مغالطة التكرار والملل..!
جلال الجارودي
.. بالطبع ليس هناك بمبحث المغالطات المنطقية مغالطة بمسمى (مغالطة التكرار والملل)، ولكن شياع هذه الحجة المغالطة قد يكون من اللائق أن نقيض لها اسماً، ليسهل تداوله وتنبيه من يقع في هذه المغالطة بتوبيخه عليها ..
وحتى لا ندخل في تعريفات ومصطلحات تخصصية، فمن الأفضل ضرب الأمثلة التي عن طريقها يتضح المطلب وطريقة كشف هذه المغالطة. قبل اسبوع تقريباً دعانا أحد المثقفين على فطور، وتناولنا مجموعة من الأحاديث عن تشويه التاريخ، والعلمانية، والقرآن الكريم، ونشر ذلك الرجل الطيب صورتنا على الفيس بوك .. وصدرها بالمواضيع التي دارت بيننا، وتفاجئنا بأحد الأشخاص أنه يمتعض من وجود خمسة أشخاص مختلفين يتحدثون عن الدين، إذ الأحاديث الدينية – حسب رأيه – صارت فجة ومكررة لدرجة أن أشخاصاً لأول مرة يجلسون مع بعض لا يتحدثون إلا عن الدين، ولا يتحدثون عن الحب والحياة والأفلام !
وطبعاً هذا الرجل وقع في هذه المغالطة (مغالطة التكرار والملل) فـهو لم يذكر لماذا الأحاديث الدينية باطلة، وهل مجرد الملل والتكرار (يبطل) الحديث عن الأحاديث الدينية ؟ هل نتخيل رجلاً غاب عن عمله بعذر (الملل) جاء يقول: أعذرني يا سعادة المدير على عدم حضوري للعمل بالأمس لأني كنت أشعر بالملل أو لأني شعرت بالضيق من تكرار هذا الفعل طوال سنوات !
ميولنا النفسية – الحب والكره .. ليست دليلاً على صدق وكذب قضية. وهذه المغالطة كثيراً ما يقع فيها بعضنا من غير شعور، فالخطيب الفلاني ليست لديه إلا مواضيع مكررة عن العباءة الزينبية والاختلاط .. فـ بالتالي الحديث عن العباءة والاختلاط باطل ولا يجب البحث فيه، وهذا الكاتب لا يتحدث إلا عن غياب الطلاب عن المدارس في أيام التحاريم، واصبحت منشوراته فجة ومملة، وبالتالي الحديث عن غياب الطلاب باطل .. وقس على ذلك كثيراً ممن يكرر هذه الحجة ويحتكم إليها وعند التدقيق لا نراها إلا مجرد (انحراف) عن الموضوع والمحمول كما يصطلحون في المنطق !