ناصحكم.. يا حملة البكالوريوس.. فاضحكم…!

حبيب محمود

لو كنتُ من حملة البكالوريوس، أو من المحاضرين في قضايا أسرية ونفسية؛ لقبّلتُ جبين الدكتور علي جابر السلامة، بدلاً عن الردّ على تصريحاته “النارية” الأخيرة.

الرجل قالها بشجاعة عن “المحاضرين” ـ وهو منهم ـ بأنهم “من بائعي الوهم”. ونصح الناس بألا يضعوا مصير الأزواج “بيد حملة البكاليريوس”..!

ولو كنتُ من هؤلاءِ، أو أولئك؛ لشكرته شكراً جزيلاً يليق بشجاعته أولاً، وبحسّه المسؤول ثانياً. ولا مثنوية من ذلك؛ إلا حين أكون من “باعة الوهم” فعلياً، أو ممّن أخذتهم العزة بالشهادة والمؤهل. أي حين أشتري كلام الدكتور السلامة لنفسي، وأمسك بسبّابته وأضعها على رأسي، ثم أقول: يعنيني..!

من حيث المبدأ؛ لا عيب في حملة البكالوريوس. ولا عيب في “المحاضرين” في قضايا نفسية واجتماعية وأسرية، ولا غيرها من القضايا. كلّ مجتمع في حاجةٍ إلى المتعلمين والمختصين. عليهم أن يؤدوا دورهم ويساعدوا الناس على أمورهم. وعلى المجتمع أن يشكر لهم نواياهم وجهودهم.

أين العيب إذن..؟

العيب في التفكير الجَمعي الذي ينتمون إليه. التفكير الذي “يُمشّيْ حال” كل تخصص، ليفتلَ كلّ أعمى حباله. كثيرٌ من حمَلة البكالوريوس اليوم هم أشدّ أمّيةً من حملة الابتدائية في السبعينيات. كثيرٌ منهم وليس كلهم، ولا أكثرهم.

أمّية حملة البكالوريوس ليست في “تعليمهم”، بل في “تفكيرهم”. كل سنوات “التعليم” لم ترق بـ “التفكير” لدى بعضهم إلى مستوى فهم “الذهنية الناقدة”، والتعامل مع الظواهر على أسس من التفكير الذي يُعين على تحريك العقل وإعمال الفهم خارج صندوق الشهادة والمؤهل الجامعي الأوليّ.

يُفترَض بخرّيج البكالوريوس أن يُدرك أنه أمسك بأدوات أولية في تخصصه. أدوات أولية. شهادته ليست أكثر من إفادة تُخبر عن تجاوزه مرحلة الدراسة الأساسية. قد يعينه المؤهل على شغل وظيفة عامة، أو الحصول على رخصة عمل، ليبدأ بها صعود سلّم الخبرة. وهو سلّمٌ طويل، طويلٌ، إلى حدّ أن كثيراً من صاعديه يجدونه بلا نهاية، وبعضهم يظنّ أنه وصل بعد درجتين أو.. حتى عشر..!

لا عيب في البكالوريوس، ولا الماجستير، ولا الدكتوراه.. ولا الأستاذية.. ولا ميزة في الأستاذية، ولا الدكتوراه، ولا الماجستير، ولا حتى البكالوريوس.. وينسحب ذلك حتى على الابتدائية. “العيب” في “العقل” الذي لا يقبل “النقد”، وتُزعجه الإشارة بما لا يحب إلى ورقة “المؤهل”.

و “الميزة” في “العقل” الذي يتّسع أفقه لاستيعاب ما يوافقه وما يخالفه دون أن يشعر بأن “زلزالاً” من تحته. إذا حظي العقل بالمعرفة الرصينة، وخاض التجربة والخبرة، وحافظ على روح “المتعلِّم” في ممارسته وتحصيله.. وقتها؛ لا يهمّ المؤهل، ولا ورقة الشهادة، ولا المستوى الأكاديمي، ولا “اللقب” الذي يسبق الاسم..!

اشكروا الدكتور علي السلامة، على الأقل، لأنه قرع جرساً في تخصصه الذي أمضى حياته وهو يتعلّم منه.. اشكروه على شجاعته.. اشكروه على إيقاظ العقل الناقد من سبات “تمشية الحال”..!

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×