من حبة “كبتاجون” إلى “الحشيش” و “الهيروين”.. قصة ضحية “شِلة”
القطيف : شذى المرزوق
من حبة كبتاجون، إلى سيجارة حشيش، ومنها إلى شمة هيروين، وصولاً لاستئجار وكر للتعاطي، والنهاية نجاة أحدهم وموت صديقه بجرعة زائدة.
قصة أحد المتعافين من الإدمان، يروي تفاصيل رحلته من الإدمان والانتكاسة، حتى التعافي مرة أخرى، وإصراره على البعد عن المخدرات منذ 7 سنوات.
يقول المتعافي ع . ص “بدأت قصتي مع المخدرات وأنا في بداية خطواتي لتأسيس مستقبلي، في المرحلة الأخطر من العمر، في سن 16 عاماً، حينما كنت طالباً في الصف الأول الثانوي، وعلى خلاف المراحل الدراسية السابقة التي تفوقت فيها وكنت متقدماً على أقراني في التحصيل العلمي، بدأ مستواي الدراسي في المرحلة الأولى من الثانوية بالتذبذب، ضايقني كثيراً أنني لم أستطع البقاء في صورة القدوة الحسنة لكل من حولي، لكنني كنت أسعى جاهداً قدر الإمكان للبقاء بمستوى جيد.
حبة كبتاجون
وأضاف “أثناء مشاركتي في إحدى المسابقات الدراسية التي نافست فيها أحد الزملاء للحصول على المركز الأول في الاختبارات، قدّم لي من كنت أظنه صديقاً “حبة” عرفت لاحقاً أنها تسمى “الكبتاجون”.
وتابع “دفعني فضولي إلى تناولها لاستعادة المستوى المتقدم في الدراسة مرة أخرى ورفع معدل درجاتي، في البداية اقتصرت علاقتي بهذه الحبة، خلال فترة الامتحانات، ولكن سرعان ما أصبح تناولها عادة أسبوعية، ومن ثم شبه يوميه، ثم وصلت لمرحلة أنني لا أدرك الحياة قبل تناول هذه الحبة، وتوالت المرات، حتى تدهورت صحتي ونحل جسدي، وبعد أن كنت استمتع بتناول الطعام، أصبحت لا أشتهي تناوله أياً ما كان نوعه.”
إدمان الحشيش
وبين ع .ص “بين الحيرة والألم طلبت نصيحة صديق سوء آخر، فنصحني الأخير بتناول الحشيش، وبهذا اكتملت منظومة الإدمان لدي، وأصبحت بكل تأكيد أحمل لقب مدمن، وصاحب ذلك تراجع ملحوظ في السلوك والمستوى الدراسي، فالحشيش لم يزد حياتي وحالتي الصحية إلا سوءاً، الأمر الذي أثار شكوك عائلتي والمعلمين في المدرسة، لم يتوقع أحدهم أن هذا الطالب البريء المتفوق أصبح أسيراً للمخدرات من الحبوب والحشيش.”
وأوضح “والدي أدرك حقيقة الوضع، وقرر دخولي إلى أحد مراكز علاج الإدمان، وبالفعل خضعت إلى فترة علاج ليست طويلة، واستطعت خلالها أن استكمل دراستي حتى انتهيت من المرحلة الثانوية ووصلت إلى مرحلة الجامعة، وبعد سنة من التعافي التام وعدم التعاطي كانت المفاجأة في ليلة السقوط في الهاوية، حين اتصل بي أحد الأصدقاء في ليلة أقل ما يمكن اعتبارها وتسميتها بليلة الانتكاسة، وسألني عن المخدرات، فأخبرته أنني تعافيت ولكني أعاني من حالة نفسية سيئة ولدي اختبار في الغد، لم أكن مستعداً لذلك وسرعان ما طلب مقابلتي ليعطيني شيئاً يزيل همي، فاستجبت له على الفور، وكان هذا الشيء عبارة عن بودرة الهيروين، و كعادتي السيئة قمت باستنشاقه دون تردد بدافع الفضول.”
التطرق للهيروين
وتابع “حالة غربية ونشوة غير مبررة شعرت بها بعد استنشاق هذه البودرة، الأمر الذي جعلني أبحث عنها كل ليلة، ونظراً لارتفاع اسعاره، بدأت في اختلاق الحجج للحصول على المال، وهذا أثار شكوك والدي مرة ثانية حول العودة إلى تعاطي المخدرات، وسرعان ما ذهبنا إلى مركز العلاج من جديد، ولكن الصدمة هذه المرة كانت أكثر صعوبة ومرارة على والدي، حين أخبره الطبيب أنني أتعاطى الهيروين، وبالرغم من كل الألم الذي رأيته في عينيه وعدني بالوقوف بجانبي، مهما كلفه ذلك من شقاء مادي ومعنوي، وسرعان ما قطعت الوعود على نفسي بالتعافي، إكراماً لوالدي وأسرتي التي عانت بسببي.”
وكر للمخدرات وقرار التعافي
واستطرد “حقيقة الأمر، أنها كانت وعوداً لم أستطع الوفاء بها، فكثيراً ما كنت أذهب للتعاطي، ثم بعد ذلك أستأجرت شقة، أصبحت فيما بعد وكراً للتعاطي، وفي لحظة إدراك توقفت فجأة، وعقدت النية أن أتعافى، طلبت من صديق مساعدتي في ذلك، ولكنه رفض، فتركته في مكانه بين إبر المخدرات وذهبت بنفسي إلى المصحة، سائلاً الله أن يوفقني هذه المرة ويشد من عزمي وإرادتي للتعافي من هذا الوباء.”
وأضاف ع . ص “بقيت في المركز للعلاج بعيداً عن من حولي، حتى فاجأني اتصال والدي الذي سمعته يبكي بشدة، ويحمد الله كثيراً بعد سماعه صوتي، على أنني لازلت على قيد الحياة، وعندما سألته عن السبب، قال لي أن أحد الأشخاص أبلغه خبر وفاتي في الشقة التي كنت قد استأجرتها واستخدمتها وكراً للتعاطي مع رفقاء السوء، لحظة صمت مؤلمة مرت بي، لم يحتاج الأمر قدراً من الذكاء حتى أعلم أن من توفي هو صديقي الذي طلبت منه التعافي.”
واختتم قصته قائلاً “عندما استعيد كل ما مر بي أفكر يا لها من نهاية مؤلمة، ولكنني أحمد الله كثيراً فقد مرت 7 سنوات حتى الآن منذ أن سلكت طريق التعافي”.