وطننا الذي ننحاز إليه..
حبيب محمود
في المفاصل الصعبة؛ لا يصحُّ الحياد. لا يمكن أن تكون محايداً بين “حق” و “باطل”، ولا بين “صح” و “خطأ”. الحيادُ ـ هنا ـ حيرةٌ رمادية، لا يعرف صاحبها أي اللونين يرى: الأبيض..؟ أم الأسود. وفي المسألة الوطنية؛ محكٌّ لا يجوز معه الحياد. الأسود أسود والأبيض أبيض. مع وطنك أو ضدّه. تلك مسألةٌ محسومةٌ، لا تقبل القسمة على أكثر من واحد..!
ننحاز إلى الوطن..؟ نعم.
ننحاز إلى أمنه..؟ بالتأكيد.
ننحاز إلى سلامة أراضيه ووحدته..؟ لا جدل في ذلك.
ننحاز إلى حمايته من أي خطرٍ كان..؟ بلا تردد.
الانحياز، هنا، هو الطبيعي. وما ليس طبيعياً هو زعم وهم الحياد في مسائل على هذا النحو. وطننا هو بيتنا الذي ننحاز إليه من تلقاء فطرتنا. آباؤنا وأولادنا وأخوتنا وأخواتنا. أعمامنا وأخوالنا وعماتنا وخالاتنا، أبناؤهم وبناتهم. كلنا بيتٌ واحدٌ، جسم واحدٌ، أيّ منّا يتأذّى يصل الأذى إلى الباقين. فما بالنا حين يتهدّد الخطرَ بيوتنا جميعاً.
هنا لا حياد، ولا أمرَ بين أمرين. بل انحياز صريح، وأمرٌ واحد. الحياد، هنا، انتظارٌ لخطرٍ آتٍ، ومنح الخطر فرصة أعرض لتمرير أضراره على البلاد والعباد.
إنه وطننا، وهو من ننحاز إليه.