فاطمة العلي: طقوس أعراس الأحساء تراث إبداعي أساسي
الأحساء: صبُرة
أكدت باحثة سعودية، متخصصة في التراث “الثقافي” الإنساني في السعودية، إسهام تنوع طقوس “الأعراس” في مدن وبلدات واحة الأحساء الزراعية، في إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو”، في منح الأحساء، لقب “المبدعة” عالميًا في شبكة المدن الإبداعية العالمية في اليونيسكو عام 2015م، في المجال الإبداعي الخاص بالفنون الشعبية.
وأشارت إلى أن “الأعراس” في الأحساء، أسهمت في تعزيز عناصر التراث غير المادي في مدن وبلدات الأحساء، وباتت طقوس “الأعراس” قديمًا، تمثل كرنفالات مفتوحة في الحارات، وانتقلت تلك الطقوس والكرنفالات إلى بعض الأعراس، ومن بينها الأعراس الجماعية، التي تشهدها مدن وبلدات واحة الأحساء.
الفنون الإيقاعية والغنائية
وأوضحت الباحثة في التراث “الثقافي” الإنساني في السعودية، فاطمة أحمد العلي، التي كانت تتحدث في محاضرة بعنوان: “تراث الأحساء غير المادي.. صفحات تختزل آلاف السنين”، على مسرح الخيّالة، بمتنزه عين نجم في مدينة المبزر التابعة للأحساء، ضمن مهرجان: “واحة الأحساء”، الذي تنظمه هيئة التراث، ومحافظة الأحساء، ونادي الأحساء الأدبي، بالتعاون مع أمانة الأحساء، وبحضور رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري، وحشد من المثقفين والمثقفات، والمهتمين والمهتمات، أن طقوس “الأعراس” في الأحساء، مليئة بحزمة واسعة من التراث غير المادي.
واستشهدت العلي بالفنون الشعبية والإيقاعية والغنائية المتنوعة، ومن بينها: فن الخماري الحساوي، والعرضة الحساوية، وفن الجلوات في الأعراس، وفن الهيدا، والفرق النسائية “الطقاقة”، وتزيين العروس بالمصوغات الذهبية، من صياغة الأحسائيين، الذين برعوا فيها، وارتداء العريس للبشت الحساوي، الذي تفنن فيه خياطته الأحسائيين، ومن الأحساء انطلقت صناعته إلى مختلف دول الخليج والوطن العربي، والدلة الحساوية، كعنصر ضيافة رئيس في الأعراس لتقديم القهوة، والأزياء الشعبية من خلال ارتداء العروس ثوب النشل.
المشهد العالمي وذاكرة الأجيال
ووصفت العلي، أعراس الأحساء، بالمهرجانات والكرنفالات الثقافية، وساحات فرح وبهجة تعم الحارة أو القرية بأكملها، ففيها تتمثل أسمى السلوكيات والأخلاقيات في تعاون وتكاتف الأهل، وحسن الاستقبال والحفاوة، والضيافة والكرم الأحسائي، الذي يقدمونه دعمًا لبعضهم، وتقديم الهدايا، وينتهز الأطفال في تحويل جزء من موقع العرس إلى ساحة لممارسة الألعاب الشعبية، موضحة أن إعلان اليونيسكو، بمنح لقب “المبدعة عالميًا” في مجال الفنون الشعبية، هو بمثابة الاعتراف العالمي بـ”العرس” الأحسائي، وهي المناسبة الكبيرة، التي تحتضن العديد من الفنون الشعبية، وبذلك تكون “الأعراس” الأحسائية، حاضرة في المشهد العالمي، وراسخة في ذاكرة الأجيال.
السباحة وليلة الحناء
وشهدت المحاضرة، عرض مقاطع مرئية، ومشاهد متعددة للأعراس قديمًا في مدن وبلدات الأحساء، تحكي عادات الزواج، وفي طياته طقوس متنوعة، تبدأ من صباح يوم الزواج إلى اليوم التالي، تصاحبها السباحة في عيون الأحساء للعريس، والتجول في الطرق الزراعية في داخل الواحة خلال ساعات النهار، والأهازيج المختلفة من منطقة إلى أخرى في الأحساء، وليلة الحناء، و”الدزة”، وإعداد الولائم في وجبتي الغداء والعشاء “الكبسة الحساوية”، وغيرها من الأكلات الشعبية، والخطبة، والاتفاق على يوم الزواج، وحبة الراس، والنقوط، والصباحة.
الترابط بين الأسر الأحسائية
بدوره، عبَّر رئيس مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري، عن سعادته، بالحديث الشيق من الباحثة في التراث الأستاذة فاطمة أحمد العلي في محاضرتها، ضمن فعاليات المهرجان، إذ يشرف النادي الأدبي على الفعاليات الثقافية في المهرجان، وقد استهلت العلي حديثها في المحاضرة، ببداية لافتة، إذ جعلت من الشعر منطلقًا لمحاضرتها، التي وفقت فيها أيما توفيق، حيث جعلت الحضور الكبير في المسرح مشاركًا لها في المحاضرة من خلال طرح الأسئلة عليهم وإشراكهم في الحديث عن محاور المحاضرة.
ووقفت عند كثير من عناصر التراث الأحسائي كالزراعة وحياكة البشوت والملابس وغيرها، لكن اللافت وقوفها المميز عند عادات الأحسائيين في الزواج، وبينت كثيرًا من هذه العادات الجميلة التي تكشف عن مدى الترابط بين الأسر الأحسائية في هذا الجانب، وقد حظيت المحاضرة بحضور كبير من المثقفين والمثقفات والمهتمين بالتراث الأحسائي.