من يُنقذ “ليلى” من إيذاء أمّها ويُعيدها إلى مدرستها..؟! على جسدها آثار أسنان الأم.. وحروق الزوج.. ووالدها بعيد.. وملاذها الوحيد جدّتها

فكرة: غدير آل خليل، متابعة وتحرير: أمل سعيد

ليس بالشيء الهين أو السهل أن يتحول مصدر الحب والأمان إلى النقيض.. فحينها سيتحول كل الناس إلى أعداء وموطن خطر، ولن تكون الحياة إلا سلسلة من الهروب من خطر محدق إلى خطر حقيق.

ليلى” طفلة لم تبلغ الـ9 بعد، فتحت عينيها على أم وأب متنافرين، ولم يلبثا حتى تطلقا وانهار بيت الأسرة. ولظروف فرقة الوالدين؛ أصبحت حضانة الطفلة عند والدتها التي تزوجت وغادرت المدينة التي يقطنها الأب وعائلته.

وفي حضانة أمها ساءت حياة الطفلة أكثر، فمن غربة داخل بيت لم يعرف الاستقرار، إلى بيت أصبحت الطفلة فيه هدفاً للكلام السيئ والضرب المبرح حد الإيذاء.

لا تعرف الأحرف

دخلت “ليلى” المدرسة عام 1442هـ، وسط أزمة كورونا، فكانت الدراسة عن بعد، وفي الفصل الدراسي الثاني من الصف الثاني، نُقلت إلى مدرسة جديدة. وهناك لاحظت معلماتها أنها لا تعرف حرفاً واحداً، ولا رقماً واحداً باستثناء الرقم 1.

تقول إحدى معلماتها “في بادئ الأمر قلتُ لنفسي ربما تحتاج الطفلة إلى عناية خاصة وتركيزاً أكبر، وعقدتُ العزم أن أوليها القدر اللازم من الجهد والوقت كي تعوّض ما فاتها من إتقان الأحرف والأرقام، تواصلت مع والدتها وطلبت منها تأمين كراسة خاصة بالأحرف وأخرى بالأرقام، لكنها لم تتجاوب معي، فاشتريت للطفلة دفاتر وبدأت معها من مرحلة التأسيس وتعليم الأحرف والأرقام من جديد، غير أن الوقت لم يكن في صالحنا، بالإضافة إلى أن استجابة الطالبة كانت ضعيفة جداً، لذلك لم نحصد النتيجة المرجوة”.

تضيف المعلمة “ناقشت الأم في ضعف مستوى ابنتها، فقالت إنها في أيام التعليم عن بُعد كانت هي من تفتح المنصة عوضاً عن الصغيرة، دون أن تكون حاضرة، والنتيجة لم تجتز الطفلة أغلب المهارات الواجب إتقانها؛ ولم ترفع إلى الصف التالي”.

أبله.. لا تضربيني…!

عادت الطالبات إلى صفوفهن مع بداية العام الدراسي، وعادت “ليلى” بمثل ما ختمت به عامها المنصرم، وربما بأكثر منه، تكمل المعلمة “في بداية العام التحقت بالمدرسة أخت “ليلى” غير الشقيقة، في صفها الأول، وكم كان الفرق شاسعاً بين الأختين، وكأنهما من أسرتين مختلفتين، فعلى صعيد الشكل ونظافة الهندام، كانت “ليلى” تأتي أحياناً بمريول متسخ، وشعر مبعثر، في حين تأتي أختها الصغرى إلى المدرسة بهيئة مرتبة وملابس نظيفة”.

تبدي المعلمة استياءها من المقارنة بين الأختين، وتتساءل “هل يمكن لأم أن تفرق بين ابنتيها إلى هذا الحد؟! والمحزن أن الأمر لم يقف هنا، بل تخطاه بمراحل، ولم ألتفت لذلك إلا مؤخراً، ففي ذات يوم دراسي، راحت “ليلى” تبكي فجأة وبلا مقدمات،

 ـ سألتها لم تبكين؟

ـ لأني زعلتك..!

ـ لكنك ما زعلتيني

ـ لا تزعلي مني أبله، مو قصدي أقول شي غلط، أرجوك لا تضربيني

 تقول المعلمة “أصبت بصدمة كبيرة مما حدث، لم أعرف ما بها؟، ولماذا دخلت في نوبة بكاء وأتبعتها باعتذار؟ حالة خوف وانكسار رأيتها عند الطفلة جعلتني أقرر أن أرفع حالتها للإدارة ولمعلمة صعوبات التعلم، التي حكيت لها ما حدث.. وهنا صدمتُ مرة أخرى بما قالته زميلتي المعلمة”.

تضيف “زميلتي أكدت بعض الشكوك التي كانت تدور في رأسي، وقالت إن هذه الطفلة تأتي أحياناً بآثار من ضرب وعضّ وحرق، وهو ما يشير إلى تعنيف أسري شديد، وسألنا الطفلة عن حروق جسدها فقالت إن ذلك من زوج أمها، أما العض فكان من فعل الأم، عندها لم يتبقَّ مكان للشك ولا مجال لحسن الظن”.

عنف أسري

أوصلت المعلمات معاناة الطفلة إلى إدارة المدرسة، للبحث عن حل مناسب لحالتها، وعندها تم استدعاء الأم، تقول المعلمة “عندما سُئلت الأم عن آثار العنف على جسد الطفلة، لم تنفِ ذلك، بل بررته بكلام من قبيل: تستاهل، هذا أقل من جزاها، هي ما تسمع الكلام، وما تذاكر”.

وبحسب المعلمة فإن المدرسة، بعد هذه الحادثة، “اتخذت إجراءً وصل إلى الإدارة العامة للحماية الأسرية” لكن لم يلق الموضوع تفاعلاً من قبلهم”.. تضيف “قبل أكثر من شهر جاءت جدة الطفلة لأبيها وطلبت ملف الصغيرة بهدف نقلها إلى مدرسة أخرى، ولأن الحضانة عند الأم لم تستطع المدرسة أن تعطيها الملف، لكن مديرة المدرسة وعدتها بأن تتدخل في الأمر وتطلب ذلك من أم الطفلة، فأخذت الجدة حفيدتها، وتواصلت المديرة مع الأم لنقل الطفلة، لكنها رفضت بشدة، ومنذ ذلك الحين والبنت متوقفة عن الدراسة بسبب تعنت والدتها”.

تنويه:

استعملت “صُبرة” اسم “ليلى” للطفلة تمويهاً، ومن أجل حمايتها من أي عنف جديد. كما أن الصور رمزية، ولا علاقة لها بالطفلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×