دكتوراه سليمة.. ودكتور مزوَّر…!
حبيب محمود
فضائح الدكتوراه المزوَّرة؛ قديمة، والجديد فيها أنها باتت تتلاحق إعلامياً وتواصلياً، لتتشخّص ـ أكثر ـ في زمن لم تعد حتى الدكتوراه الأكاديمية الحقيقية ذات بالٍ يُضارع البال الذي كان الناس يعرفونه. التشخيص الأخير لـ “الدكتوراه المزوَّرة” يكاد يعرّفها كمرضٍ وبائي بالمعنى الصميم للوباء.
وبما أن الوبائيات مستويات؛ فإن لـ “الدكتوراه المزوّرة” مستويات أيضاً. هناك دكتوراه “أون لاين” من جامعة غير معترف بها، وهناك من جامعة وهمية من أساسها. وهناك “نصف أون لاين”، و “ربع أون لاين”. بل إن هناك دكتوراه “واتساب”، و “دكتوراه هاتفية”..!
وهذه كلُّها يمكن تشخصيها بصعوبة أقلّ، لأن الحصول عليها أسهل، ولا يتطلب إلا “التحويل المالي” وبعض التواصل للمفاهمات المالية والإجرائية، وقليل من التواصل العلمي.
لكن أعقد أنواع “الدكتوراه المزوَّرة” ـ على الإطلاق ـ هو أقدمها. وحاملوها ليسوا أشخاصاً عاديين، فضلاً عن أن كل إجراءاتها سليم صُوريّاً، وإمكانية الكشف عن “تزويرها” صعبٌ جداً. أبطالها طلّاب دراسات عليا حقيقيون، سجّلوا، وحضروا قاعات الدرس، وتخطّوا ذلك إلى مرحلة عرض فكرة الأطروحة، ثم تسليمها، ثم مناقشتها، وحصلوا على الشهادة عبر كل الإجراءات الأكاديمية السليمة، دون أن يكون من جهدٍ إلا الظهور ـ أحياناً ـ في حرم الجامعة.
شهاداتهم صحيحة وسليمة، ولكنهم “مُزوَّرون” تماماً. حصلوا على كلّ شيء بواسطة أشبه بـ “سكرتاريا” تؤمن كل المتطلبات الأكاديمية، من فكرة الأطروحة، إلى إعدادها، إلى “تغشيش” الطالب وتحضيره للمناقشة، ليحصل على الدكتوراه بمجهود “ظهوره” أمام الملأ.
الحاصلون على الشهادات بـ “النطنطة”، وجهد الـ “أون لاين”، أهون بكثيرٍ من الحاصلين عليها بطريقة سليمة.