الحقيبة
عبدالإله التاروتي
يمشي بتثاقل نحو بوابة المدرسة حاملا حقيبة على ما يبدو من مظهرها أنها من التركة التي ورثها عن أخيه الذي يدرس في الصف الثالث من المرحلة المتوسطة؛ وهذا الأخير تملكها عن أخيه الذي تسرب عن الدراسة بعد سنوات من الإعادة في صفه الدراسي متجاوزاً السن المسموح به لمرحلته الدراسية.
من بعيد أبصرته وهو يقدم رجلاً ويؤخر أخرى بين الإقدام لدخول المدرسة عبر بوابتها ذات السياج الحديدي الذي لو قدر له الكلام لقص أحاديث دونها حكايات ألف ليلة وليلة؛ وبين أفكار يقلبها في رأسه!
ربما كانت تحرضه على الإحجام عن اجتياز البوابة!
وفي الزاوية الأخرى من المشهد وتحديداً عند مواقف سيارات المدرسة ترجّل معلم في الأربعين زهرة من عمره؛ في يده اليمنى حقيبة وضع فيها جهاز الحاسوب الذي لم يحدث برامجه؛ وفي الأخرى مفاتيح السيارة التي نسي أن يغلق بها الأبواب. مضى نحو بوابة المدرسة مسرعاً فليس بينه وبين قرع جرس بداية حصته الأولى غير دقيقتين لا أكثر بعد انتهاء طابور الاصطفاف الصباحي؛ وهذا على غير عادته التي عرفت عنه منذ بداياته الأولى في التعليم إذ كان مثالا للانضباط والالتزام ولكن ثمة أمر دخل على الخط قلب الأمور فلم يكترث بعدها بكل المساءلات التي ترد إليه من إدارة المدرسة الجديدة، مضافاً إلى ضغوط أخر!
وعلى غير اتفاق تزامن وصول الطفل مع المعلم إلى البوابة في لحظة تبادل كلا منهما النظرة إلى الآخر وكأنه يبحث عن شيء يفتقده!