القطيف تشيّع الفراشة مهندسة الديكور أميمة الزاير.. رحلت في يوم ذكرى وفاة أمها

القطيف: شذى المرزوق 

تصوير: حسين العطل

بقدر المسافة التي قطعها جثمان الحاجة أميمة الزاير من مدينة إسطنبول التركية، إلى محافظة القطيف السعودية، بقدر الحزن والألم الذي يعتصر قلوب كل من عرفها أو سمع عنها.

وتوفيت الزاير أمس الأول (الإثنين) في مدينة اسطنبول، في حادث مرور وقع لها هناك. وزاد من مشاعر الألم لدى أهالي القطيف، حال الترقب والانتظار لوصول جثمانها إلى القطيف، ودفنها عصر اليوم (الأربعاء)، في مقابر “الخبّاقة”، غربي المدينة. وحضور التشييع الذي تم قبل قليل يشير الى حجم الفقد الذي مُنيت به مدينة القطيف.

“رحلت الملاك”.. بهذا الوصف ومثله، عبّر من يعرف الحاجة أميمة الزاير عن حزنه لخبر وفاتها، وأجمعوا على أن الزاير امرأة “استثنائية” في أوصافها وحنانها ونبل أخلاقها، ما جعل منها “أيقونة” ذوق عالٍ، وإحساس مرهف في القطيف عامة.

رحيل الأم

ما لا يعرفه الكثيرون، أن أميمة رحلت في اليوم الذي تتجدد فيه ذكرى رحيل والدتها الحاجة وداد الشيخ طاهر الشيخ حسن البدر قبل سنتين، ليبقى تاريخ 23 صفر شاهداً على رحيل الأم وابنتها.

وبكتها صديقة دربها وابنة عمها مليحة الزاير، وذكرت أن أميمة “خريجة قسم هندسة التصميم الداخلي، وقد أمضت حياتها معلمة لمادة التربية الفنية في المدرسة الثانوية الثالثة، تخرج على يديها أجيال من طالبات القطيف خلال الـ30 سنة التي أمضتها في التعليم، قبل تقاعدها”.

 وأوضحت أن خبر وفاتها الصادم “تسبب في حالة من الذهول، ليس على مستوى عائلتها والأقرباء فقط، بل حتى على مستوى زميلاتها في التعليم، وطالباتها، وصديقات دراستها، وكل من عرفها، حتى لا تكاد تعرف من هو المعزى لفقدها”.

 

الحنونة المساندة 

وبصوت يخنقه ألم الفراق، أكملت الزاير “أميمة صديقتي، وأختي، وحبيبتي، هي امرأة حنونة علينا، تجاوزت بحنانها علاقة الصداقة والزمالة، ووصلت بها إلى أهلنا وأبنائنا، كلها طيبة وأخلاق عالية، ويشهد بذلك كل من عرفها عن قرب”.

وأكملت “هي دائمة الابتسامة مهما مر بها من ظروف صعبة، وكريمة لأبعد الحدود، هكذا كانت مع زميلات العمل؛ صاحبة ذوق في حديثها، وتعاملها، أما على مستوى العمل، فلها مواقف كثيرة مع طالباتها؛ ساندت ودعمت، ووجهت، بل كانت خير عون للجميع”.

جمرة في القلب 

بصوت مليء بالحسرة، وممزوج بشهقات من البكاء العالي، تساءلت صديقتها صباح العيسى “ماذا أقول؟ المرجع لله، رب ِهذه أمانتك وعادت إليك، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

وأضافت “فقد الصديقة والأخت أميمة جمرة في القلب، قلوبنا خسرت ملاكاً يمشي في الأرض، اهتز لخبر رحيلها أزواجنا، وأولادنا، ومن قبلهم، قلوبنا، هي ليست زميلة أو صديقة، بل رفيقة درب لأكثر من 30 عاماً، حملنا وولدنا في أشهر متقاربة، أولادها أولادنا، وأولادنا أولادها”.

واسترجعت صباح اللقاء الأخير الذي اجتمعت فيه أميمة بزميلاتها وصديقاتها في احتفاء بسيط  داخل مزرعة تملكها عائلتها، بمناسبة زواج ابنيها يوسف وآدم، قبل أشهر بسيطة “كانت ليلة جمعة، صلينا صلاة الجمعة، وكانت تتنقل بيننا بكل حنان ولطف بابتسامتها التي لا تكاد تفارق وجهها البشوش، ما لم نتوقعه أبداً أن يكون هذا هو اللقاء الأخير”.

الملاك الطائر 

بلسان حال جميع زميلاتها في الثانوية الثالثة في القطيف، وصفتها العيسى بـ”ملاك طائر” صادقة ومخلصة، تستشعر هموم من حولها، تبادر لتسأل إذا وجدت إحدانا مهمومة لأي سبب كان، تبذل جهدها في الدعم والمواساة، ولا تبخل علينا بوقت أو اهتمام”.  واستدركت “حلقت ملاكنا.. إلى الجنة رحمها الله”.   

حجة وداع 

فيما علقت قريبتها وزميلتها هنية السنان قائلة “خلعت أميمة بياض لباس الحج الذي أصرت على أدائه هذا العام، لتلبس لباس الوداع، وترحل عنا في هدوء”، مشيرةً إلى أن الزاير “كانت قد عادت قبل شهرين من أداء مناسك الحج، بعد إصرارها على عدم تأجيله للعام القادم، كما اقترحت عليها السنان ليكونا معاً”.

وأكملت “ودعت الدنيا بعد أقل من شهرين من حجتها الأخيرة، وفي هذا عزاؤنا، لقد رحلت كما عهدناها نقية، صافية القلب”.

روح وريحان 

وبغصة حزن، توقفت السنان تلتقط نفساً تستكمل به حديثها، ولكن صوت البكاء غلب على حديثها من جديد، وبلهجة عامية وعفوية قالت “ما تدري وش سوت فينا؟”.

 وأوضحت “غرفة المعلمات التي كانت تجمعنا في المدرسة الثانوية، كانت تضم ما يقارب 20 معلمة، كانت أميمة هي عمودنا فيها، العمود القائم ليثبت قلوبنا، ويمدنا بالقوة والعزم لمواجهة كل ما يمكن أن يتسبب لنا بأي حزن”.

وأضافت السنان “هي روح انسانية مليئة بالإيجابية والجمال، لكل معلمة مع أميمة قصة، حتى لتظن كل واحدة منهن أنها أميمتها فقط، ولكنها كانت أميمة الجميع”.

وختمت “رحم الله تلك الروح الإنسانية الطيبة”.

 معلمتي الفاضلة 

وتعود طالبتها رنا القيصوم بذاكرتها إلى مرحلة الثانوية قبل 13 سنة، وتقول: “رغم أنني أصبحت موظفة في المجال الصحي قبل  13 عاماً، إلا أنني لا أنسى الاستاذة أميمة، التي علمتني قمة في الذوق، والأخلاق، والهدوء، والحكمة”.

وتضيف “التقيتها في الحج، حيث كنت هناك بصفتي كادراً صحياً، فيما هي كانت حاجة وكان لقائي بها يومياً حتى نهاية موسم الحج، كانت كما عهدتها منذ الدراسة؛ أميمة الهدوء والابتسامة واللطف والذوق، سواء في كلماتها أو أسلوبها”.

سيدة رائعة

ولم يختلف حديث عضو مجلس إدارة  جمعية العطاء النسائية السابق دلال العوامي عن سابقاتها، وقالت “أميمة سيدة رائعة بكل معنى الكلمة ـ رحمها الله ـ فهي إحدى مؤسسات الجمعية، وسيدة خلوقة ومعطاءة، عملت معها بعدد من فعاليات الجمعية، قبل تأسيس العطاء حيث كنا في اللجنة النسائية التابعة لخيرية القطيف”.

وأكملت “كان خبر وفاتها فاجعة لكل من عرفها، ولكن ليس لنا إلا التسليم لأمر الله، والدعاء لها بالرحمة والمغفرة، ولذويها بالصبر والسلوان”.

من سيرتها:

  • أميمة عبد الجليل أحمد الزاير 
  • زوجة فؤاد جواد الزاير 
  • أم ل 3 أولاد ” يوسف، آدم، تميم” 
  • من مواليد  1964 م
  •  خريجة بكالوريوس هندسة  تصميم ديكور داخلي من جامعة الملك فيصل
  • معلمة تربية فنية متقاعدة بعد أن أمضت ما يقارب 30 عاماً في المدرسة الثالثة الثانوية بالقطيف.
  •  ناشطة اجتماعياً، كانت ضمن اللجنة النسائية في خيرية القطيف، وهي عضو مؤسس في جمعية العطاء النسائية الأهلية بالقطيف، لها عدد من المبادرات والمشاركات المجتمعية. 
  • توفيت في حادث مرور في اسطنبول بتركيا في يوم 23 صفر1444، تم تشييعها ودفنها في مقبرة الخباقة بالقطيف في 25 من الشهر ذاته. 

‫5 تعليقات

  1. رحمك الله يا معلمتي الغالية المتواضعه الحنونه المبتسمه منذ ٣٠ عاما كنت من اول الدفعات الي قمت بتدريسها ومع طول السنين لم تنسينا ولم ننساك لم تأذي احد في حياتك كنت كالنسمه ورحلت كالفراشه تاركة فينا الما يعتصر روحنا لفقدك لن ننساك ابدا

  2. فاجعة مؤلمة وفقد حزين ولكن لله الامر، رحمها الله برحمته الواسعة وحشرها مع النبي واله وألهم جميع محبيها الصبر، انا لله وانا اليه راجعون

  3. تغمدها الله بواسع رحمته وألهم ذويها الصبر والسلوان
    إنا لله وإنا إليه راجعون

    الروح الطيبة لاتموت ،،

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×