منجل في دم صديقتي
حليمة درويش |
تقول لي بثقة في محاولة لإقناع نفسها قبل إقناعي : إن أغلب مصابي فقر الدم المنجلي على وعي بكيفية التعامل مع نوبات الجنون لمرضهم وهنا تكمن قدرتهم في التحكم بأجسادهم التي تقلبهم كيف تشاء فالأماكن المغلقة تخنقهم وربما الحر الشديد ومثله البرد قد يقتلهم وقلة الماء كفيلة بأن تجفف عروق أنفاسهم !! لذلك بإمكانهم السيطرة على الوضع بتجنب كل ذلك !!
أجاريها في حديثها : و لم يعد الأمر مخيفا كما السابق فالفحوصات ماقبل الزواج ليست ترفا مبالغا بل هي واجب إلزامي تفرضه الإنسانية والعقل لحماية جيل لاذنب له إلا أنه مولود لأبوين يحملان خلل وراثي لم يهتما كثيرا كونهما حاملين للمرض ولايشعران بأي عارض ناهيك عمن هو مصابا به أساسا !!
تقول إنها تحبه وإن كانت النتيجة غير متوافقة بينهما فذلك لن يؤثر في قرارها !! سألتها وماذا عن الإنجاب ؟!
ترفع رأسها نحوي بتحدي.. ليس مهما لا نريد أطفالا !!
أعلم يقينا في داخلي بأن تلك العبارة ليست من قلبها فأي امرأة تلك التي لم تكن إحدى أحلام طفولتها دمية صغيرة تلتصق بها وتغني لها، تمشط شعرها وتقرأ لها فكيف لو كانت حقيقة بين يديها قطعة من روحها !!
صمتٌ يسود بيننا ! ترمقني من جديد تستجدي مني نظرة تؤيد قرارها لكني لست بشجاعتها كلما تذكرت تلك المطارق التي تضرب جسدك الذي تعتني به وتهتم به بلا توقف، ذلك الطرق المتواصل لايتوقف وإن استجديت الشفقة.. تحاول جاهدا بينما ذلك الجسد قادر على خذلانك بسهولة وبدون سابق إنذار !! كيف لنفسك أن تأكل نفسك، فيتخلى أحدكما عن الآخر بلا تردد !!
كيف لي أن أتخيل طفل صغير يبكي وجعه الذي قد يفقده توازنه في المشي أو لون بشرته أو حتى صفاء عينيه أو روحه بسكتة دماغية لتوقف الأكسجين فجأة !!
أن تنام بمسكنات تجعلك تغيب لعلك تتعافى، تستيقظ والحيرة تملأك أأنت في عالم الصحو أم الهذيان أهو الليل أم النهار، أهذا أنت أم شخص آخر تجري في عروقه دماء المتبرعين لعله ينهض من جديد !!
أيستحق الحب أن ننجب من رحمه من يعيش وجعا لايهدأ !!
أيستحق كل تلك المعاناة، إن الحب يصنع المعجزات هكذا يقال فلتصنعي ياصديقتي معجزة الحب التي تريدين بدون كل تلك المعاناة !