عصافير الواجهة
بلقيس السادة
ذات صباح فتحتُ عيني على أصواتٍ تضرب نافذة غرفتي بقوة، كانت الساعة تقريبًا السابعة صباحًا، مباشرة فتحتُ الستارة ورأيت السماء تمطر عصافير جميلة ملونة بألوان زاهية؛ يا إلهي ما هذا الجمال؟ صرختُ وأنا أشاهد منظر العصافير تتساقط وقبل أن تصل إلى الأرض تطير وتذهب إلى أماكن أخرى؛ خرج الناس إلى الشارع، لكن ما لبثوا أن أقفلوا أبوابهم!!..
وقف عصفور جميل على شرفتي، ممزوجاً باللون الأخضر والوردي، كيف هذا يا إلهي أيعقل!، فتحت النافذة لأسمح لهذا العصفور الضئيل الرائع بالدخول، وما أن فتحتُ النافذة حتى دخل الغرفة يزقزق بصوتٍ جميل، ما أبدع جمال الخالق!؛ لكنه أخذ يتنقل في الغرفة ذات المساحة المتوسطة باحثًا عن حريته، ثم أخذ ينقر في المرآة والكنب والسرير!!
حاولتُ اصطياده بهدوء لكنه أبى!،
في هذه اللحظة دخلت أمي صارخة بعد أن سمعت جلبة في غرفتي: يا إلهي لقد أتلفت العصافير حديقة المنزل، إنها تنقر الأشجار والورود!!.
حينها انتبهت أمي لحالة الغرفة وتلف الكنب والفرش بسبب العصفور الذي أدخلته؛ فما كان منها إلا أن وبّختني على تصرفي الطفولي!.
قائلة: هذا درسٌ من اللّه!!
لكنها نسيت أن تُغلق الباب خلفها، فطار العصفور إلى باقي المنزل!، ولكم أن تتخيلوا الحرب التي أعلنتها أمي على هذا العصفور المسكين!، كانت تدور حوله محاولة الإمساك به؛ صارخة عليّ بمساعدتها في الخلاص منه، وبعد حرب طاحنة أمسكتُ به لكنه نقر جفني مما جعلني اصرخ من شدة النقرة والألم!!، تركت أمي العصفور وقامت بعمل الإسعافات الأولية قائلة: الحمدلله بأن النقر فوق العين وليس داخلها!.
جاء أبي من العمل بعد أن خابرته والدتي لمساعدتها في الإمساك بالعصفور، وكان من أفعاله أن نقر بعض من الكنب وأسقط الشجيرات الغالية على قلب أمي، وبعض التحف الصغيرة، وما برحت العصافير إلا أن غادرت مكانها بعد أن اتلفت حديقة أمي..
الدرس الذي أعطتني إياه أمي من هذا كله: بأن ليس كل ما يبهرنا ونستمتع بوجوده يكون جميلاً، ويستحق الدخول في حياتنا وقلبها رأسًا على عقب، وليس كل ما يلمع ذهبًا؛ فبعضٌ من النحاس مطلي بالذهب شكلًا لا مضمونًا.