[5] يا لثارات الحسين.. من الواقع إلى الفلكلور..! قراءة في التاريخ والأدب والمجتمع
صراع الحمدانيين والعباسيين.. سياسياً ومذهبياً
أتفخرونَ عليهم..؟ لا أباً لكـمُ
حتى كأنّ رسولَ اللـهِ جَدُّكُمُ…!
(أبو فراس الحمداني)
ضمير المخاطَب هنا يعود على العباسيين، وضمير الغائب على العلويين. والبيت من قصيدة معروفة لأبي فراس الحمداني متأذياً من مصائر العلويين بين أيدي أبناء عمومتهم..!
وثمةَ شعرٌ كثيرٌ في هذا العصر، تناول مقاربات التنكيل بين اليد الأموية والأخرى العباسية في حقّ أهل البيت.. وأبو فراس نفسه يقول مخاطباً العباسيين:
ما نال منهمْ بنو حربٍ ـ وإن عظمتْ
تلك الجرائرُ ـ الا دونَ نَيلكُمُ..!
ووسط الدعك السياسيّ/ العقَدي؛ تراجع شعار “ثارات الحسين”، بانشغال الناس بقضايا متجدّدة تشعّبت بها المظالم السياسية وحركات التمرّد في أقاليم البلاد العربية، خاصة مع مطلع عصر الدويلات. ففي هذه المرحلة ـ بالذات ـ بدأت الكفّة تتأرجح بين الكفّ عن العلويين ومحاولة إيذائهم سياسياً.. وربما وصل الأمرُ بكُبراء العلويين إلى أن يصرّح بمجده أمام عين الخلافة ذاتها..
ألم يقف الشريف الرضيّ مخاطباً القادر بالله مُذكّراً إياه بأنه مثله تماماً، باستثناء أن القادر خليفة:
عطفاً، أميرَ المؤمنين، فإنّـنـا
في دوحةِ العلياءِ لا نتفـرّقُ
ما بيننا ـ يوم الفخار ـ تـفـاوتٌ
أبداً، كلانا في المعالي مُعرِقُ
إلا الخلافة ميّزتْك، فإنـنـي
أنا عاطلٌ منها، وأنتَ مُطوَّقُ
والشريف الرضيّ (359 ـ 446 هـ) وُلد بعد واقعة كربلاء بـ 299 سنة، غير أن حرارتها لم تفتر من شعره، ورزايا أهل البيت لم يخبُ وجدها وشجنها:
لا أَرى حُزنَكُمُ يُنسى وَلا
رُزءَكُم يُسلى وَإِن طالَ المَدى
قَد مَضى الدَهرُ وَعَفّى بَعدَكُم
لا الجَوى باخَ وَلا الدَمعُ رَقا