صالونة لحم!
زكي سيد حسين العوامي* |
قبل الطفرة الاقتصادية التي انطلقت عام (١٩٧٥م)، دعونا نقرأ لوحة معيشية حصلت للكثير من الأسر؛ أحدهم يتحدث:
نجتمع على الطعام، الناس في حال انتظام عند الوجبات، “الجدوع” أول الصباح، الغداء بعد الزوال مباشرةً، العشاء مع حلول الظلام، التأخير لا مكان له؛ اللقمة حاجة بدنية ولمة إجبارية يفرضها واقع الاكتفاء المحدود.
لأن الزيادة لم تكن حاضرة كيومنا هذا، إن فاتك الحضور ستجوع، البدائل قليلة أو معدومة؛ كل ذلك من إيجابيات زمان اتصف بـ”تسدد الأحوال” وقلة التقنيات والملهيات.
في الغداء؛ “السفرة الخوصية” تسع الجميع، فيها “ميمچَة العيش ولبزار”، “الحلا تمر”، “الزلاطة بقل ورويد وطماطة”، في الصيف يحضر “الجح”، بعد القيام تصل المشروبات الغازية.
ميزانية المصروفات دقيقة وغير مرنة للبذخ؛ من يرغب “الجح” لا يحتسي الغازيات والعكس، أحدنا وفق “جدول دوري” يأخذ “السَحْلَة” (الطشت البلاستيكي) يحفظ الطلبات الشفوية وهي(بيبسي، بيرندا، تيم، أورنجينا)، يذهب لبيت الجيران (لديهم هايبر ماركت منزلي لبيع المرطبات والصَبعبَلِي)، صاحب “الجح” في القعدة على “المَدَّة” بعد الغذاء “يتحَمَّص” برؤية ارتفاع “الأغراش” نحو الأفواه.
في إحاطتنا عند الأكل غداءً؛ دور والدتنا “رحمها الله” تجهيز كل شيء و”نَچَاب” الطعام ثم المراقبة، تتولى رعايتنا بحواس وعاطفة الأمومة.
أخي الأكبر؛ مرجعنا المعلوماتي الذي لا غنى عنه، هو موصل أحداث وتطورات البلدة والعالم، يبهرنا ناقلًا ما شاهده في “سينما” رأس تنورة بذهابه مع رفاقه، خصوصًا “أفلام الكاوبوي” والقتال، يأسرنا بوصف الأفلام العربية وبطولات فريد شوقي وإجرام توفيق الدقن التي ينقلها من “تلفزيون” نادي السلام (سينما البلدة).
لكنه يمارس المراوغة الاحترافية على الوجبة، خصوصًا إذا كانت “صالونة”، يدفن “اللحم بالعيش” جواره دون أن ننتبه؛ ما يجعله في بحبوحة، بعد مدة اكتُشف فعله نتيجة شكوى النقص، حصل عصيان مدني بالإضراب عن الأكل احتجاجًا.
تدخلت الوالدة مهددة برفع الأمر للوالد “رحمه الله” تحت بند “الفصل السابع” وعقوبته (ضربة دست)، تراجع فورًا معترفًا متعهدًا بالتوقف وعدم التكرار، قُبل اعتذاره مع عدم الاطمئنان؛ حيث تكثفت نحوه الأعين منعًا لقيامه بحيل جديدة ليست في الحسبان!
—–
* من صفحته الشخصية، فيس بوك.