التميمي والسيهاتي.. نموذج المواطنة والمصالح الواضحة نوخذة ومأمور مستودع أسّسا أول مغسلة.. ثم أكبر شركة نقل في الشرقية
الدمام: شذى المرزوق
تحت شمس الظهران الحارقة، التقى شابّان، أحدهما قادم من عنيزة القصيم، والآخر من سيهات القطيف. جمعتهما المصالح والطموحات، في مرحلة كانت الفرص تختار ذوي الجرأة، والمستقبل يفتح أبوابه لمن يُريد أن يكون “موظفاً” ومن يُريد أن يكون “رائد أعمال”، بمقاييس خمسينيات القرن الماضي.
وبين الشابين أيدي “علي” السيهاتي و “علي” التميمي وُلد أول مشروع.. مغسلة ملابس، تقدّم خدمتها لعمّال شركة أرامكو وموظفيها. لكنّ ذلك المشروع الأول الذي وُلد قبل 64 عاماً، سرعان ما تطوّر إلى تأسيس أكبر شركة نقل في الشطر الشرقي السعودي “تاسكو”.
ولم يكن لهذه الشراكة أن تستمر كل هذه السنوات، لولا أنها قامت على حزمة من المبادئ والقيم، ومازالت “تاسكو” تتطور في تقديم خدمات نقل نوعية، جيلاً بعد جيل، وصولاً إلى الجيل الثالث اليوم.
تأسست “تاسكو” عام 1959 في بقيق، واعتمدت على مشاريع شركة أرامكو السعودية، وقاد البداية فيها الشيخ علي التميمي، والشيخ علي السيهاتي، رحمهما الله.
عائلة التميمي جاءت من عنيزة القصيم في ثلاثينيات القرن الماضي، واستوطنت الخبر. فيما يرجع أصل عائلة السيهاتي إلى محافظة القطيف، وتحديداً مدينة عرفت باسم “أفان” أو “سوهات”، و”سيهات”.
وعمل السيهاتي بدايته في مجال الغوص وصيد اللؤلؤ في مياه الخليج، ثم توجه إلى المقاولات، وتعاقد مع شركة أرامكو السعودية التي ازدهرت أنشطتها وأعمالها في المنطقة الشرقية آنذاك، حيث انتهز فرصة العمل على توفير احتياجات أرامكو وموظفيها.
وفي الوقت نفسه، كان التميمي يعمل مأمور مستودع في الشركة النفطية، واستمر في تلك المهنة مدة لا تتجاوز 6 أشهر، ليتفرغ بعدها للعمل الحر، والتعاقد مع أرامكو لتلبية احتياجات موظفيها، ضمن سياق المشاريع الخدمية، خاصة لأولئك العمال القاطنين بعيداً عن الحواضر.
وبعد أن انتعش عمل السيهاتي والتميمي، ونشطت تجارتهما، استطاع كل منهما أن يحقق شهرة واسعة وسمعة جيدة في أوساط الشركة النفطية ومسؤوليها، واجتمعا للمرة الأولى في مشروع مغسلة الدمام الأوتوماتيكية الحديثة، التي كانت الأولى من نوعها في المنطقة.
تبع هذا المشروع، مشروع آخر، خاص بالنقليات، حيث أسسا معاً شركة حافلات لنقل موظفي أرامكو من وإلى أعمالهم.
نجاحات وتوسع
وبحسب ما ذكر المدير التنفيذي السابق لشركة “تاسكو” عمرو فلمبان لـ”صُبرة”، فقد بدأت الشركة بأسطول مكون من 47 حافلة، في أول عقد لها، وذلك في عام التأسيس نفسه، وكان ذلك عام 1959 مع شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، وكان طاقم السائقين من السعوديين فقط، وفي عام 1969، حصلت الشركة على عقد آخر، بشراء 50 حافلة، للعمل في الظهران، حيث بداية الانطلاق وتوسيع النطاق”.
وأكمل “في عام 1973 شغلت الشركة أسطولاً كاملاً، يضم 3300 سيارة صغيرة متنوعة، للعمل في مختلف أنحاء المنطقة الشرقية، وفي نهاية السبعينيات، وتحديداً في 1978، شغّلت الشركة 230 حافلة لأرامكو، بالشراكة مع شركة “جري هاوند”.
وأكمل فلمبان “العقود المتتالية التي أبرمتها “تاسكو”، ساهمت في نجاح الشركة بشكل كبير، حتى ذاع صيتها، باعتبارها واحدة من كبرى شركات النقل الرئيسة التي تلبي احتياجات العملاء، ما دفع بالجيل الثاني من إدارتها إلى توسيع نطاق العمل إلى خارج المنطقة، ولمختلف مناطق المملكة، وحتى خارجها”.
وقال فلمبان “استطاع الجيل الثاني، في شِقه الأول، برئاسة المهندس إبراهيم السيهاتي، وطارق التميمي، اضافة المزيد من النجاح لعمل الشركة، خاصة بعد إبرام عقد بقيمة 900 مليون ريال، مع شركتي “مرسيدس بنز”، و”فولكس واجن”، لشراء 1500 حافلة، ويعد من أكبر العقود الموقعة في مجال النقليات على مستوى منطقة الخليج”.
وأضاف “استطاعت فيه “تاسكو” شراء 800 حافلة مرسيدس، و700 حافلة فولكس واجن، فيما خصصت 200 حافلة لموسم حج 2001″.
وواصل الجيل الثاني في شٍقه الثاني، برئاسة طلال التميمي، والدكتور صالح السيهاتي، مواكبة التغيير والتطور في مجال النقليات، بما في ذلك اضافة خدمات تشغيلية جديدة، مثل عقود صيانة التشغيل، وتجديد المركبات، وتأجير مركبات خفيفة، وتوفير أكثر من 10 ورش كاملة للتجهيز وعمليات الصيانة والاصلاح بكافة الأنواع والأحجام، باستخدام معدات حديثة”.
الجيل الثالث
ورغم انخفاض نسبة أعمال شركة “تاسكو” بشكل كبير بين عامي 2008 و2010م، بعد أن خسرت عقدًا لها مع أرامكو، إلا أن ذلك لم يوقف تميز نشاطها وخدماتها النوعية، حيث استعادت عقود عملها لصالح أرامكو وجهات أخرى، ويبدو أن الجيل الثالث للشركة بإدارة سلال ابراهيم السيهاتي والمهندس نجيب السيهاتي وفواز وبدر التميمي، وضع نصب عينيه مدى أهمية تفعيل الشراكة والمسؤولية الإجتماعية، بما يحقق الرؤية الطموحة للمملكة.
من اليمين هشام، طارق، طلال، وأحمد أبناء الشيخ علي التميمي
من اليمين: عبدالله، إبراهيم، علي، عبدالواحد، صالح، و مصطفى
أبناء الشيخ علي السيهاتي
وواصل فلمبان حديثه “منذ عام 2015 والشركة تنهض بمستوى العمل الخدمي في مجال النقل، والمجتمعي وفتح مجالات جديدة”. وقال “تملك الشركة الآن 140 حافلة، بمختلف الأحجام، وأكثر من 50 شاحنة، وهي بصدد فتح مركز صيانة كبير في بقيق، هذا عدا مشروعين عقاريين في حي الحزام في الخبر، في مجالات الترفية والرياضة والمقاولات”.
تمكين المرأة
اهتمت الشركة بتمكين المرأة، وعملت على تدريب 15 سيدة حتى الآن، لتأهيلهن للعمل في أقسامها ضمن برنامج مع أرامكو السعودية LNA، كما أن لها برامج اجتماعية خاصة بذوي الاحتياجات، ومشاركات دولية ورياضية.
وخلال جائحة كورونا، ساهمت “تاسكو” في نقل أكثر من 553 راكباً في 43 رحلة نقل على مستوى المملكة.
وتضم الشركة الآن 12 فرعاً؛ واحد في المنطقة الغربية، وفرعان في الرياض، ورابع في الجبيل، وخامس في الخبر، و5 فروع في بقيق، وفرع في الأحساء، وأيضاً فرع في رأس تنورة.
طارق التميمي