لا تلعب في الكنترول..!

محمد المصلي*

في إحدى زياراته مع واحدة من حملات الزيارة، وهي مؤسسة سفر لمجموعة تتكفل الحملة بالنقل والأكل والسكن لمجموعة من الزوار الى الاماكن المقدسة من مئات السنين وقد تطورت من السفر ’بِلِرْجَابْ’ أي الجِمال إلى الكَشْف ثم الباصات والآن الأغلب بالطائرة، ، ولأن صاحبنا هامة في البلع والتقاط الأكل أي من هواة اللهف فلا تفوته وجبة كما لا يتأخر عن عزيمة.

ولديه صحبة لا يرحمونه من النكات بل يشددون عليه في المزاح.

وأثناء نومه جاءت أحد الأصحاب هذه المفاجأة اللطيفة فذهب إليه وأيقظه بفزع: أبو شوقي أنت نائم..؟ قم قبل أن يفوتك الغداء. لم يكد يسمع صاحبنا عن خسارة الغداء ـ وهي وجبته الرئيسية التي ينتظرها بفارغ الصبر ـ حتى قَحَصَ من مرقدِه وطاش وهاج من منامه لابساً ثوبه، وعيونه لم تكد ترى طريق صالة الطعام، وأخذ أدراج السلالم بكل همة يتنطط عليها مثنى وزحلقات متسرعا في خطاه.

ولما وصل لم يرَ أحداً من عشرات النزلاء فتألم كثيرا لأنه ظن أن الغداء فعلاً راح وقته، وفقد وجبته فأصيب بحسرة. ولكنه لم ييأس وسارع إلى أحد العاملين بصوت خفي يسأله وهو مكسور الجناح قائلا: هل بقي شيء من وجبة الغداء..؟

نظر إليه العامل بوجه عابس، ولما رأى صاحبنا هذه النظرة خارت قواه وزادت أشجانه وزقزقت عصافير بطنه لتزيدَ ألَمَهُ وامتحانه.

بادر قائلا: إذا لم يبقَ شيء لا مانع من تفاحة أو قطعة من رغيف. لم يتحمل العامل، ورد مستنكراً: ماذا دهاك؟ الفطور لم يبدأ بعد…! وأنت تسأل عن الغداء، انظر الى ساعتك لم يصل الوقت السادسة صباحاً.

ما إن سمع هذه العبارة حتى أفاق من سكرة النوم و “حرحشة” البطن وأصواته الزنانة، فقد فهم المكيدة وعرف أن الذي أيقظه لم يتورع ولم يعمل لله بل استغل النوم والجشع للأكل. رجع إلى غرفته خجلاً مستحياً مما حدث،

وتأكد من توقيت الساعة، ورأى صاحبه يقهقه من الضحك، فزجره وأنبه وهدده قائلاً له/ إذا رأيت لِبْلَنْت مطفي (فلا تلعب في الكنترول).

الغريب في الأمر أنه شبَّه نفسه أثناء نومه بالمعمل المطفي أي المغلق وصاحبه أعطاه معلومات خاطئة لأن المعمل يمكن أن ينفجر أو يحدث أضراراً، وهذه من عادات كثير من أهل تاروت في التشبيه.

مطار هثرو لندن. خ ٢٠/ ١١/ ١٤٣٩هـ

——-

* تشكيلي ومشرف فنون.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×