ الجامع بين القديم والجديد هو “خلع حلة الطرب”، على حدّ تعبير عالم دين وشاعر من القطيف، هو الشيخ علي البلادي البحراني القديحي (توفي سنة 1340هـ) الذي تُنسب له قصيدة مطلعها:

هلّ المحرم فاخلعْ حلة الطربِ

والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ

والمعنى هو أن هلال شهر محرم الحرم يعني التوقف عن كلّ شيء ذي طبيعة بهيجة، وارتداء حزن، وذلك حداداً على ما أصاب أهل البيت في عاشوراء.

إيقاف الفرح

وأول مظاهر السلوك الفردي والجماعي؛ هو التخلّي الواضح عن الأنشطة المعتادة ذات طابع الفرح، فتتوقّف كلّ حفلات الزفاف وحفلات الخطوبة تماماً، ويمتدّ هذا التوقف إلى نهاية شهر ربيع الأول. كما تتوقف كلّ عقود الزواج لما بعد الـ 13 من شهر محرّم، على الأقل. وكثير من المواطنين يؤجّلون ذلك إلى بداية ربيع الأول. ويجرّ هذا التوقف توقفاً آخر هو التقدم بالخطبة، إلا في حدود ضيقة.

وهذا ما يفسّر كثرة حفلات الزفاف في شهر ذي الحجة، إذ يعمد العرسان إلى تحاشي شهريْ محرم وصفر، وتحاشي الانتظار إلى ما بعدهما. كما يفسّر كثرة الزفاف بعد شهر صفر.

الأصل التاريخي

واقعة كربلاء حدثت ـ تاريخياً ـ في نهار يوم عاشوراء سنة 61هـ. لكن العناية بذكراها بدأت في بيوت ذرية الإمام الحسين الذين استذكروها عاماً بعد عام، وجيلاً بعد جيل، لتنتقل ـ عبر الزمن ـ إلى دائرة أتباع أهل البيت، وتتوسّع إلى الممارسة الرسمية، كما في الدولة الفاطمية في مصر، مثلاً.

توسّعت الدائرة عبر القرون، في المجتمعات ذات الكثافة الشيعية، ولحقت بها عادات وتقاليد مُضافة من داخل المجتمعات التي نشطت فيها، كما لحقت بها ممارسات من خارج المجتمعات الإسلامية. وفي النهاية استمرّ التقليد، وسط تعدد في المظاهر الطقسية التي يُوصف بعضها بالمبالغة والغلو، وبعض الممارسات تصل إلى حدّ الإساءة إلى الذكرى السنوية، بل إلى جوهر احترام المناسبة في ذاتها.

ومن الطبيعي أن يحتدم الجدل في تشخيص بعض الممارسات الخارجة عن “المعقول” في بعض المجتمعات الشيعية، لكنّ ما يتفق عليه المغالون والمحافظون؛ هو برمجة الاحتفال بعاشوراء لتتركز في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، وتمديدها إلى 13 من الشهر نفسه، وتسمية كلّ هذه الأيام بـ “10 محرم”، ويتكرّس اصطلاح “عاشوراء” أو “عاشور” على أيام المناسبة كلها.

عاشوراء.. والأيام العشرة

التوسّع الذي ما زال معمولاً به حتى الآن؛ يقوم على تقسيم سيرة الإمام الحسين وأنصاره، عليهم السلام، في قصص متسلسل تُروى منذ أول ليلة من شهر محرم، في كلّ يوم قصة، وتُختم السيرة بيوم عاشوراء، ليكون ذروة الحدث.

  • ويمكن فهم التقسيم عبر معرفة الموضوع الأساس لكل يوم:
  • 1 محرم: يتمّ التركيز فيه على “الهلال”، بما يعنيه وجدانياً، وربط ذلك بسيرة الإمام الحسين.
  • 2 محرم: يتركز الحديث عن خروج الإمام الحسين من المدينة المنورة. وتاريخياً؛ تمّ ذلك في أواخر رجب سنة 60هـ، أي قبل استشهاده في كربلاء بأكثر من 5 أشهر.
  • 3 محرم: خروج الحسين من مكّة حالّاً إحرامه، متجهاً إلى الكوفة. وتاريخياً؛ حدث ذلك في موسم الحج، يوم التروية 8 ذي الحجة. لكن القصة تُدرج ضمن أيام عاشوراء.
  • 4 محرم: ذكرى استشهاد رسول الحسين إلى أهل الكوفة مسلم بن عقيل. والحقيقة التاريخية تقول إن مسلماً؛ استُشهد يوم 9 من شهر ذي الحجة سنة 60، أي قبل يوم عاشوراء بشهر كامل ويوم. لكنّ قصته تمّ إدراجها ضمن أيام عاشوراء.
  • 5 محرم: وصول الحسين وأهله إلى أرض كربلاء، وتخييمهم فيها.
  • 6 محرم: استشهاد حبيب بن مظاهر الأسدي الذي قُتل فعلياً يوم 10 محرم.
  • 7 محرم: استشهاد العباس بن علي بن أبي طالب الذي قُتل فعلياً يوم 10 محرم.
  • 8 محرم: استشهاد القاسم بن الحسن بن علي الذي قُتل فعلياً يوم 10 محرم.
  • 9 محرم: استشهاد علي بن الحسين (الأكبر) الذي قُتل فعلياً يوم 10 محرم.
  • 10 محرم: عاشوراء الذي استشهد فيه الإمام الحسين وأصحابه.

 ثم يعقب ذلك يومان إضافيان:

  • ليلة الحادي عشر: وتُسمى محلياً “ليلة الوحشة”.
  • اليوم الثالث عشر: ويُسمى “الدفنة”، أي ذكرى مواراة الإمام الحسين وأصحابه.

متفق عليه

ويقول الخطيب الشيخ محمد سعيد المناميين؛ إن هذا التسلسل هو المتعارف عليه في أيام عاشوراء. يضيف “ومن خلال خبرتي في القراءة في سلطنة عمان، فإن ما لاحظته هو الاتفاق على هذا التسلسل، مع اختلاف طفيف، يعود إلى الطرق المتبعة في كلّ من عمان والبصرة”.

ويوضح “لديهم سيرة تقارب السيرة التي نتعامل معها في القطيف، مع وجود لون خاص بكل منطقة”.

ويؤكد الشيخ المناميين إلى أن طرق العناية بأيام كربلاء طويلة جداً، وضاربة في تاريخ القرون، ومصقولة بتعاقب الأجيال، وهذا ما يُثريها، بفضل استفادتها من تجارب الآخرين”.

تشدد صارم.. سابقاً

يمكن القول إن الوضع الحالي في إظهار الحداد؛ كان ـ فيما سبق ـ أكثر تشدّداً من وضعه الراهن، فحتى بداية الثمانينيات؛ كان كبار السن يتحفظون حتى على أنشطة اعتيادية جداً. ويمكن القول إن تسريح الشعر في أيام “عاشور” كاد يرقى إلى قائمة المحظورات.

وحين دخل التلفزيون البيوت؛ صنّفه الناس على أنه من “اللهو”، بسبب عرضه الأغاني والموسيقى والمسلسلات. ولذلك كان يُمنع تشغيله قبل هلال محرم إلى ما بعد “الدفنة”. وبعض المنازل كانت تغطي واجهة التلفزيون ببطانية، هذا إذا لم ينقلوه إلى مكان غير مرئي في المنزل، وذلك تأكيداً للحظر الصارم.

وبعد ظهور الفضائيات؛ تحوّل التلفزيون إلى جهاز مطلوب، بعد انتشار الفضائيات التي تؤدي دور “الحسينيات” في بثّ المجالس الحسينية من مواقع مختلفة من العالم. وهكذا انتقل الجهاز من دائرة “المحظورات” إلى دائرة “المفضلات” في أيام عاشوراء.

ومثل هذه الإجراءات تبدأ بيوم الـ 27 من ذي الحجة، وفي القطيف؛ كان ذلك يُسمّى بـ “يوم الخَلعْ”، ويعني خلع الذهب والمصوغات والزينة والملابس الملوّنة. وبالمقابل تركيب الملاءات السوداء في الحسينيات وبعض البيوت أماكن إقامة العزاء. ويستمرّ ذلك إلى ما بعد ذكرى وفاة النبي في نهاية شهر ربيع الأول.

‫10 تعليقات

  1. السلام عيكم..
    عنوان المادة مشتق من بيت شعر للعالم الجليل الشيخ علي البلادي، المتوفي سنة 1440هـ، يقول فيه:
    هلّ المحرمُ فاخلع “حلة الطرب”
    والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ
    وهو تعبير مجازي يُشير إلى التخلي عن مظاهر الفرح والطرب، ولا يُشير إلى أي إساءة. ومثل هذه التعابير مألوفة حتى في أدبيات كربلاء. مع خالص الشكر.

  2. السلام عيكم ورحمة الله وبركاته،،
    عنوان المادة مشتق من بيت شعر للعالم الجليل الشيخ علي البلادي، المتوفي سنة 1440هـ، يقول فيه:
    هلّ المحرمُ فاخلع “حلة الطرب”
    والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ
    وهو تعبير مجازي يُشير إلى التخلي عن مظاهر الفرح والطرب، ولا يُشير إلى أي إساءة. ومثل هذه التعابير مألوفة حتى في أدبيات كربلاء.

  3. السلام عيكم..
    عنوان المادة مشتق من بيت شعر للعالم الجليل الشيخ علي البلادي، المتوفي سنة 1440هـ، يقول فيه:
    هلّ المحرمُ فاخلع “حلة الطرب”
    والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ
    وهو تعبير مجازي يُشير إلى التخلي عن مظاهر الفرح والطرب، ولا يُشير إلى أي إساءة. ومثل هذه التعابير مألوفة حتى في أدبيات كربلاء. شكراً لكم مجدداً.

  4. السلام عيكم..
    عنوان المادة مشتق من بيت شعر للعالم الجليل الشيخ علي البلادي، المتوفي سنة 1440هـ، يقول فيه:
    هلّ المحرمُ فاخلع “حلة الطرب”
    والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ
    وهو تعبير مجازي يُشير إلى التخلي عن مظاهر الفرح والطرب، ولا يُشير إلى أي إساءة. ومثل هذه التعابير مألوفة حتى في أدبيات كربلاء.

  5. السلام عيكم..
    عنوان المادة مشتق من بيت شعر للعالم الجليل الشيخ علي البلادي، المتوفي سنة 1440هـ، يقول فيه:
    هلّ المحرمُ فاخلع “حلة الطرب”
    والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ
    وهو تعبير مجازي يُشير إلى التخلي عن مظاهر الفرح والطرب، ولا يُشير إلى أي إساءة. ومثل هذه التعابير مألوفة حتى في أدبيات كربلاء.

  6. السلام عيكم..
    عنوان المادة مشتق من بيت شعر للعالم الجليل الشيخ علي البلادي، المتوفي سنة 1440هـ، يقول فيه:
    هلّ المحرمُ فاخلع “حلة الطرب”
    والبسْ به حُللَ الأرزاءِ والكُربِ
    وهو تعبير مجازي يُشير إلى التخلي عن مظاهر الفرح والطرب، ولا يُشير إلى أي إساءة. ومثل هذه التعابير مألوفة حتى في أدبيات كربلاء.

  7. عظم الله أجوركم
    صحيفتكم الموقرة هل نظرت لإبعاد هذا العنوان ؟ والقطيف الآن محط أنظار وموقع استراتيجي سياحي يستقطب من جميع المناطق المجاورة
    القطيف منطقة عريقة ولها تاريخ عميق وهي من اطيب المناطق لم يخرج منها إلا العلماء والشعراء والنبلاء ورجالها ونسائها الشرفاء
    لم يخرج منها فرق موسيقية ولا مطربين خلدهم التاريخ ولاتمتاز بالطرب فهل يليق بنا عنوان طرب!!!!! حينما يأتينا سياح ويسألونا من اشهر مطرب خلده التاريخ من منطقتكم ! حسب شهاتكم بعنوان مستفز ،،،عيدو النظر أن كانت القطيف عزيزة

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×