متسع للحلم ومساحة للفن والثقافة
أثير السادة* |
ذات اجتماع لواحدة من مجموعات حملة “سيهات جميلة” قلت لهم بأن المكان لا يكون جميلا ما لم يكن به متسع للأحلام الثقافية الجميلة، حين تراودك الأفكار الإبداعية ليلا وتفتش لها عن مكان في مدينتك لتتنفس وتكبر فلا تجد، تصبح الخيبة صديقك وسوء الطالع رفيقا للمكان.
لا نريد مركزا ثقافيا على غرار “إثراء”في كل مدينة وحي، ولا جمعية على غرار جمعيات الثقافة، بل هامشاً صغيراً يستجير به الباحث عن الثقافة والفن، صالة متعددة الأغراض، وجماعات صغيرة تهب وجوده معنى وطاقته حياة، المدينة التي يطمرها الرمل والإسمنت لا تعرف في خرائطها الجديدة ما يحتمل هذه المجاهرة في حب الفن والثقافة.
ليست سيهات وحدها، فالخيارات على امتداد محافظة بأكملها محدودة وتكاد أن تنعدم، فالفكرة كلما أردت لها أن تمشي على الأرض سترتطم في اضمحلال المساحة، وتراجع حصص الثقافة فيها، حتى بات الواحد منا يفكر بمقياس المتاح والمتوافر، لا باتساع الحلم وفضاءات الثقافة الواسعة.
أقول ذلك بعد عام كامل من التحضير لحدث ثقافي، جمعنا له التواقيع والأوراق والوجوه والأرقام، أنجزنا كل شيء ظنناه صعبا وعصيا على الترويض، لنتفاجئ بأن إيجاد المكان هو أشد صعوبة ووعورة منها..كان الطرق الأول على باب مركز الخدمة الاجتماعية في القطيف، طرقاً مقصوداً لطبيعة الحدث الثقافي وطبيعة الجمهور المقصود، فوجدنا المركز يتأرجح على رجله، يقف تارة ويسقط أخرى، ندخل في الجدول ونخرج منه، قيل لنا بأن مسئولا رحل وآخر حل مكانه فتحولت صورة المكان، وكانت تباشيرها الأولى مع معرض جماعة التشكيل في الموسم الأخير.
خمسون عاما مرت على تأسيس هذا المركز، غير أنها لا تكفي لتجعل منه مؤسسة قوية ومتينة وذات قواعد تنظيمية راشخة، يذهب فرد منها فتذهب معه المؤسسة، ويأتي آخر فتأتي معه مؤسسة أخرى، ولأنها تابعة للشؤون الاجتماعية، تتأرجح هذه المؤسسة على حد اهتمامات وشواغل هذه المؤسسة، ما يهبها أسباباً أخرى للترنح!.
مرة ثانية عاودنا الطرق على الباب، بعد تطمينات بأن عملية لإعادة ترتيب البيت الداخلي تجري بهدوء، عقدنا الآمال خيوطا على باب المكان، غير أن الشائعات لا تنقطع، والأخبار لا تحمل الكثير من البشائر، والرفيق نسيم عبدالجبار ، صاحب المشروع، يفكر بممارسة اليوغا هذه الأيام لكثرة الوجع الذي أصاب رأسه، فحتى نادي الصفا الذي احتضن الفكرة على الأوراق لتسيير الإجراءات، حين قصدناه، تعلق أمر الاستضافة بإجازة رعاية الشباب للحدث، ونحن نكمل الشهر ونصف الشهر، ورعاية الشباب لا تولي أي رعاية واهتمام للأمر!.
__________________
*من صفحته في الفيس بوك.