لكل عَزِب.. الزواج هو الصفقة.. الرابحة الخاسرة
منتظر الشيخ
قبل أن أقرر الزواج كنت أنظر إلى أصحابي فلا أجد فيهم عزباً واحد. كنت آخر من التحق بالقطار، وقد كنت متردداً كثيراً في القرار، و لا أتخيل كيف أن حبي للخلوة وحيداً سيؤرقه مُؤرِّق، وحبي لما أمتلك سيخضع لسلطة شريك، حتى سألت أحدهم ـ وكان حديث عهد بالزواج ـ، فجمّله إليّ، وحبّبه إلى نفسي.
وإن سألتني اليوم عن الزواج بعد عشر سنوات؛ فإن شئت حدّثتك بما يرضيك، وإن شئت حدثتك بما يؤرقك ويزيد حيرتك، فالزواج لا يخلص للحلاوة حُلْوُهُ، ولا للمرارة مُرُّهُ، ولعله يحلو ويمر في وقت واحد.
في الزواج ما يسرك، وفيه ما يسوؤك، قد تصبح الصباح وتكون راضياً كل الرضى عنه، وقد تسخط عليه كل السخط حين ينتصف النهار، وتعود لتطوي صفحة السخط “حين ينتصف الليل”، فتعود لما كنت عليه في صباح اليوم التالي..!
أرأيت كيف أنه يحلو ويمر في وقت واحد..؟!
وستجد في الزواج يوماً حلو المحضر، عذب الحديث، خلاباً جذاباً، مليئاً بحسن العشرة والدعابة، تكاد تحسبه اليوم الذي وُلدت لأجله.
ويأتي فيه يوم تضيق فيه نفسك، مليء بالملامة والعتاب، ثقيل لا يمضي، وكأنه الدهر كلّه، من كثرة ما فيه من غمّ لا يطاق.
ويفسد هدوء الزواج وطمأنينته حين يخالطه البطش والطغيان والظلم، و حين يغلب على قرارته العناد، والطبائع الجامحة، والثورة المدمرة، والحنين إلى زمن ما قبله.
يوماً ما سألني صديق حديث عهد بالزواج عن الزواج؛ فوصفت الزواج له بأنه الصفقة الرابحة الخاسرة، والتجربة الناجحة المخفقة، وقد ظن صاحبي ـ بجوابي هذا ـ أنني أسلك معه طريقاً لا جِد فيه، رغم أن ذلك ليس من شيمي. ولكنني أعتقد أن السخط على نظام حياتنا الزوجية أصل من أصول الطبيعة، وهو السبيل لتطوير هذه العلاقة، وأن الرضا المطلق سبيل للجمود والخمود، ثم إلى الفتور والتدهور والتفكك، والشر ـ كل الشر ـ في أن نسرف في تقدير هذا السخط، وأن نغلو في التعصب لآرائنا. وأجد أن السخط كالملح في الطعام، كثير منه يخرج الأمر عن طوره ويفسده، وقليل منه ينزل بالأمر عن قدره ويفسده.
وأمر الزواج يسير عسير، عسير لأن فيه جهداً ليس بقليل، يحتاج فيه الزوجان إلى تجنب التكلف، وعُقد الحضارة.
ويسير لأننا ـ قبل ذلك ـ لم نستوح عُقده، ولم ندرك فيه إلا جماله ولذّته، وننسى أن العواطف يتنازعها الرضا والسخط.
وعليه؛ يجب أن يتخذ العَزِبُ من أمر شريكه أمرين عظيمين إن أقبل على الزواج، الأول أن يدرس كل منهما نفس الآخر، والثاني أن يدرسا الزواج وصلاته، وما فيه من حق وواجب، وبه يجب أن يعلم أن درسه لا يجب أن يصدر عن هوى وشهوة، لأن درسه سينتهي إلى آلام؛ وخيبة آمال.
ولا يخلو أي زواج من محنة تمتحن بها الأسرة، فتتعرض لخطر الانحلال، ثم يُقال عِثَارُها، ويكون هذا الخطر نفسه وسيلة إلى تثبيت قواعدها، وإحكام ما يَجْمُعها من صِلات. كل هذا يجب أنْ يُدرس، وأنْ يُدرس في هدوء وَدَعَةٍ، وفي ألفاظ مختارة، وأساليب عذبة صافية.
فبعد الزواج ليس كما قبله، في الزواج عواطف متناقضة، تختلف مع اختلاف بيئات الناس وطبقاتهم.
وكل ما أدعوه لك ـ عزيزيّ الشاب والشابة ـ هو أن تتمهلا، فلا تنجرّا إليه مسرعَين بغير وقار، ولا تخافا بغير أناة، وليستقبل كلّ منكما الأمر على حالة ذكاء، فما قبله ليس كما بعده.
نفس الموضوع اللي مريت فيه كنت أناظر المتزوجين وعطوني من حلاوة الكلام والعسل المصفى للزواج ، الحين أقول العزوبية أحلى لأنها بدون مشاركة وحرية أكثر بدون التزامات .