بوصلة ذات أربع اتجاهات: المؤازرون
محمد حسين آل هويدي
بسم الله الرحمن الرحيم: … «147» وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «148» … صدق الله العلي العظيم – البقرة.
هل تتمرن (تتريض)؟ هل عندك وقت، أم أنك لا تملك شيئا من الوقت للرياضة؟ لن تجد صعوبة في أن توجد الوقت للرياضة اليومية لمدة نصف ساعة إلا إذا كنت من المماطلين. “عدم وجود الوقت” عذر شائع لعدم قدرتنا على إنجاز شيء ما، ولكن إذا كنت تريد حقًا معرفة السبب وراء صعوبة إنجاز بعض المهام، فأنت بحاجة إلى فهم البوصلة البشرية ذات الأربع اتجاهات.
نحن نستجيب لنوعين من التوقعات التي تصادفنا يوميا: توقعات خارجية يتوخاها من هم حولك (أسرة، عمل، مجتمع، …الخ)، توقعات داخلية تختص بك (توقعات وضعتها أنت لنفسك؛ مثلا، سأكمل دراستي). تعاطينا مع هذه التوقعات يعتمد على بوصلة بشرية ذات أربع اتجاهات:
- المؤازرة
- التساؤل
- الالتزام
- التمرد
المؤازرون جماعة من الناس يتفوقون في تلبية التوقعات الخارجية والداخلية. المتسائلون جماعة يلبون التوقعات الداخلية، ولكنهم يصارعون الخارجية بالإلحاح في السؤال. الملتزمون نفر من الناس يلبون التوقعات الخارجية، ولكنهم يهملون توقعاتهم الداخلية. المتمردون جماعة ضد النوعين من التوقعات.
لو تفحصنا الموضوع فإننا لن نجد أن هناك فئة سيئة وأخرى جيدة. الناس أجناس، واختلافكم رحمة. قد تميل إلى إحدى هذه الفئات، أو تأخذ من كل بحر قطرة. أيا كان نوعك، لا تحاصر نفسك أو تحكم عليها ليصبح الموضوع لديك مشكلة مستديمة ومستعصية. عش بما يناسبك. ولكن عليك أن تعرف أي نوع من الناس أنت لتستخدم الأدوات المناسبة للوصول إلى نظرة ثاقبة على طبيعتك، وكذلك طبيعة الأشخاص الذين تتعامل معهم، وهذا يؤدي بك لإنتاجية أفضل وثقة أكبر.
المؤازرون يحظون بثقة الآخرين، ويدخلون دائرة الاعتمادية. قد يظن البعض بأن هذه فئة مثالية بسبب الموثوقية والإنتاجية، ولأن أهل هذه الفئة يستجيبون جيدا لكل التوقعات التي يترقبها الآخرون والانضباط لتحقيق التوقعات الذاتية. هؤلاء ينجزون أعمالهم بكفاءة ويخصصون أوقاتا لأنفسهم. هؤلاء يوازنون بين العمل والبيت والنفس والحصول على قسط كاف من النوم: وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا … (143 – البقرة).
المؤازرون مغرمون بالجداول الزمنية وتنظيم الوقت وقوائم المهام. ولديهم فهم واضح لما هو متوقع منهم. شعار هؤلاء “الانضباط بوابة الحرية”. المؤازرون يجدون رضا ومتعة كبيرة في تلبية التوقعات واتباع القواعد والضوابط. وهذا النوع لا يستطيع أن ينتج ويتحرر إلا إذا كانت لديه حياة منضبطة. واللي أعطاهم بصخين، يعطينا بملعقة.
لهذا الاتجاه تحديات بحيث يكون المؤازرون مستعدين لاتباع النظام بحذافيره لدرجة أنهم لا يعتمدون السؤال ويستمرون في استخدام قواعد قد تكون غير مناسبة أو ضارة للظرف الخاص. وهؤلاء النفر مجبولون على الوشاية، وكارهون للتغيير. عندما يتعلم هؤلاء عادة جديدة فإنها تضيق الخناق عليهم، فتتحكم فيهم بدلا من أن يتحكموا هم فيها. وعليه، من لديه موظفين من هذا النوع أن يعطيهم تعليمات دقيقة ومفصلة لأنهم يتورطون مع أي نقص في التعليمات.
عند المؤازرين مشكلة تفويض المهام للآخرين وصعوبة في التكيف مع التغييرات. وعليه، عندما ترى العمل متكدسا عندهم، فما عليك إلا أن تتدخل لتقوم بتوزيع المهام على عدد أكبر من الموظفين.
في الغالب، يكون المؤازرون رؤساء ومدراء جيدين، ولكنهم يصابون بالإحباط حينما لا يكون موظفوهم على نمطهم. وهذا الأمر يعزى إلى أن كل فئة من هؤلاء الناس يتوقعون بأن يكون الآخرون مثلهم. وعلى المؤازرين تفهم الأمر وذلك بأن ليس كل الناس مثلهم. وفي بعض الأحيان، يتحول المؤازرون إلى أشخاص عدائيين لا يتحملون أي خطأ من أي كان. ويكونون في الغالب دفاعيين بصورة مثيرة للشفقة. كما أنهم حذرون لدرجة أنهم قد يرفضون ترقية خوفا من الفشل.
عندما تكون زوجا لمؤازر فما عليك إلا أن تكون متفهما ومتسامحا. وتذكر أن جميع المؤازرين يريدون تلبية التوقعات، لذلك يمكنك مساعدتهم، وذلك بمحاولة تجنب أي تغيير طارئ أو الارتجال. تذكر أيضا أن المؤازرين حريصون على إرضاء الغير. وستجدهم يتمسكون بأفكار سيئة يراهنون عليها لآخر نفس في حياتهم.
وللحديث بقية عن باقي الفئات الأخرى …