نسيمة السادة: هذا هو وطن النشامى ما زالت أرضنا خضراء.. مثل علمها

نسيمة السادة

خرجت من أحد مطاعم الرياض لأركب سيارتي فناداني الشخص الذي ركن سيارته بجانبي ولم أكن أسمع كلماته جيداً من أصوات السيارات فظننت أنه يعرض مساعدته في حمل الأغراض التي معي فشكرته وحييته، فنظر إليَّ مرة أخرى وعائلته بجانبه ليخبرني أن إطار السيارة الخلفي فارغ من الهواء. نظرت فزعة إلى الإطار الفارغ وقد طافت كل التبعات في خاطري؛ كيف أصل إلى البيت؟ أين أصلحها وكيف؟ وكيف أنقلها إلى الورشة في هذا الليل؟؟

وفي لحظة قال الرجل أنا لدي منفاخ ولكنه ليس بالكفاءة المطلوبة وعلينا نفخ الإطار قبل السير عليه إلى أقرب ورشة حتى لا يتلف تماماً، وهمَّ بإحضاره من سيارته على مرأى من زوجته وابنه وفي لحظة وقفت سيارة أخرى وبها آخر كان أكثر استعداداً بمنفاخ متطور وقاموا بفحص الإطار ونفخه ولم يتركوني إلى أن وصلت سالمة إلى أقرب محطة لفحص الإطار أو تغييره إذا لزم الأمر.

هذا الموقف غير مستبعد من رجالات وطني الغيورين النشامى، فقلت في نفسي تلك هي النخوة العربية أو المروءة التي يتحلى بها أغلبية أبناء وبنات بلدي، لا يهم من أنت أو من أي مكان، قريب أو بعيد، المهم أنك تحتاج إلى مساعدة في الوطن أو خارجه، ذاع صيت هذه النخوة في أصقاع الأرض حتى أن بعضهم فقد حياته من أجلها.

(لبيه، أبشر، سم، طلبك عندي، تامر، في الخدمة، حق وواجب) وغيرها من الألفاظ الذي تفتقر إليها اللغات الأخرى إنما تدل على تغلغل هذه الصفات في جذور وتاريخ مجتمعنا.

هل هذه القيم مرتبطة بعرق معين أو بدين معين أو بمكان معين؟، قد يطول الجدل والنقاش في ذلك وبرأيي ليس هذا هو السؤال المهم، إنها قيم إنسانية فوق كل شيء. مساعدة الآخرين والإحساس بهم، المروءة، النخوة، الشهامة، سموها ما شئتم فالسؤال الأهم هو:

كيف يمكن أن نحافظ عليها غضة ألقة إلى الأجيال القادمة التي تداخلت عليهم الهويات والعادات؟؟، كيف نوقف هذا الانحسار بالاهتمام فيها في الأجيال الجديدة؟، كيف يُحترم الكبير ويُحمى الطفل وتُكف يد المعتدي ويُساعد الملهوف في كل مكان؟.

أولاً: العائلة وتمثل هذه الصفات فيها، فذلك الفتى الصغير الذي راقب والده وهو يساعدني لن يتخلى عن أحد يحتاج للمساعدة.

ثانياً: تنظيم وتوجيه هذه المبادرات بأطر نظامية وهذا ما حدث من منع التجمهر حول مصاب، مثلاً، في حادث سيارة وتعطيل الوصول إليه وانقاذه أو تحريكه بشكل عشوائي قد يضره بنية حسنة. كما أن نظام الحماية من الإيذاء قد كفل سرية المبلغ مثلا عن إهمال لطفل وتعنيفه بحرمانه من التعليم. فشجع بذلك المبلغين حسني النية.

ثالثاً: تشجيع ومكافأة المبادرين ومنقذي الأرواح والإشارة لهم بالبنان.

رابعاً: تكثيف البرامج التطوعية الذي تهتم بالغير من كبار السن والأطفال وذوي الإعاقة والفقراء والأيتام وغيرهم.

مازالت أرضنا خضراء كعلمها تزخر بكنوز الأرض وما عليها، وأثمن هذه الكنوز هم شبابها وعماد بنائها، فهنيئا لنا بنشامى الوطن.

تعليق واحد

  1. ما شاء الله
    مقال رائع وهادف وأسلوب راقي يعبر عن الوفاء والحب والإحترام لكل الناس والحث على الإلتزام بالقيم والمبادئ الإنسانية في أي مكان أو زمان ومن دون فوارق دنيوية فالإنسان هو الإنسان .

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×