للمعاقين حقوق..؟ أم تمييز..؟

نسيمة السادة

دار نقاش لي مع إحدى المشرفات عن برامج ثقافية وعلمية والتابع لإحدى الشركات الكبرى وسألتها: لم لا يوجد تخفيض في تذاكر الدخول للمتحف أو الفعاليات لذوي الإعاقة؟ بدأت خطة دفاعها بالقول أولاً: إن البرامج وللأسف غير مناسبة لذوي الإعاقة وأنه لا يوجد ترجمة للإشارة، ولتزيد الطين بلة قالت ولم يجب أن يكون لذوي الإعاقة تمييز عن غيرهم في تذاكر الدخول يجب أن يعامل الجميع سواسية وذوي الإعاقة كغيرهم!! وأنه يجب علينا معاملتهم كغيرهم حتى لا نجرح مشاعرهم! حينها توقفت عن نقاشها وظننت أني سأرجع إلى نقطة الصفر لأناقش في بديهيات حقوق ذوي الإعاقة، وقد زادني ألما أن من يقول هذا الكلام هو شخص مسؤول وعلى برامج كبيرة صرفت فيها الدولة الكثير.

هنا مفهوم جوهري يجب أن يتضح للعامة للتفريق بين التعاطف مع ذوي الإعاقة والتأسي على حاله وتحويله من معاق جسديا لمعاق اجتماعيا وما بين تمتعه بحقه في التمييز الإيجابي والذي يساهم نوعا ما في تيسير حياته وتذليل بعض من الصعوبات التي يعانيها بسبب إعاقته. فهو لا يستجدي ولا يسأل أحداً من ماله بل هذا حقه كإنسان، من حق ذوي الإعاقة التمتع بكل الفرص التي يتمتع بها المواطن العادي ولكي يتمكن من الوصول إلى مرحلة المواطن العادي يجب أن يقدم له العديد من التسهيلات، كرسي العجلات والسطوح المائلة، السماعة الطبية، وأجهزة التكبير وكتب لغة برايل والتعليم الجامعي والرعاية الصحية الملائمة وغيرها تقدم لذوي الإعاقة لاستحقاقهم وليس تفضلا منا عليهم. وتضمن الأنظمة في المملكة هذه الحقوق وتحاول تقديم أفضل الممارسات العالمية لحماية حقوق ذوي الإعاقة، خصوصا بعدما تم إنشاء هيئة رعاية أشخاص ذوي الإعاقة والتي تهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان حصولهم على حقوقهم وتعزيز دورهم في المجتمع والعمل على تطوير الخدمات التي تقدمها لهم. وهذ أمر طبيعي في بلد يحتضن مليوني وما يقارب النصف من المعاقين بمختلف اعاقاتهم.

وقد صدر نظام رعاية المعوقين في عام ٢٠٠٠ ميلادي ليقر حقوق المعاقين في المجالات الصحية والتعليمية والتربوية والتدريبية والتأهيلية وفي المجالات الاجتماعية والإعلامية وفي مجال الخدمات التكميلية والتي تشمل تهيئة وسائل المواصلات العامة لتحقيق النقل للمعاقين بأمن وسلامة وبأجور مخفضة للمعوق ومرافقه.

على جميع أفراد المجتمع معرفة هذه القوانين ومحاولة تطبيقها وليس المشتغلين بشأن المعاقين فقط فصاحب المحل أو المطعم يجب عليه تهيئة السطح المائل لاستقبال المعاق حركيا. وأنت عليك أن لا توقف سيارتك في المكان المخصص لسيارات ذوي الإعاقة أو إيقاف سيارتك بحيث تغلق المساحة الخاصة بدخول كرسي العجلات، ما نراه نحن سهلا يتطلب جهدا جبارا من المعاق.

وأقول لتلك المشرفة أن تخفيض أجور الدخول للمرافق والبرامج والمتاحف هو أبسط تمييز إيجابي يستحقه المعاق لكي يعوض شيئا بسيطاً جداً من معاناته ومصروفاته التي يحتاجها لأداء مهامه اليومية.

في بلدنا الحبيب منظومة كبيرة من الأنظمة التي تحمي ذوي الإعاقة ولكن للأسف لم تنعكس تمظهراتها على أرض الواقع بعد كما ينبغي. فحين يسألني ابني لم أحصل على التخفيض في مرافق دبي الترفيهية ولا أحصل عليها هنا؟ أقف حائرة لأسأل لم لا تتم مراقبة تنفيذ هذه الأنظمة وإخراجها من بطون القوانين وإلزام الناس بها.

إن كل الأنظمة تحتاج إلى مراحل تشريع ومن ثم نشر وتوعية، ومن ثم تنفيذ ويليها المراقبة والإلزام. كل ذلك يحتاج إلى جهة موحدة يتجه إليها ذوي الإعاقة للحصول على حقه، هذه الجهة لديها الصلاحية والقوة الإلزامية والرقابية لحماية حقوق ذوي الإعاقة فالتشريع بداية الطريق وليس نهايته. وما اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة والذي يوافق ٣ ديسمبر إلا محطة مراجعة لحقوقهم واحتياجاتهم المستمرة ولطرق مساعدتهم وتمكينهم. ليس على مستوى الدولة فقط بل على مستوى كل شخص في هذا الوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×