كلمات بلهاء تطعن في المشي نحو الحسين حبّ الإمام ليس وليد إرث أو تلقين مجلس
ليلى الزاهر
لعلّ أبلغ مواطن احتضار الإيمان لدى الإنسان عندما يكون تابعاً لمبادئ ينعق بها الجميع فيسير خلف الركب دون أن يكون عنده مخزون فكريّ، عقَدي، يحدد اتجاهه ويسدّد خطواته نحو الطريق الآمن.
والسيرة الحسينيّة معجم ثريّ بقيم الإيمان التي وضعها الحسين، سلام الله عليه. ولا يدرك ذلك إلا المتبصرون بواقعة كربلاء الحقّ.
فعندما تُكرر البحث في كلّ عامٍ عن القضيّة الحسينة بشكل جديد وجواز سفرك بيدك نحو الحسين؛ عندها تكون دافعيتك نابعة من أعماقك ويكون تحفيزك ذاتيّا لا مستعاراً.
وفي كل عام يظهر أحد المتشدقين ويطعن في المشي الأربعيني، ويقارنه بقضايا أخرى، فيخرج بزيّ حديث، وبكلمات بلهاء نِتاج عدم المعرفة التّامة بالحسين. وبإمكانك أن تضع له مسمى تطلقه عليه كيفما شئت.
إنّ قضية الحسين ذات جذور قويّة والمساس بها يُصيبك بلذعة كهربائية صامتة من قبل عشّاق الحسين وأهله في هذا العصر، وهم يستحقون كلّ ذلك.
وقبل الحديث الظاهري المفرقع عن الحسين والذّم فيما يتعلق بما يمسّ قضية الحسين؛ ابحث عن الحسين جيداً، فالإنسان عدو ما يجهله، والمناظرات العلمية الداخلية مع نفسك البائسة كثيرة، فلا تغالط نفسك، واحفظ أدبك مع الحسين فهو سبط رسولك.
وإذا لم تمتلك قاعدة قوية تبني من خلالها معرفتك الجيدة؛ ليس فقط بنسب الحسين الذي أدعوك إلى أن تتركه جانباً، ولبرهة زمنية محددة ومعه تترك العاطفة وتحكّم العقل؛ إلا أنني أهيب بصوت الحقيقة في داخلك أن يبحث عن الحسين جيداً، فلا شأن للآخر بجهلك من يكون الحسين؟ حتى تكتب بعض الخزعبلات دون أن تدرك من يكون الحسين، في حين لا تتجرأ على المساس بنظريات أرسطو أو تمتلك القدرة على نقد دوستويفسكي.
إنّ كلامك غير مرحب به ويقف عند بوابة العقول دون الولوج فيها.
فاعلم جيداً بأن في داخل كلّ نفس بشريّة أصواتاً مُختلفة غُرست مُستقيمة، يظهر أقواها عندما يحاول الإنسان الوقوع في الخطأ، وتذبل شيئاً فشيئًا عندما يتجاهلها المعاندون بصلافتهم وضيق أفقهم في قضية ما.
أخيرًا:
(رأي الآخرين فيك لنَ يدُل عليك، لأن هذا الرأي يكون مبنياً على قيم وتفكير هؤلاء الآخرين فيك، وقد لا يكون له أساس. فكيف بشخصية ناطحت السحب فكراً أنيقاً وحقّا أبلجَ..؟ وتبنى فكرها محررون عمالقة في مبادئهم ذات الشهرة العالمية.
رأيك بالحسين والمشي للحسين أمرٌ احتفظ فيه في ذكرياتك الخاصة علّك تلعنها يوماً ما.
أقول هذا القول حتى وإن كنتُ أتفقُ مع هؤلاء “الخَزَعْبَليين” أن بعض من يمشي إلى الحسين تفوح منه رائحة لا تتفق مع رائحة قبّة الحسين، وهذا أمرٌ مفروغ منه، لأنه ليس خاصاً بطريق الحسين فحسب فكلّ الطرق تحوي الصادق والكاذب والمخلص والمنافق والدّجال وسليم القلب.
أنا مؤمنة جداً بأن من “يطقطق” على قضية الحسين هو جاهل بجميع أبعادها، ولم يتعمق جيداً في البحث عن كربلاء والأربعين والمشي إلى الحسين. فجميعها أمورٌ لا تدرك من المجالس الحسينية أو من التلقين أو تؤخذ كإرث عائلي؛ وإلا فسوف تكون النتائج وخيمة جداً.. !
قضية الحسين لا تُدرَك قشورًا واعتباطاً، وإنما هي بحر عميق لا يصل إلى أعمق نقاطه إلا من نذر نفسه لصوت الحق والإيمان بأبي عبدالله الحسين، إيمانًا حقيقياً دعّمه بالبحث وأقرّه بالحجج والبراهين التي أقامها على عقله قبل أن يقنع الآخرين بها.
العنوان هجوم لاذع على كل من لا يؤيد المشي..
وتليه الطامة الكبرى في الخلط بين المشي وحب الإمام عليه السلام.. ويأتي كل سنة متشدقين…
خلاص من ينغمس في طقوسهظطقوسها لا تحتمل أي تساؤل ولا تنبيه ولا تمحيص ولا شيء..
هذا سبط الرسول صلوات الله عليه وعلى عترته الطاهرة… ما فيه انتهى امرك يا هذا “لاأريكم غلا ما أرى”..
وفي استراحة بين الجولتين ولعلنا كلانا نستعيد انفاسنا واني لا اسمح بتمييع القضية ولا تهميش المذهب ولا اختزال حب الحسين (ع) وقضيته في المشي.. في المشي عاد ..والتي هي بدعة لم تكن موجودة في الاصل.. ولا ركن في الدين ولا أساس في المذهب.. وانما استحسنها من استحسنها وتبعها من تبعها… وكفى!
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين
الإمام الحسين؛ سبط الرسول المصطفى عليه وآله أفضل الصلوات، هو هواي وهويتي!
هنا سأحترم رأيُكِ فقط.. ولكن!!