جدول يوم الصياد أحمد سعيد سيرة صفواني رتّب حياته بين "سالية" و "غمارتين"
صفوى: صُبرة
قبل أكثر من عشرين سنة؛ وحين دخل وسط نار حريق في بيته وأنقذ أطفاله؛ تحوّل إلى “خَبر”. وحين اختفى واحدٌ من فلذات كبده، عام 2007، تكرر اسمه في متابعات الصحافيين. لكنّ الأخبار لم تكن تهمّه في شيء. لا حين عاملته الصحافة بطلاً، ولا حين تعاطفت معه في فقد ابنه الذي لم يُعثر عليه حتى الآن.
ما كان يهمّ الصيّاد أحمد سعيد ويشغل باله؛ هو التماسك من أجل إعالة 7 أطفال، بمن فيهم الابن المفقود الذي خلّف جرحاً في العائلة، وبقي عالقاً في القلوب. حتى أنه يُخرج له “عيدية” في كلّ عيدٍ يمرُّ، على أمل أن يعود “حسين”. ولم يبرد في متابعة القضية الغامضة، ولو وصل الأمر إلى الإصغاء إلى كلام الدجّالين.. إنه صيّاد، ويفهم معنى الغرق تماماً، ومن أجل ابنه؛ كان مستعداً حتى للدخول في حريق مرةً أخرى.
أفا عليك
تابع معيشة الأبناء السبعة، على طريقة والده.. على طريقة رجل من “اسعيدات” صفوى، صيّاد ابن صيّاد. إنه الرابع بين 5 من الذكور، و5 من الإناث. والثاني من الذكور. عاش ستين سنة، قاضياً معظمها تحت شمس البحر، ووسط ملوحة الماء.
في سنواته الأخيرة؛ صار يأخذ “ساليته” ويركب “الغمارتين”؛ ويخرج قبل الفجر إلى واحدٍ من أسياف البحر، في الخبر، في العزيزية، الجسر، هاف مون، ثم يعود قبل الزوال حاملاً صيده.. وهنا يبدأ اتصالاته بمن أوصاه بـ “ميد” أو “خوفع” أو “قرقفان”.. أو حتى “إيواف”..!
“أفا عليك.. خد وسلّم وقت اللّي يريّحْك”.. بكلّ بساطة، من يدفع قيمة السمك يدفع، ومن لا يدفع؛ فإن أحمد سعيد لا يُلاحقه، ولا حتى يلمّح له..! الكادحون يرون غيرهم كادحين مثلهم، وكثيرون يشترون “على الدفتر”، وهكذا يُسهّل الصيّاد الكدّاد على عملائه، خاصة أولئك الذين “يوصّونه”..!
وحين عرف أن الـ “واتساب” يبيع؛ فعل مثل يفعله كثير من “السمّاكين”.. ينشر فيديو صيد اليوم.. “يا جماعة.. ترى عندي ميد قوي.. عندنا اعراضي.. عندنا خوفع”..!
ما أحرْفس
وقبل أن يستريح بعد الظهر، يختار موقعاً في شارع من شوارع المدينة، ليبيع صيده. لا يحمله إلى “الحراج”، ولا يتعامل مع “الدلالين”، ولا “اليزّافين”. هو الصيّاد، وهو الجزّاف الذي يبيع سمكاته بلا وسيط. وأحياناً يكون هو الزبون، حين ينتهي النهار ويفيض بعض ما اصطاده..!
ـ يا أبو سعيد.. ليش ما تنظّف السمك..؟ ترى بتبيع أكثر..!
ـ أنا ما أنظّف.. أنا أبيع بس..!
الصيّاد الجزّاف السمّاك.. له مزاجه، البيع لا يشمل خدمة “الحرفسة” عند الصياد الصفواني. سوق الأسماك سلسلة متسلسلة.. هناك الصيّادون الذين يُحضرون صيدهم إلى السوق، ويسلمونه الدلالين. الدلالون يبيعون بالجملة، ويشتري منهم باعة المفرّق.. السمّاكون.. الجزّافون.. وهؤلاء يبيعون بالكيلو، ويقدمون خدمة إضافية؛ هي تنظيف السمك للزبون.. لكنّ أحمد سعيد أوقف الخدمة الأخيرة.. يبيع فحسب..
وهو لا يعرض بضاعته في “الچبرة”، ليستعين بعامل آسيوي، كما هو حال كثيرٍ من “الجزّافين”.. لذلك؛ يقول للزبون “خلّي مرتك تنظف”..!
ـ زوجات زماننا لا “يحرفسن” السمك يا “أبو سعيد”.. يطلبنه جاهزاً للشواء أو القلي أو الطبخ..!
ـ ما عليّي منكم..!
سالية وداتسون
لا تعقيدات ذات بال في جدول يوم الصياد “أحمد سعيد” صاحب المزاج الجاد. هي السالية والداتسون؛ هما القوسان اللذان لخّصا جدول يومه المشغول بالكدح. هناك أفواهٌ سبعة يجب أن تُطعم، هناك زوجة، هناك إيجار يجب أن يُدفع. وأفكار الصيّادين قنوعة، وطموحاتهم محدودة، قد يكون فكّر في “طرّاد” وعمّال، وخطّ إنتاج بين “البحر” و “الحراج”.. لكنّه أبسط من أن يُغامر ربما. صيّاد محترف وبائع. هو المؤسسة والعامل والمدير المسؤول عن قوت يومه. وكلّما سنحت الفرصة “دعس بنزين الداتسون” نحو البحر.
إذا اضطربت أحوال الجو ومُنع الصيادون من دخول البحر؛ جلس في بيته، أو رابط في بيت أمه، وخاض جدالات البسطاء، مع أخوانه وأخواته. يتودّد إلى الأطفال، أو “يعايي” الكبار، أو يطلب عون خاله “محمد عبّاس” في “ترويب سالية” تمزّقت شباكها بكثرة الاستعمال.
الجدول.. تغيّر
الجدول كما هو.. إلى تدخّل السرطان.. تسلل الورم بصمت، وحين اكتُشف؛ كان قد تمكّن من الرئة، والغدد اللمفاوية، ووصل إلى الدماغ.. والمعدة.. ومع حرب الجرعات الكيماوية في مستشفى الملك فهد التخصّصي بدأ الجدول “يخترب اشْوي اشويْ”.
أبو سعيد بحّار.. يتنفس الملوحة.. حتى في برد كانون ـ ديسمبر ينزل البحر.. في لفحات شمس الشرقية ينزل البحر.. حان أوان الميد في يونيو، هذا العام، فكان يحصل على جرعاته في “التخصصي” وبعد يومين أو ثلاثة يركب “الغمارتين”.. ويعود بـ “البياح” أو “الميد”.. ويبدأ يُرسل فيديوهات “التسويق”..!
“شايفين الميد يا شباب..؟” فيديو نشره يوم الثلاثاء 7 يونيو.. كان الفيديو ما قبل الأخير. الأخير كان يوم الجمعة 10 يونيو.. كان صوته متأثراً بسرطان الرئة “يا شباب يا شباب يا شباب.. الميد القوي ثلاثة بـمْيَهْ.. تعالوا الشّرية.. مع السلامة.. باي”..!
بين قاسيين
الجرعات قاسية.. والداء أقسى.. لا تنزل البحر يا “أبو سعيد”.. العلاج والداء نصحاه.. ربما استجاب إلى النُّصح.. نزل مرة أو مرّتين.. لكنّ ذلك الستيني الذي لفحته الشمس حدّ السُّمرة الشديدة؛ رضخ لما هو عليه، صار يُصغي إلى أخوته، إلى طبيبه، إلى مواعيده، يدخل العناية المركزة يوماً، ويعود إلى بيته يوماً. وحين يُسأل عن حاله؛ يُبرز نبرة صوته، وتتكرر كلمة “الحمد لله”.
خلال الأسبوعين الأخيرين؛ نصح الطبيب ابنته الصُّغرى بأن تقترح عليه كتابة وصيته.. إنها شهادة وفاة في المعنى السرّي الذي لم تتمكن الابنة الصُّغرى من البوح به لأحد.
الله يرحمك رحمة الابرار يالخال يا ابو سعيد
إنا لله وانا اليه راجعون
كان رجال من خيرة رجال صفوى كريم و طيب و لطيف و دائماً مبتسم و اخلاقه حلوة و جميلة و كثير يعطي الاطفال فلوس جلست معاه كذا مرة و ما كنت اعرفه و لكن صورته ظلت محفوظة في بالي
الله يرحمه و يسكن روحه الجنه
خسارة كبيرة لأهله و لصفوى و كل البلد
😭💔😭💔💔😭😭😭😭
رحمك الله يابن العم ايها الأنسان الطيب الخلوق البسيط صاحب الأبتسامه التي لا تفارق محياه اتدكر اخر مره شفتها فيها كانت الفاتحه التي سبقت وفاته وكنت اعلم من ابناء عمي اثناء زيارتهم لي ليتعافو لي حيث انني كنت للتو خارج من المستشفى سألت ابناء العم عنه قالو لي في المستشفى اثناء مقابلته في الفاتحه سألته عن احواله وصحته وقلت له يابن العم انتبه الى صحتك فقابلتني بتلك الأبتسامه العريضه التي تخفي خلفها الام لا ندري عنها ولا يعلمها الا هو والله
عاصرته منذ اكثر من ثلاثين عاما ودخلنا البحر سويا وكان غواصا محترفا كنت اعد له وهو تحت الماء اكثر من ثلاث دقائق بدون اكسجين لكنه لا يخرج خالي الوفاض ابدا فتجد بين يديه من ثلاثه الى خمسة او اكثر من سمك الهامور وهو من اشهر صيادي السمك بطريقة الساليه ومارس معظم طرق الصيد في البحر وماميزه طيبته وضحكته وجديته غي العمل وبساطته في التعامل رحمك الله اباسعيد رحمك الله هاموروه كما يسميه معظم اصدقائه وحشرك مع محمد وآله
رحم الله هذا الانسان المكافح لاجل معيشة عائلته رحمة الابرار وحشره الله مع محمد وال محمد والله يصبر اهله واقاربه ومحبيه على هذا الفراق نور الله قبره بنور محمد وال محمد عليهم السلام وعظم الله احوركم اخواني واخواتي كلنا راحلون وما باقي الا وجهه الكريم
اخوكم
عبدالرؤوف بن عيسى ال خليتيت وعائلته
عظم الله أجورنا وأجوركم وأحسن الله عزائكم أبناء العم جميعاً . رحم الله فقيدنا الغالي المؤمن الخلوق ابو سعيد . رحمه الله وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنته وحشره مع محمد وآله الطاهرين.
وألهمنا وألهمكم وذويه الصبر والسلوان.
رحم الله من يقرأ له وللمؤمنين والمؤمنات سورة الفاتحة. إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله أبا سعيد
إلى جنات النعيم يارب العالمين بحق محمد وال محمد
الفقرا الاخيرة من المقال كانت الاشد الما
اعان الله اخته المكلومة وابنائه وذويه وكل محبيه اللذين تألموا قبل الفقد وبعده
لروحه الرحمة ولفاقديه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون