جاسم العسيّف.. متطوع في كلّ الاتجاهات أدمن العمل بلا مقابل طفلاً.. وأصبح من روّاده شاباً
القطيف: فاطمة آل محمود
منذ وقت مبكر جداً من حياته، اعتاد جاسم محمد عبد الله العسيف على الانخراط في الأعمال التطوعية، ليخرج منها سعيداً وراضياً بما صنعه في خدمة المحيطين من حوله.
ولا يتذكر العسيف، وهو من أهالي التوبى في محافظة القطيف، أنه رفض، ولو مرة واحدة، الاشتراك في مبادرة عمل تطوع عُرضت عليه، مؤمناً أن ثواب هذا العمل خير من الدنيا وما عليها.
العسيف الذي يبلغ اليوم عامه الـ35، يؤكد أن التطوع بات يسري في دمائه، ومن المستحيل أن يتوقف عنه طيلة حياته.
5 سنوات
عرف العسيف طريق التطوع، وعمره 5 سنوات، فكان يتطوع لتنظيف المجالس الدينية، ويساهم في توزيع الضيافة على الحاضرين، وعندما التحق بالروضة، فكان عريفاً للفصل، يساعد في تنظيمه، ثم التحق بفريق الكشافة في المدرسة، وفيه قدم خدمات تطوعية، تنعكس إيجاباً على مدرسته.
ويفسر العسيف حبه للعمل التطوعي بقوله “نشأت في التوبي، التي كانت تشهد تنظيم أعمال تطوعية بصفة دائمة، وهذا ما ساهم بشكل كبير في صقل شخصيتي التطوعية، وحبي للتطوع، كذلك سائر الذين كانوا في عمري نفسه”.
المرحلة المتوسطة
وفي المرحلة المتوسطة، واصل العسيف نشاطه التطوعي. ويقول عن هذه الفترة “انتقلت إلى نادٍ صيفي في مدرسة الشاطئ، وعملت تحت قيادة عبد العظيم التركي قائد الكشافة، وشاركت معه في معسكر تثقيفي للمحافظة على البيئة، ومن خلاله، كنت أشارك في تنظيف وإزالة الأوساخ عن شاطئ نصف القمر”.
ولم يختلف العسيف في المرحلة المتوسطة، عنها في المراحل السابقة. حيثا اتجه إلى البحث في الشوارع عن الخدمات التي تحتاج إلى صيانة وإصلاح، مثل الإنارة والصرف الصحي وغيرهما، ويكتب عنها أخباراً، ويرسلها إلى صحيفة “اليوم” لنشرها، في صورة بلاغات صحافية إلى الجهات المعنية بضرورة إصلاح الأعطال فوراً.
ويقول العسيف عن تلك الفترة “كان المسؤولون في الصحيفة يستقبلون الأخبار التي أكتبها برحابة صدر واسعة، وينشرونها”. ويضيف “كان أقراني يتعجبون من أسلوبي الاحترافي في الكتابة، بالرغم من صغر سني، في المقابل، كنت أعتبر ما أقوم به خدمة وطنية، وساهمت أيضاً في حملات تطوعية كثيرة في ذاك الوقت، من ضمنها حملات تنظيف الشواطئ والمقابر، والتحقت متطوعاً رسمياً وعضواً في جمعية التنمية في التوبي حالياً (لجنة التنمية في التوبي سابقاً).
موسم الحج
وفي العام 1428هـ، شارك العسيف في معسكرات الخدمة العامة في موسم الحج، وحصل على وسام التميز، بعد اختياره أفضل كشاف. وفي المرحلة الجامعية، التحق بالجوالة، وهي المرحلة المتقدمة من الكشافة، وشارك معهم في كثير من المعسكرات في داخل المنطقة وخارجها.
ويقول “كان آخر ترشيح تطوع لي، يفترض أن أقوم به خارج البلاد، كان في المخيم الكشفي العالمي في العام 2019 في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الظروف حالت دون ذلك”.
وتابع “عملت في التطوع ضمن كشافة في مأتم مياس، بالتعاون مع المرور، وساهمت في تنظيم حركة السير من عام 2004 الى عام 2016، حيث كانت الحركة المرورية تشهد ازدحاماً شديداً غي ذاك الوقت”.
مواقف لا تنسى
وفي مسيرته التطوعية، يتذكر العسيف مواقف كثيرة لا ينساها. ويقول “من ضمن هذه المواقف، عندما كنت مشاركاً في موسم الحج، وأعمل بنظام الورديات 6 ساعات عمل يتلوها 6 ساعات راحة وهكذا ، حيث انتهى دوامي، وفي طريق عودتي إلى السكن، وهو يقع بالقرب من الجمرات (عند إرشاد التائهين)، جاء حاج هندي كبير في السن تائه عن ذويه، وقد بانت عليه علامات الإرهاق والتعب، وطلب المساعدة في إيصاله إلى أهله، فاعتذر له زملائي في المعسكر عن عدم خدمته، لأنهم كانوا مشغولين مع حجاج آخرين، إضافة إلى أنهم كانوا مرهقين، وما كان مني إلا أن بادرت بخدمته، وضحيت بوقت راحتي، وقررت أن أساعده وإيصاله إلى أهله، رغم أن مخيمه كان يبعد بنحو ساعتين”.
وأكمل “غصتُ وسط زحام الحجاج، ورغم الإرهاق، أوصلته عند الثانية والنصف فجراً إلى مخيمه، وأتذكر إنه عندما رأه ذووه أمامهم، كانوا سعداء وفرحين جداً، وذهبت عنهم آثار التعب والإجهاد والمشقة من كثرة البحث عنه طيلة اليوم، وأتذكر أنهم حاولوا بشتى الطرق أن يقبلوا يداي ورأسي، ودموع الفرح تملأ أعينهم، لكنني رفضت استحياءً، وأكدت لهم أنني لم أصنع سوى الواجب الإنساني، راجياً منه ثواب الله عز وجل، فرفعوا أياديهم إلى السماء للدعاء لي”.
ويعلق العسيف على تلك الواقعة “الفرحة في أعين أقارب الحاج الهندي، وأدعيتهم المتواصلة لي، رغم أنني لا أفهم لغتهم، كانت تستحق مني العناء والتضحية بوقت راحتي، وبالفعل لم أرجع مسكني إلا في 6:00 صباحاً، ولم تتبق سوى ساعتين لبدء دوامي في اليوم التالي، لكنني كنت مرتاحاً جداً والحمد لله”.
فوائد جمة
ويرى العسيف أن هناك فوائد جمة في أعمال التطوع. ويقول “من الأمور الإيجابية لأعمال التطوع، أنها تجعل للمتطوع في كل مكان أهل وأصدقاء على شتى المستويات والجنسيات والأماكن، والكل يتمنى أن يخدمك، ويرد لك العطاء، وهذا ما أشعر به اليوم”.
ويحث العسيف كل من يعمل بالعمل التطوعي، على أن يتحمل النقد والصعاب، ويصارع الموج، ولا يتحطم من أول هزة أو نقد. ويقول “من يعمل في هذا المجال، فسوف يصطدم بمن يحطم حماسه، ويحاربه، لكن على المتطوع أن يتمسك بالثبات والصمود”.
وحالياً، يعمل العسيف موظفاً في وزارة الصحة، في شبكة الدمام الصحية (مجمع الدمام الطبي)، وعضو جمعية التنمية الأهلية في التوبي، وقائداً كشفياً في التوبي، ومتطوعاً في جمعية العطاء النسائي، ومتطوعاً في البلدية، وكثير من اللجان الأخرى، ويشترك ضمن كادر في المساجد بالتوبي والحسينيات.
عطاك الله الصحه و العافية و استمر و لا تواقف و نحنو معك و انا عن نفسي افتخر اني اعرف شخص مثلك وانت مو بس صاحب انت اخ لم تلده امي
يعطيك العافيه والصحه على القوة جعله الله في ميزان حسناتك