[كانت مدرسة 4] في “بيت مكّية”.. درست بنات دارين أمام البحر الطالبات يتذكرن "الورق الحجازي" ومعلمات مصر والشام

من غرف ضيّقة بدأت حياتهم مع الطباشير والكراريس.. وفي الدروب الترابية ساروا على أقدامهم إلى مدارس بعيدة، تحت حرّ الشمس، ووابل المطر. بعضهم حفاة، بلا تذمّر ولا تأفّف. درسوا وحصّلوا ونجحوا، وأصبحوا على ما أصبحوا عليه، مشاركين في بناء وطنهم وخدمة مجتمعهم.

هذه هي القصة التي تسردها صُبرة بالتفصيل من ذاكرة ناجحين بدأوا حياة المدرسة في ظروف لم تكن متوفرة كما الآن. طلاب درس بعضهم في السطوح، وتلقّوا دروس الحصص مبللين، وعادوا إلى منازلهم جائعين منهكين.. ومع ذلك؛ ثابروا وثابروا.

كانت مدرسة“.. تلك هي القصة التي تعود إليها “صُبرة” مع الطلاب والمعلمين، في مدن القطيف وقراها، عبر سلسلة من التقارير الصحافية النابشة للذاكرة، والمُشيرة إلى الحاضر.. والمستقبل..

قصصنا تبدأ مع احتفال العالم باليوم العالمي للتعليم، الموافق 24 يناير من كل عام، وتتسلسل حلقات القصة، يومياً مع مبنى ـ أو مكان ـ كان مدرسة يوماً ما..

كلّ يوم مدرسة..

أمام البحر.. كانت مدرسة

دارين: ليلى العوامي

أول مدرسة تم بناؤها على أرض جزيرة دارين كانت في منطقة الحوطة في زقاق ضيق سُميت بالإبتدائية الأولى بدارين وتأسست عام 1383هـ أي قبل 61 عاماً.

بعد عدة سنوات تهدمت المدرسة، وخوفاً على الطالبات تم نقلهن إلى منزل في منطقة شرق المدرسة. المنزل الذي تم استئجاره هو منزل سيدة تدعى “مكية البنعلي” ويقع على بُعد 120 متراً من ساحل جزيرة دارين، واعتاد أهل الجزيرة تسميتها بدل من إسمها إبتدائية دارين الأولى بمدرسة مكية.

المدرسة تقع على هضبة مرتفعة قليلاً كانت منزل بسيط يتكون من عدة غرف وطابق واحد وبوابتين إحداهما في مكان ضيق والأخرى مواجهة للجهة الجنوبية الغربية من المنطقة.

أسماء إبراهيم عبدالله الدحيم المعروفة بـ “أم خميس” كانت عاملة فيها.. وتتذكر بعض التفاصيل وتقول لـ “صبرة” “عملت في الابتدائية بمنزل مكية واسمها ابتدائية دارين الأولى للبنات وتعودنا أن نقول “بيت مكية” ومديرتها حصة الذوادي “أم يوسف” كانت في مبنى دارين الحكومي، ثم انتقلنا إلى البيت المستأجر ثلاث سنوات، بعدها عُدنا إلى الثانوية الأولى بدارين التي تأسست عام 1399هـ، وتم فتح مدرسة إبتدائية فيها بدلاً عن المستأجرة، وحينما تم الإنتهاء من المدرسة الحكومية وترميمها تم فتح مدرسة متوسطة للبنات فيها وكان ذلك عام 1391هـ.

وعن مدرسات “بيت مكية” قالت “أتذكر منهن من الدمام هدى الفيحاني وعايشة الفيحاني، وكان الحارس زوجي محمد خميس سعيد النعيمي.

وتضيف أم خميس “المدرسة تحتوي على غرفة للمديرة وستة فصول وغرفة المعلمات وساحة صغيرة وخمسة حمامات وطابق واحد، ولم يكن بنات دارين فقط من يدرسن فيها وإنما حتى من سنابس.

على ورق حجازي

وتتذكر الطالبة هدى العميري بعض معلمات مدسة “بيت مكية”.. فتقول “معلماتي بدرية المعضادي والمعلمة نادية مصرية الجنسية والمعلمة روحية فلسطينية أردنية والمعلمة سماح كانت تدرس مادة العلوم والمعلمة فوزية كانت تدرس الحساب.

وأضافت “المبنى كان بيتاً مستأجراً على البحر وكان فيه سور، وكنا نخرج وقت الفسحة، وكان البيت متوسط العمر، وبما أن بيتنا بعيد عن المدرسة وفرت التعليم الباص الحكومي الأصفر.

وتابعت “مواد الابتدائي القديمة كانت الحساب والمطالعة والخط والتعبير والإملاء والفقه والتوحيد والقرآن الكريم والرسم. ويقام معرض سنوي لمشاركات الطالبات وأفضل الرسمات والغرز والتفصيل والخياطة، وأذكر حفل أخر السنة كانوا يقدمون للمتفوقات، هدايا ولأنني الأولى في الصف الأول ابتدائي كانت هديتي أقلاماً خشبية لونها أزرق، واختباراتنا التحريرية كانت على ورق حجازي”.

مدرسة بعيدة

طالبة أخرى هي سميره أحمد هلال الذوادي تتذكر فتقول “درسنا فيها بعد أن تم نقلنا لمنزل مكية، وذلك لتعرض المدرسة لسقوط، وكانت مديرتها حصة الذوادي رحمها الله، ومساعدتها  فاتن العميري التي كنا نعرفها بكنيتها “أم زامل”، وهناك المراقبة رقية الدوسري. كان البيت مستأجراً وصغيراً ومع ذلك درسنا فيه،  على الرغم من كونه بعيداً عن منازلنا، ووفرت لنا “الرئاسة” حافلة مدرسة، اسم سائقها “صالح”. ومعظم مدرساتنا عربيات من الأردن وفلسطين، ومصر ولكن المديرة والمساعدة والمراقبات سعوديات.

وأضافت “معلمة العربية كانت تدعى ابتسام، وكانت معلماتنا يقدمن الدروس بأسلوب القصة، لهذا رسخت في ذاكرتنا، ونهاية العام يقيمن لنا حفلة، فوق السطح معتمدات على طالبات الصف السادس”.

وتتابع الذاودي “لم يكن لدينا طابور كون المنزل مستأجراً، ولا ساحة فيه، ولا يمكن جعل الطابور في الطريق”، وعن دراستها تقول “درست فيها الصف الثالث والرابع فقط، بعدها انتقلنا إلى المدرسة الثانوية القريبة من مقبرة دارين عام 1398هـ كأول دفعة بعد البيت المستأجر، ودرسنا الصفين الخامس والسادس، وكان معي بنات البنعلي والذوادي والعواد والهارون والدريعي، والكثير درسن معنا، والحارس هو محمد العماني من دارين والحارسة سلمى، ومدرسة الرياضيات فوزية المصرية ساعدتنا على حفظ جدول الضرب كأسمائنا ومدرسة الدين بدرية المعضادي”.

وتتذكر سميرة الكثير من تفاصيل تلك المدرسة ومنها “معرض نهاية السنة الذي يحتوي على أعمال الطالبات وتقيمه مدرسة التدبير مع البنات فيبيعون ونقودها تذهب لفلسطين”.

ومن ذكرياتها أيضاً تقول “أول ما تهدمت مدرستنا الحكومية تم نقلنا لبضعة أشهر في منزل ملفي العساف كان قديماً، بعدها تم نقلنا لمنزل “مكية”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×