امرأة من الجمهور تحاور الممثلين في مسرحية “وبعدها ساكتة” مالك القلاف يفجّر طاقته "المجنونة" بإسقاط المرأة على قضايا المجتمع
الدمام: أحمد عبدالله
إذا كان الأمر مخططاً له فهو تحايلٌ ذكي. وإن كان صدفةً؛ فهو نوعٌ جديد يمكن وصفه بـ “المسرح التفاعلي”. وفي الحالتين؛ يمكن القول إن وقوف امرأة من جمهور مسرحية “وبعدها ساكتة” ودخولها في حوار مباشر مع الممثلين انتصاراً لطرحهم؛ يشير إلى مسرح جديد، ومختلف، وعابر لتفاصيل كثيرة في سبيل إيصال رسالة مسرحية مثقفة وناقدة.
هذا ما يُمكن الخروج منه بعد مشاهدة “وبعدها ساكتة” التي بدأ أول عروضها، مساء البارحة الجمعة، على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام.
وضع فريق عمل المسرحية المجتمع الشرقي على محكّ الفحص والتفكيك، ومن خلال شخصية فتاة خُطبت لشابٍّ لا يصلح للزواج، شُخّصت قضايا اجتماعية محورية كنوع من إسقاط إشكالية التقاليد والتفكير المحدود على سلسلة من هذه القضايا.
التفكير الجامد مقابل الزمن المتغير، الخلل الفني الطاريء مقابل مواضع خلل تشهدها يوميات الناس، سكوت الفتاة أمام الضجيج الفارغ الذي ينشغل به المجتمع عن شؤون الأهم والأعمق. كلُّ دقيقة من وقت المسرحية استُثمرت لمواجهة ما يمكن وصفه أوضاعاً عامة، من خلال قصة خاصة، قصة الفتاة الساكتة.
إطفاء الأضواء، ثم إعادة إشعالها، كان من تقنيات المسرحية منذ البداية. حتى تلك المرأة التي نهضت من مقعد الجماهير لتسجل تأييداً لخطاب المسرحية؛ كانت ـ على الأرجح ـ جزءاً من سيناريو معدّ سلفاً لتؤدي المرأة دوراً مسرحياً من دون أن تقف على خشبتها، التزاماً للقوانين. لكنّ حضور المرأة ـ في المسرحية ـ كان طاغياً ومُشبِعاً لكل المشاهد المتعاقبة. ما زال الرجل يؤدي دور المرأة على الخشبة، كما فعل عبدالعزيز الهزاع في السنوات الأولى من الإذاعة. وهذا ما جعل عزيزاً على أصحاب المسرحية أن يؤدي مسرحية كاملة محورها المرأة من دون أن يكون للمرأة دور فيها.
ظهرت المسرحية كعمل مثقف جداً، وشعبي للغاية في الوقت ذاته. وما بين الضدّين تُفهم رسالتها الدرامية الممزوجة بقدرٍ معقول جداً من الكوميديا المسرحية. ما تحتاجه المسرحية هو جمهور أكثر من عدد عرض اليوم الأول. أمام الجمهور فرصة للتعرف على أسلوب مالك القلاف حين يُعامل نصّاً مسرحياً نقياً كتبه مثل عيد الناصر.
عيد الناصر |
كاتب النص روائي، وقاص، وناقد. نشر ثلاثة إصدارات أدبية، وله نصوص تحولت إلى أفلام قصيرة، وكتب نصوصاً مسرحية، بينها مسرحية “من” التي حازت أفضل عرض متكامل وأفضل إخراج في المهرجان المسرحي بجمعية الثقافة والفنون بالدمام. وسبق أن تقلد منصب مدير الجمعية نفسها عام 2009.
مالك القلاف |
مخرج المسرحية. يحمل البكاليريوس في النقد والأدب المسرحي من المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت، ولديه رصيد من إخراج العروض المسرحية، ومجموعة من الجوائز المحلية والدولية، وخبرة في تحكيم مهرجانات في الدمام والكويت. ضمن لجنة التحكيم وقدم العديد من الورش والدورات التدريبية على مستوى جمعية الدمام للثقافة والفنون بالسعودية وأيضاً المجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت. له إصدار قصصي متوفر في المكتبات بعنوان (ليتني تعريت للمطر) عن دار الكفاح للنشر.