رحيل آخر “مسحّر” في صفوى.. آل سليمان باع الملح.. ونقل حجَر البحر
القطيف: شذى المرزوق
يُشير إليه الناس في صفوى بوصفه “مسحّر” من الجيل الذي لم يعد موجوداً. لكنّ سيرة حياته الموثّقة؛ تضعه بين محطّات متعاقبة شهدتها صفوى حين كانت “قرية مسورة”؛ وتنامت حتى أصبحت “مدينة”. أجزاء كثيرة من حياة الحاج علي قاسم آل سليمان؛ تتابعت وانتقلت إلى أرشيف ذاكرة جيله، وذاكرة قليل ممن لمحوه في سنوات الكدح والتعب.
بائع الملح
هو آخر مسحّر في المدينة؛ نعم. لكنّه ـ أيضاً ـ لم يكن مسحّراً فقط.. بل عمل في شبابه في “ملّاحة” صفوى؛ وجمع الملح من حواف البحر، وجمعه في أكياس الخيش، ونقله عبر الحميل، وبيعه.
وبسبب قربه من البحر؛ عمل ـ أيضاً ـ في نقل الحجر البحري المستخدم في البناء التقليدي (العربي)، وببيعه لـ “أستاديّة” البناء قبل هجوم عصر الطابوق والخرسانة المسلّحة.
كانت منازل صفوى بسيطة، وبناؤها على الطريقة القديمة تحتاج إلى الحجر البحري الذي يُكسّر إلى قطع، تقوم مقام لبنات البناء. إنها صلبة بما يكفي لبقاء المبنى مئاتٍ من السنين. ومهنة بيع الحجر كانت مما عمل فيه آل سليمان، حين توقّف عن “التسحير” في رمضان.
لكن زمن البناء العربي انتهى بدوره، وجاء زمن الخرسانة المسلحة والطابوق والبناء الـ “إفرنجي”.. ولم يعد للحاج آل سليمان مهنة؛ فتدبّر أمره ـ من جديد ـ في تأسيس مشروع مؤسسة تجارية فردية. وبقي على حاله حتى تقدّم في السنّ، وواصل حياته الهادئة، إلى توفي اليوم ودُفن في مسقط رأسه.
التصاق الاسم
على الرغم من تركه “التسحير” منذ زمن طويل؛ لزمه لقب “المسحر”، وعلى الرغم من عمله في مهن غير ذلك؛ توفي الرجل وهو يحمل تلك الصفة التي التصقت فيه منذ ليالي تجوّله في أنصاف الليالي في طرق صفوى و “زرانيقها”، منبّهاً الصائمين إلى الاستيقاظ وتناول السحور.
وحين مات اليوم؛ تذكّر أبناء جيله ومن عرفه؛ صوته وهو يطرق طبلته. إنها مهنة ورثها عن والده، وبعد وفاته؛ انتقلت المهنة إلى الابن الأكبر، “حسين”، قبل أن تنتقل المهنة إلى الحاج علي الذي رحل اليوم.
مهنة “التسحير” توقفت ـ تقريباً ـ في عموم محافظة القطيف، إلا أن هذا اللقب بقي ملازماً للحاج علي، حتى يوم رحيله اليوم، ليكون بذلك آخر جيل “المسحّرين” في صفوى، وفي عائلته أيضاً، التي عُرفت بهذا الصيت أباً عن جد.
مصدر الصور: فيديو قديم للقاء بثته قناة mbc .
الله يرحمه برحمتة الواسعة واسكنه فسيح جناته مع محمد وآل محمد
نعم الرجل …. من أبرز رجالات صفوى …..