الآن.. توقفت بي بي سي “العربية” و “الفارسية” إلى الأبد بعد 85 عاماً من الخدمة.. سرّحت 382 موظفاً بسبب التضخم

القاهرة: محمد السيد، صبرة

الآن في تمام الساعة الرابعة عصراً بتوقيت السعودية (الواحدة بتوقيت لندن) توقفت بي بي سي، بعد 85 عاماً من الخدمة، وذلك في إطار خطتها لإعادة الهيكلة والتوجه إلى العروض الرقمية نتيجة أزمة مالية.

وحول سبب الإغلاق ذكرت الهيئة في بيان سابق إنه من المقرر إلغاء 382 وظيفة بموجب هذا القرار، وإغلاق راديو “بي بي سي عربي” وراديو “بي بي سي الفارسي”، مشيرة إلى أن “التضخم والتكاليف المرتفعة وتسوية رسوم الترخيص النقدية الثابتة أدت إلى اتخاذ خيارات صعبة”.

وستواصل “بى بى سى” الخدمة العالمية للغة الإنجليزية على الصعيد العالمى كهيئة إذاعية على مدار 24 ساعة، مع الإعلان عن مواعيد وبرامج جديدة وبودكاست في الوقت المناسب، وفق ما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية.

بداية الرحلة

وبدأت رحلة بي بي سي عربي إذاعياً منذ عام 1938م، ووفقاً لموقع بي بي سي فقد قرأ المذيع أحمد كمال سرور أول نشرة إخبارية على أثير الإذاعة العربية الوليدة حينذاك.

قبل تدشين خدمتها العربية الخاصة بها، تعاونت بي بي سي في منتصف الثلاثينات مع الفيزيائي، غولييلمو ماركوني، في تأسيس الإذاعة الوطنية الفلسطينية (1936-1948) والإذاعة الوطنية المصرية (1934- وحتى الآن).

وقد استفادت بي بي سي عند إطلاق الخدمة الإذاعية العربية من تجربة محطة الإذاعة الفلسطينية التي كانت تبث برامجها بالعربية والعبرية والإنجليزية.

وكان ماركوني قد أسهم في تأسيس “شركة الإذاعة البريطانية” كمحطة إذاعية خاصة في 1922، قبل أن تتحول إلى خدمة عامة لاحقا عرفت بهيئة الإذاعة البريطانية عام 1927.

وفي 1932، أنشئت خدمة ناطقة بالإنجليزية حصرا موجهة للمستعمرات ومناطق الانتداب تحمل اسم خدمة الإمبراطورية البريطانية، وكانت تعيد بث المواد المسجلة بالإنجليزية عبر الخدمات الإذاعية المحلية.

وفي 1939، حملت هذه الخدمة اسم الخدمة الخارجية العامة، وهي نفسها التي صارت في عام 1965 الخدمة العالمية لبي بي سي.

راديو باري

وأطلقت الحكومة الإيطالية راديو باري الناطق بالعربية في عام 1934 من طرابلس الغرب في ليبيا، ما فسر على أنها محاولة من روما لتأجيج الاحتجاجات ضد بريطانيا في مستعمراتها العربية.

لذلك أطلقت الحكومة البريطانية الخدمة العربية عام 1938 كأولى خدماتها بلغة غير الإنجليزية، ضمن خدمات بي بي سي الموجهة لمناطق الانتداب.

بدأت الخدمة العربية ببث يزيد قليلاً على ستين دقيقة يستهل بنشرة أخبار ثم رسائل من قادة مناطق الانتداب العربية، ثم مواد متنوعة.

زادت تلك الفترة إلى ثلاث ساعات مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت تذاع خلالها أربع نشرات إخبارية، وكان البث يُستهل بآيات من القران الكريم في نهج استمر لعقود طويلة.

هنا لندن

وفي السنوات التالية، انضم لسرور في تقديم المواد الإذاعية الرواد حسن الكرمي صاحب برنامج “قول على قول” وعيسى الصباغ الذي اشتهر بقراءته الرصينة للتحليلات السياسية. وتوالت الأسماء اللامعة العربية تباعا لتكون المحطة التي ذاع صيتها جسرا بين بريطانيا وشعوب مستعمراتها في ذلك الحين.

ظلت الإذاعة بعنوانها المعروف “هنا لندن” بعد دقات بيغ بن ملتقى للعديد والعديد من الشخصيات العربية المؤثرة في الفن والثقافة والرياضة والموسيقى والغناء وغير ذلك، ومن بين الأسماء التي تحدثت عبر أثير بي بي سي في تلك الفترة أم كلثوم خلال زيارة للندن في عام 1949 والمغنية اللبنانية فيروز في 1961.

ومن هذه الأسماء التاريخية فيصل الثاني ملك العراق الذي سجل في أبريل 1951 لقاء بثته بي بي سي بمناسبة عيد ميلاده السادس عشر حيث كان الملك طالبا في مدرسة هارو ببريطانيا آنذاك. والأمير فهد بن عبدالعزيز، وزير الداخلية السعودي آنذاك.

حرب 67

وكانت حرب 1967 فرصة لتكون الخدمة العربية ملاذ جل المستمعين العرب بعدما روت إذاعاتهم رواية غير حقيقية في بداية الحرب التي تركت كثير الحزن على العاملين بالإذاعة دون أن يتخلى أحدهم عن الحرفية والموضوعية المعتادة.

في بداية التسعينات كان يعمل بالقسم العربي زهاء ثمانون شخصا بين مذيع ومنتج وفني وإداري، بعضهم تحول للتلفزيون الوليد الذي أنشأته بي بي سي في عام 1994.

وفي 2003، افتتحت الإذاعة مكتبا لها في القاهرة تزامنا مع بد الحرب على العراق لإسقاط نظام صدام حسين ليكون أول مكتب للخدمة العربية خارج مقرها الرئيس في لندن .

وفي 2008، كانت الإذاعة والموقع العربيان أول الخدمات الأجنبية التي انتقلت وانطلقت من مبنى نيو برودكاستنغ هاوس في لندن من مقرها في بوش هاوس Bush House في شارع ستراند الذي استقرت به منذ عام 1941.

تنامي الاعتماد على التقنية

وفي 2019 نقلت بي بي سي المزيد من برامجها من المقر الرئيس في لندن ومقرها الفرعي بالقاهرة إلى منفذ إضافي في العاصمة الأردنية عمان ليضيف زخما جديدا للخدمة العربية العريقة.

وفي عام 2022، ومع تنامي الاعتماد على التقنية الرقمية والانتشار الواسع للهاتف المحمول وما حمله من تراجع للتكنولوجيا التناظرية ورغبة في تخفيض الإنفاق في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة والاستثمار في الوسائل المفضلة الجمهور المتلقي، تقرر المؤسسة التحول إلى خدمة صوتية رقمية على حساب خدمتها الإذاعية التقليدية على موجاتها المعتادة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×