ليلى آل نصيف.. أن تمرض طبيبة.. فيتألّم مجتمع

سيهات: شذى المرزوق

لم يكن تأثير خبر الأزمة الصحية التي تمر بها استشارية طب الأطفال الدكتورة ليلى علي آل نصيف المصابة بـ “اللوكيميا”، حصراً في دائرة عائلتها والمقربين منها، بل كان لخبر حاجتها المستمرة للدم ووضعها الصحي تأثيره الكبير في المجتمع في محافظة القطيف وخارجها.

تعاطف مجتمع

المجتمع تعاطف مع الطبيبة الشابة التي ترقد منذ أكثر من أسبوعين في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، في انتظار ما يقارب 4 متبرعين بالدم يومياً، إلى حين انتهاء فترة العلاج الكيماوي التي تخضع لها، والمقرر أن تستمر نحو شهرٍ كامل.

آل نصيف البالغة من العمر 37 عاماً أم لـ 3 أبناء، أكبرهم لم يتجاوز الـ 10، وهي من مواليد مدينة سيهات، ومتزوجة من المعلم فتحي أبوفور من أبناء بلدة العوامية، وتعمل استشارية في قسم طب الأطفال بمستشفى صفوى العام.

وبحسب ما ذكر زوجها فقد اكتشفت إصابتها بمرض سرطان الدم منذ العام الماضي، ومرت بتحديات كثيرة في خطة علاجها التي مضت فيها قدماً بقوة صبرها، وإيمانها وأملها الكبير في الله، حتى وصلت إلى مرحلة العلاج الكيماوي الذي تمر به الآن، واستدعت حالتها توفير قرابة 120 كيساً من الدم، يتم تزويدها به على دفعات يومية طوال 30 يوماً من فترة علاجها.

حاجة الصفائح

وأوضح “هي بحاجة للصفائح الدموية تحديداً، من فئة الرجال فقط، والتبرع بالصفائح يحتاج إلى جدولة معينة، لأنه لا يتطلب إلا أعداداً محددة يتم جدولتها بشكل يومي بحسب الحاجة، ولذلك أشدد على مسألة التنظيم والتنسيق المسبق بالتواصل معي لتوفير الاحتياج اليومي، وفق الجدولة المتفق عليها مع بنك الدم في المستشفى”.

وقال “الحمد لله أن سخر لها كل هؤلاء الداعمين من أبناء المحافظة، وحتى من خارجها، إذ تردني اتصالات كثيرة من إخوتنا في محافظة الأحساء، وحتى من المدن المجاورة بما فيها تعاطف ودعم الأخوة من الجاليات العربية المقيمة بالمنطقة، كإخواننا من لبنان ومصر للمشاركة في حملة التبرع لها، كما تواصل معي الأخوة المسؤولين في الصحة في دعم معنوي كبير أقدره لهم”.

واستدرك “هذا من فضل ربي، ليلى كانت تلبي ما استطاعت من حاجات الناس، وحين احتياجها وقف المجتمع لها سنداً سواء من عرفها أو من لم يعرفها”.

إنسانية الطبيبة ليلى

إنسانية الطبيبة ليلى وما عرف عنها من التعامل بحنان مع أطفالها من المرضى، وتواضعها وتعاونها مع زملاء مهنتها، وتفانيها في خدمة وطنها من خلال عملها، مجسدة بذلك كل ما يؤهلها لتكون ملاكاً للرحمة بحق وجدارة، أكسبها كل ذلك تعاطفاً مجتمعياً كبيراً، فوقف المجتمع وقفته وقال كلمته امضِ ونحن لك داعمون، من ذلك الإعلانات المكثفة والمحفزة للتبرع لها بالدم التي انتشرت بشكل كبير وعلى نطاق واسع في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.

وانعكس هذا أيضاً في نفوس زملاء و زميلات آل نصيف، حيث وجهوا كلمات مؤثرة ورسائل دعم نفسي من خلال “صبرة” التي رصدت تلك المشاعر الجميلة.

صدق وتواضع

استرجعت زميلتها طبيبة قسم الأطفال لميس البريكي، الذكريات قائلة “أعرف ليلى منذ قرابة 10 سنوات، فهي أخت و صديقة، و زميلة منذ عملنا في برنامج التدريب لطب الأطفال بمستشفى الولادة و الأطفال بالدمام، و حتى عملنا بمستشفى صفوى العام بعد قرار التعيين الذي جمعنا معاً من جديد”.

وأضافت “هي طبيبة على قدر عالٍ من العلم و الأخلاق، تتسم بالهدوء و طيب المعشر، بالصدق و التواضع، تفانت في علاج و رعاية المرضى باهتمام صادق و ضمير حي، فاكتسبت ثقتهم و محبتهم”.

ولفتت “ليلى أم حنونة جداً وعطوفة، وأولى اهتماماتها أطفالها الثلاثة، ولكنها عكست هذا الحنان والحب أيضاً على من حولها من زميلات عمل وصديقات، وأحبها حتى المرضى المراجعين لها في العيادة، فهي تتعامل مع الجميع باللطف والطيبة والاهتمام العالي، مهما كانت ظروفها.”

وتابعت “صديقتنا الغالية لها مكانة عالية في قلوبنا، و نتمنى لها الشفاء العاجل، وأن يتكاتف الجميع لمساعدتها فهي رمز للحب و العطاء، ونتمنى أن نرد لها بعض الجميل مما بذلته لخدمة مرضاها و المجتمع ككل”.

 

سيدة عفوية

من جانب آخر وصفتها زميلتها الممرضة سكينة الأحمد بالسيدة العفوية اللطيفة التي لا تتغير مهما تغير مسماها الوظيفي ومنصبها، فهي مستمرة بنفس الطيبة والتواضع وخدمة الناس.

وقالت “عرفتها منذ كانت في فترة التدريب في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام، ورغم أنها حصلت على عدة ترقيات كانت لها الأسبقية في الحصول عليها قبلنا إلا أن شخصيتها لم تتغير، فهي ذات الإنسانة التي تتعاون مع الجميع، “لاتقول لا”، لأحد ولا ترفض مساعدة أحد”.

وأردفت “شخصية عفوية لا تدقق في الأنظمة المتشددة، أو البروتوكولات الصحية التي يشترطها نظام العمل، بل كانت تقول “خلونا نسهلها على الناس” حتى في أوج الخوف من أزمة كورونا، كانت تستقبل الأطفال ممن هم بحاجة لمتابعة سريعة، بدون التشديد في الإجراءات التي قد تؤخر عملية دخوله على الطبيب والفحوصات”.

فترة الجائحة

واسترجعت “لها مواقف كثيرة ساندت فيها أطفالنا، في فترة الجائحة أصيب ولدي بأزمة صحية في الصدر، وحين عرفت بذلك اتصلت بي وطلبت أن أجلبه لها في الحال، ورغم كل البروتوكولات التي تلزم وقتاً حتى نتجاوزها للدخول على الطبيب، إلا أنها كانت مبادرة لسرعة استقباله، وبقيت ملازمة لي حتى خضوعه لأشعة الصدر، والمتابعة الصحية بعدها حتى مر الوضع الصحي لابني وتجاوزناه بخير”.

ولفتت “يولي بعض الأطباء اهتماماً كبيراً كي لا تسقط حالة من قائمة الاحصائيات التي تضم عدد المرضى الذين تم متابعتهم، فيما ليلى لم تكن تعطي ذلك أي اهتمام، وكثير من المرضى قابلتهم وعالجتهم دون أن تدقق فيما سيحسب لها عملها ضمن الإحصائية أم لا”.

تفانٍ وإخلاص

وأكملت مستدركة “ليلى تخدم بتفاني وإخلاص بدون أي مقابل، فلا تخدم وتساعد أطفالنا بنية استرداد الخدمة بخدمة أخرى حين الحاجة، واستشهدت بذلك في حجزها لمواعيد الأسنان التي تطول “كانت ليلى تقوم بالحجز بشكل نظامي ورسمي، وتمر بمرحلة المواعيد التي يمر بها أي مريض دون الحاجة للتواصل مع أي من الزملاء أو الزميلات لتسريع الحجز، أو تقديم الموعد، أو طلب أي مساعدة.”

ولفتت “مهما تكلمت عنها لن أوفيها حقها، لكنني أناشد المجتمع في تقديم المساعدة لها فهي فعلاً تستحق.”

من جانبها وصفت زميلتها في التخصص وموقع العمل الدكتورة صفية الهاشم وضع آل نصيف بقوة الصبر والثقة بالله، والطمأنينة، وهذا ما وجدته في نبرة صوت أختي الغالية الدكتورة ليلى في آخر مكالمة لي معها.

دموع أطفالها

وأوضحت “لم يكن يحزنها شيء على الرغم من شدة وصعوبة مرضها، إلا حزن ودموع أطفالها لبعدها عنهم، عرفت ليلى منذ ما يقارب 8 سنوات خلال عملنا في مستشفى صفوى العام في قسم الأطفال، فكانت نِعم الطبيبة المتفانية في عملها، عرفها الجميع بطيبتها الشديدة ومساعدتها للجميع بلا استثناء من أطباء، وتمريض، ومختبر، وأشعة وإدارة، الجميع يدرك طيبتها وتعاونها، فكم أحزن الجميع ما تمر به من ظروف صحية صعبة، ولكن نعلم بأن لطف الله ورحمته وعنايته تشملها بدعاء إخوانها المؤمنين ممن ساعدتهم وعالجت أطفالهم، فالكل يبذل ما يستطيع من دعاء صادق، وتبرع سخي بالدم حتى تنقضي هذه المرحلة وتمر بسلام بإذن الله تعالى، وتعود ليلى لأهلها وأطفالها ومحبيها سالمة”.

من جهة أخرى قال طبيب طوارىء صفوى العام عبد العزيز الربح “عملت معها قرابة 5 سنوات، لم تتقاعس عن عملها، ومباشرة مرضاها، حتى في طلب الاستشارات خارج أوقات العمل، الاحترام المتبادل والتواضع هي السمة البارزة في صفاتها، نرفع لها الأيدي و نكثف لها الدعاء بأن يمن عليها بالشفاء العاجل، ويلبسها ثوب الصحة والعافية”.

حرص الرعاية

وأشاد عباس الصادق، ن إدارة المستشفى بجهدها وعملها قائلاً “الدكتورة ليلى الإنسانة هي قمة في التواضع والإخلاص في العمل، عملت معاها لعدة سنوات كنت أجد منها الحرص على الأطفال وأهاليهم، فهي شديدة الحرص على تقديم الرعاية الطبية والنفسية، كما أن علاقتها بزملائها تتسم بالاحترام والطيبة مع كل من عرفها، هي مدرسة في الأخلاق والجد والتفاني”.

من جهة أخرى قامت إدارة حملة أنوار الزهراء بصفوى بعمل إعلان لاستقطاب متبرعين، وتعمل الحملة على توصيلهم للمستشفى للمساهمة في تزويد آل نصيف بالكمية التي تحتاجها من الدماء.

وذكرت إدارية الحملة من الجانب النسائي أفنان سعيد آل قريش “الإعلان جاء على خلفية ما وصلنا عن حالة الطبيبة آل نصيف، حيث أثر فينا جميعاً خبر مرضها، خصوصاً مع كل ما قدمته من عطاء ومساندة لعلاج أطفالنا، فكانت الفكرة أن نعمل على تسيير رحلات لمن لا تمكنه ظروفه وقلة المواصلات لديه من الذهاب للتبرع، مع رغبته بتقديم المساعدة للطبيبة، ويكون ذلك صباح الخميس القادم.”

وأوضحت “تواصلنا مع زوج الطبيبة فتحي أبو الفور، الذي شرح لنا أن المستشفى لا يستقبل أكثر من عدد محدود للتبرع يومياً، وسيكون هناك تنسيق وجدول لاستقبال 6 متبرعين، فعملنا على نشر الإعلان لاستقطاب الأعداد المطلوبة في الوقت الراهن حتى نرى ما يستجد، كما تابعنا مع مستشفى صفوى العام والمراكز التابعة له لتنسيق العمل بشكل منظم بحسب الأيام المتاحة للتبرع”.

سيارة للمتبرعين

وأكملت “سنوفر سيارة لتوصيل المتبرعين من موقع مكتب حملة أنوار الزهراء، بمدينة العمال”.

من جهة أخرى تعاون بنك الدم في تخصصي الملك فهد، حيث ترقد آل نصيف، مع قطاع الوسطى الصحي، الذي يشمل صفوى، رأس تنورة، وعنك، والمراكز التابعة لها، وذلك بنشر رابط للتسجيل في حملة التبرع بالدم للطبيبة ليلى، بحيث يتم من خلاله التنسيق بالتواصل مع المتقدم للتبرع بتحديد الأوقات المناسبة لذلك.

https://forms.gle/xUz5nbvLEkdSUkhJ8

رقم الزوج للتواصل والتنسيق:

0551663499

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×