مهدي وهاجر.. تعطّلت لغة الكلام.. وتحدث الحب 16 سنة أصّمان من العوامية وصفوى أنجبا 3 أبناء بكامل الصحة

القطيف: شذى المرزوق

ترجمة لغة الإشارة: سجّاد الحلال

المشهد يتحدث عن نفسه بوضوح؛ امرأة صماء، تجلس فوق كرسي، وترسم البورتريهات في عزة وشموخ، شارحة مضمون لوحاتها للمستفسرين بلغة الإشارة. وبجانبها يجلس زوجها الأصم، فخوراً بها، ومع كل عمل تنتهي منه الزوجة، يقفز قلب الزوج فرحاً، ويعلن أنه أسعد إنسان على كوكب الأرض بتلك الزوجة الحنون.

لم يمر المشهد مرور الكرام على “صُبرة” التي استوقفتها نظرات رومانسية حالمة، يوجهها الزوج إلى الزوجة، وهو يمتدح عطاءها، ويحفزها على الاستمرار في ممارسة الفن. وعندما سألناه عما إذا كانت هناك قصة حب تجمعهما قبل الزواج، انفجر الرجل عشقاً في زوجته، ليروي قصص الوفاء والإصرار والهيام التي يمكن أن تجمع زوجين من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وشاركت الزوجة هاجر الشيتي وزوجها مهدي الفرج في فعالية، نظمتها وزارة البيئة والمياه والزراعة هذا الأسبوع، في أحد أسواق مدينة الدمام، وبجوارها رسامات آخريات، يستعرضن رسوماتهن المتنوعة أمام الحضور.

بهجة المشاركين

بدا المشهد مألوفاً للوهلة الأولى، لكنه مع ذلك استوقف المارة الذين أثارت انتباههم الرسامة، وهي تتحدث بلغة الإشارة، وبجانبها يقف الزوج الأصم، يتحدث باللغة نفسها، ويساعد في تنظيم اللوحات.

ابتسامة الزوج المحفزة، ونظرات الزوجة التي تلتفت بين وقت وآخر، تسترق النظر، ومثلت مشهداً عاطفياً استثنائياً؛ أثار ابتسامة وبهجة المشاركين معهم في الفعالية، وكذلك الحضور الذين شدهم الموقف، فاقتربوا بحماس لمتابعة الزوجين.

تاريخ العلاقة

وترجع العلاقة الزوجية بين مهدي وهاجر إلى 16 عاماً، بحسب ما ذكر الزوج الذي يسكن بلدة العوامية في محافظة القطيف، كاشفاً كيف أصر على الزواج من هاجر ابنة مدينة صفوى، رغم مخاوف الأهل من الجانبين من إنجاب أطفال صم، ولكن إرادة الله شاءت أن يتزوجها، وينعم بحياة هادئة – على حد وصفه – وأنجب 3 أبناء أصحاء على خلاف التوقعات والتكهنات التي وضعها الأهل مانعاً للزواج.

 

وبلغة حنونة، ظهرت بوضوح على ملامح الفرج وعينيه، وانعكس أثرها على وجه هاجر التي تألقت حين أشار زوجها إلى أنه يطير فرحاً حين يراها سعيدة، مبيناً أنه حين تزوجها، أبدت رغبتها في ممارسة فن الرسم الذي شغفت به منذ كانت بعمر 7 سنوات، لذلك قام بدعمها وتوفير ما تحتاجه لممارسة هذا الشغف، كما أنه لازمها في جميع المناسبات والفعاليات الفنية التي شاركت فيها، سواء على مستوى المنطقة الشرقية أو على مستوى المملكة.

الداعم الحقيقي

بدورها، قالت هاجر إن مهدي كان السند والداعم الحقيقي وراء نجاحها. وقالت “حققت نجاحاً فنياً في مهرجان شاركت فيه، وكان في مدينة جدة، وآخر في الرياض، هذا عدا نجاحي في عدد من المهرجانات الفنية التي أقيمت في المنطقة”.

وأثناء حديث هاجر عن دعم زوجها، وموقفه من عملها، فاجأ الرجل زوجته بالإشارة إلى قلبه قائلاً: “أنا أحبها، سعادتي بسعادتها”.

ويسترجع مهدي  البدايات ويسرد حكايتهما “أنا الخامس بين 4 أخوات و3 أخوة أصحاء، وهم أيضاً ناجحون ومتميزون في مجال عملهم، والداي كفيفان، ومع ذلك، فإن لطف الله الكبير قدر أن ينجباني وأخوتي جميعاً أصحاء ولله الحمد”.

وعن إصابته بالصمم قال “ولدت بصحة وعافية، لا أعاني شيئاً، ولكنني أصبت في حادثة سقوط، وأنا بين عمر السنتين والثلاث سنوات، وفقدت على أثرها حاسة السمع”.

وأكمل “بسبب الإصابة، أبدت والدتي خوفها من موضوع زواجي من هاجر، كونها مصابة بالصم منذ ولادتها، وهي طفلة لوالدين من فئة الصم أيضاً، ما يعني ان احتمال إصابة أحد أبنائي بالصم واردة بشكل كبير، ولكنني أصررت على زواجي منها، فيما كانت تواجه بدورها مخاوف أخرى من ذويها لقبول زواجها مني، خوفاً من إنجاب أطفال من الصم، فاحتمال أن تلد ابناً سليماً واردة في حال زواجها من شاب لا يعاني من فقدان السمع”.

مخاوف الأهل

وأضاف “بين مخاوف الأهل وإصراري على الزواج منها، تم لنا ما أردنا، وها هو زواجنا يعيش عامه الـ16 عاماً، أنجبت لي ولداً وابنتين، أعمارهم على التوالي 10، 7 ، 2 سنوات، وجميعهم أصحاء”.

وأكمل: “نجح الزواج، ونجحنا معاً، وأنعم الله علينا بأطفال أصحاء ثمرة هذا الزواج”. أما هاجر الفنانة، فقد بدأت بممارسة الرسم في عمر صغير، بدعم من صديقاتها، وأكملت حتى تزوجت، ولكنها بدأت تتقن فن رسم الوجوه البورتريه بعد زواجها، وقضت 14 سنة في تطوير تلك المهارة بالإضافة إلى مشاركتها في عدد من المعارض الفنية، والفعاليات ضمن جماعة الفن التشكيلي في القطيف”.

لم تكتف هاجر بالتطوير الفني الذاتي، بل عملت جاهدة على الحصول على دورات تأهيلية، ترفع من مستواها في سوق العمل، ومنها دورات الحاسب الآلي التي تعلمتها في أحد معاهد الرياض، ما أهلها للعمل في إحدى شركات القطاع الخاص”.

وترجع هاجر الفضل فيما وصلت إليه لزوجها الذي كان سنداً لها في جميع المجالات على مستوى العمل، وحتى على مستوى الهواية.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×