الشعر بسيطٌ جداً.. جداً يا أصدقاء

“بصراحة، جاني أرق”

الجمهور لا يحتاج لأمسية بل لشاعر، الشاعر لا يحتاج لمنصة بل إلى صوت، القصيدة لا تحتاج للظهور بل إلى المغامرة، و المبدعُ لا يحتاج الفوز بأحد المراكز في مسابقةٍ بل إلى الإنعتاق، ونحن جميعا نحتاج إلى كسر الجمود بتحديث القالب، نحن كتلة واحدة: الشعر والشاعر والجمهور وتجار دور النشر والباعة بأجمعهم الذين يسوقون المنتج، الجميع بداخل الدائرة.
فلننظر للصورة من أعلى، ما الذي يحدث في الجو العام إذن، مجرد تقليد أصوات، تكرار أسماء، تنقّلات باسم الثقافة، مسابقات مع محكّمين بذائقة متشابهة، ملتقيات بفكر متجانس ويسير على ساق واحدة، عالم من الإنفلات في النقد، دخول عشوائي في اللغة وكأنه العصر العباسي، ظروفٌ متشابهة تخنقُ الكلمة، تحبس النفس، ولكن .. ما الذي يريده الجميع ؟!
التغنّي بالقصيدة؟!
هل التغني بقصيدة ما يعني شيئاً للقصيدة؟!
كتابتها على الحائط في مكان عام؟!
قرائتها مرتين على الهاتف في ليلة رومانسية؟!


دقيقة
ذكرت شيئاً، سأغير الموضوع للحظات، في المنطقة هنا، يفتح أحد التجار مَحلا بفكرة جديدة، خلال شهرين يتم افتتاح عشرين محل بنفس الفكرة تماماً إلا من تغيير بسيط في الديكور والعمالة.


أعود الآن، الإبداع بسيط جداً، يا أصدقاء وحياة النبي الإبداع بسيط جدا، ليس المهم أن يكون هناك عازف مبدع مع الشاعر، ولا معرض تشكيلي مع الأمسية، تجربة الوعد الثقافي لا تأخذوها ناقصة، التجارب لا تقتصر على الشكل، المضمون مهم أيضاً، لا تقيموا أمسية لأنكم تريدون إقامة أمسية، صدّقوني الإبداع بسيط جدا، نراه في الدول المجاورة، نراه في دول بعيدة، يحظون بالدعم؟! نعم، ولكنهم أشخاص يحبون الكتابة، يحبون الشعر، أكفهم تتسع للشعر والشعراء والناشرين والجمهور البسيط والمثقف، الجمهور هو المكسب.


أنا شخص إيجابي جداً، لهذا لا أطرح الأمر بطريقة سلبية أبداً، ولن أقول (لو كل من جاء ونجر كان ما بقى في الوادي شجر) ولكن أقول بأن الشعر ساحة للجميع، المغردين والموتوتين والإنسقراميين، الشعر مساحتهم جميعاً، إما كناظمين للقصائد العمودية أو ناثرين للنص أو قرّاءً مهووسين باللغة أو تجّارا مخرّبين ومنافقين يطبعون ولا ينشرون، الجميع له مساحة من الشعر، ليس الشاعر وحده ولا القصيدة.


الآن ما الذي أريده؟!
أريدُ الإنصات للشعر في أمسية دافئة بعيدة عن الأماكن المعتادة، بدون موسيقى أو معرض، شاعر يلقي تجربة جديدةً، تكون بأي مكان غير الجدران، في البحر أو الصحراء أو طائرة تسقط أو على مقاعد مقهى مزدحم، في غرفة التحقيق، في السلالم الجانبية لناطحة سحاب، أو على البالتوك ههه.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×