في ضُباء.. الأمثال تُضرَب.. وتـَضرِب..! قصة لوحات الكورنيش ورئيس البلدية من الألف إلى الياء

صفوى: أمل سعيد

قصة أمثال كورنيش مدينة ضباء، وإعفاء رئيس بلديتها، والهرَج والمرج الذي أحاط بالموضوع منذ بداية وضع اللوحات، وما بعد الإعفاء.. كلُّ ذلك ينطوي على إشارات ليست سهلة.. بعض هذه الإشارات له علاقة باختلاف لغة التعبير بين الكلام المحكي، والكلام المنشور، بين الثقافة الشعبية التي تغيّرت النظرة إليها، وبين الثقافة التي يراها الناس مهمّة..!

وإلا فإن الأمثال تُضرب ولا تُقاس، لكنها قيلت في ضباء، وقيست بواسطة المستائين، وانتهى الأمر إلى استدراك غضب الناس، بإعفاء رئيس البلدية..

فما هي القصة؟ وكيف بدأت؟ وما هو الدرس المستفاد منها..؟

لم يكن عيد الفطر في ضباء، تلك المحافظة الهادئة، في مواقع التواصل الاجتماعي على ما يرام، بسبب حالة جدال وغضب عارم، تركّزت على مبادرة لبلدية المحافظة، بتعليق لوحات للأمثال الشعبية على امتداد كورنيش المدينة.

أهداف المبادرة ـ بحسب مسؤولي البلدية ـ تزيين المدينة بطريقة مغايرة، استعداداً لاستقبال الأهالي في أيام العيد، ولكن ما حدث بعد ذلك جاء خلاف ما كان يأمله القائمون على تلك المبادرة؛ صخب واستياء من المئات بفعل أمثال شعبية عُلِّقت على مرأى عابري الكورنيش، وأثارت حفيظة الكثيرين، الذين اعتبروها قدحاً وذماً للمجتمع رجالاً ونساءً، فسارعوا بالتعبير عما يشعرون به على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.

بنت الساحل

“ضباء” مدينة تقع على ساحل البحر الأحمر، وتتبع منطقة تبوك شمال غرب المملكة، وسميت ضباء، لأنه في لغة أهل الشمال الجو ضَاب أو ضّب، بمعنى كاتم أي حار ورطب، ويُقال “ضّب الجو” أي أصبح حاراً، وعُرفت واشتهرت قديماً بكونها ميناءً آمناً لسفن التجارة والصيد في شمال البحر الأحمر وبوفرة مائها العذب.

ويحد ضباء من الشمال مدينة نيوم، ومن الجنوب وادي كفافة ووادي سلمى وقرية العمود، وهي إحدى محطات الطريق الساحلي المعروف بطريق الحج المصري.

الشرارة الأولى

ولعل المثل الذي أغضبت الكثيرين، وكان بمثابة الشرارة الأولى لحالة الاستياء القائل “العنز تسرح والتيس قاعد بالبيت“. وسرعان ما انتقل الغضب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ليحتد أكثر، وينقسم على إثره المتابعون إلى فريقين؛ الأول يرى أن وضع مثل هذه الأمثال إهانة صريحة للمجتمع كافة، ويجب معاقبة المسؤول عنها، وفريق آخر  يرى أنه مبادرة بطريقة مبتكرة للحفاظ على الموروث الشعبي، ويجب شكر القائمين عليها.

ما حدث بعد ذلك، هو ما يمكن أن يُعدَّ تأثيراً للشارع في القرار الرسمي، حيث تم احتواء الأمر، بإعفاء رئيس بلدية ضباء الدكتور عبدالله الغبان من منصبه، وتكليف المهندس عبدالرحمن العنزي بمهامه.” ورصدت “صُبرة” تعاطي المجتمع مع هذه الحادثة وخرجت بالتقرير التالي:

لكل مقام مقال

غردت فاطمة رشيد (كاتبة محتوى) قائلة “بعيداً عن القرار المواقع والأحداث الرسمية والعامة، بعض الجهات الرسمية، تحتاج كاتباً يميز مواضع استخدام المستويات اللغوية، ويوضح متى وأين يتم توظيف مثل هذه العبارات، ويتأكد من ملائمة المحتوى للمشروع”.

وتابعت “المزاح له مواضعه، والجد له مواضعه؛ ما يُقال في مجالس الأصحاب قد لا يناسب في غيرها”.

 

ثقافة المجتمع

وأيدها في الرأي ولید آل محمود الشريف، قائلاً “هذه الخطوة وغيرها من الخطوات السابقة إشارة للمسؤولين انكم ستُحاسبون على أي إجراء يتم تحت مسؤوليتكم”.

وأكمل “شكراً للمسؤولين على مثل هذه القرارات وبارك الله فيكم”.

نقلة نوعية

في حين غرد محمد جاسر الأحمدي، مؤيداً فكرة مبادرة البلدية. وقال “شكل المثل اللي بعده كان (اللبيب بالإشارة يفهم)، ليش زعلانين، الفكرة ممتازة، والأمثال تدَرّس في الجامعات، ومعانيها عميقة وليست سطحية”.

واستطرد الأحمدي “لكن (اللي على راسه بطحاء يحسس عليها)”.

 وكان لـ يسرا الرفاعي” رأي خاص في إعفاء رئيس البلدية، فغردت قائلة “خسارة والله لضباء د.عبدالله الغبان من أفضل رؤساء البلديات الذين مروا عليها، في فترة خدمته نقل ضباء نقلة نوعية وكانت بصماته وجهوده واضحة”.

 

غلطة الشاطر

وغرد ناصر الصالح مُعلقاً على الأمثلة محل النقاش، وقال “كلام من التراث لكن يبدو لا يعجب البعض”.

وعلى الرأي نفسه، غرد الناشط فهد المحمد “لا شك أن هناك جهوداً وعملاً دؤوباً، ولكن غلطة الشاطر بألف”.

شر البلية

وكتب المغرد عبدالکریم أحمد الوديعه  “قرار إعفاء مستحق، فليس كل مثل يُكتب أو يُقال، والأمثال كانت تُقال سابقاً في مواقف تناسب لها، منها اللائق، ومنها غير اللائق، ويفترض وجود لجنة أو خبراء أو مستشارين في كل بلدية لأخذ رأيهم قبل تنفيذ أي عمل، مثل المجسمات أو الرسومات أو العبارات والأمثال، حتى لا يُساء للوطن أو للمجتمع من غير قصد”.

أما فهد بن يعيش فغرد “شر البلية ما يضحك، رئيس بلدية لا يعي ما يقوم به، ووضع مقترحاً من المفترض أنه قد نوقش مسبقاً، والبعض من الناس يقبل ما يعجبه من الأمثال، ويتذمر من بعضها فقط لملامسته لشعوره، يبدو أن إقالة رئيس البلدية وحدها لا تكفي لعلاج ما حدث من جميع عناصر المشهد برمته”.

 

إساءة للناس

وتساءل سعيد القحطاني “ولیش افترضنا إنه يقصدنا؟”. أما هشام حكمي، فرأى أنه “خطأ غير مقصود، وتم الاعتذار وتصحيحه في حينة”. وقالت المغردة طرفة العودة “مسؤولو البلديات لازم يكونوا على قدر من الوعي، يتماشى مع الرؤية، عبارات مثل هذه تعتبر إساءة للناس وأهل المنطقة، في مكان يعتبر أنه ترفيهي لهم، تخيل وأنت تمشي تقرأ كلام مثل هذا موجه لك ! (تربة تلمك وأخلص منك)

الأخطاء الكبيرة

وغرد أحمد قائلاً “مع الأسف، الفكرة خطأ من بدايتها، المملكة بمناطقها واختلاف اللهجات، ثرية بالأمثال الشعبية، بعض الأمثال الشعبية تغني عن كتاب تقرأه لما فيها من حِكم، بعض الأمثال تدرس، وبعضها فيه إصلاح وتربية”.

وأكمل “عندما تقوم بلدية بتبني مشاركة مثل ما رأينا، فعليها الاستعانة بمن لديهم أمثال، وألا تكتب حتى تراجع، الغريب أن الإعفاءات عندنا تتم على أشياء تافهة، وتغيب أو تتأخر عند الأخطاء الكبيرة”.

 

 

 

إعفاء مستحق

وكان المغرد سعود السعد من فريق المؤيدين لقرار الإقالة. وقال “رئيس البلدية يستاهل، خليهم يصحصحون ويفتح عيونه، ويتمشى في شوارع ضباء بعد المغرب، ويشوف الشوارع والحفر والحدائق وإضاءات الشوارع والأسواق”.

وأضاف “رئيس البلدية ما هو جلسة في المكاتب تحت التكييف، ولبس البشوت، وصور وإعلام مزيف، وهذا ينطبق على جميع رؤوساء البلديات مدن وقرى المملكة. راح زمن لبس البشوت والقهوجي واقف”.

الإدارة المعنية

والتمس المغرد حمد المحمد العذر لرئيس البلدية. وقال في تغريدته “ممكن هو ما يدري عن اللوحات فقط يعرف أن الإدارة المعنية عن النشاط هي من ينسق، والعمالة تركب اللوحات، مش معقول يكون واقف على كل شيء. جب مدير الإدارة المعنية وحاسبه، وبعدين .. خطأ خطأ يعدل وننتهي، لكن إعفاء لا حول ولا قوة إلا بالله”.

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×