الفرقة الفاضلة

إبراهيم الزين

 

تربطني مع الشيخ علي الفرج ، كما معظم طلبة العلوم بديرتي القديح الحبيبة وخارجها علاقة ودية ملؤها الشفافية والنقاء ، حفظهم الله تعالى ولا أختلف مع أحد ولا أريد لأني الفقير أحتاجهم على اختلافهم لدنياي وآخرتي ، وإن تمايزت هذه العلاقة هنا أو هناك .

حدث بسبب كتابه ” العباس بن علي ” ع ” بين الأسطورة والواقع ” أن اختلفت مع أحد الفضلاء الأعزاء ، بسبب بعض الأبيات التي كتبتها فيه حين تحفظ العزيز على ما كتبت ، وعدنا لاحقاً في صفاء والحمد لله ، مع أني لم أقرأ الكتاب حينها ، ولم أقرأه حتى الآن بعد ، وأنا أنظر الآن بأم عيني لكتاب الملحمة الحسينية للشهيد المطهري قدس سره ، ومن ثلاثة عقود ، بل تزيد لم أقرأه تفصيلاً أيضاً ، فقد قررت حينها وأنا لازلت غضاً أن لا أقرأ الكتاب أبداً عندما اكتشفت أن به ما يخص الملحمة الحسينية بشكل يربك ما سلمت به ودرجت عليه وتيقنته في قراري ، وقلت أن كتاب السيد لم يكتب لأمثالي من القاصرين .

القصد فيما تقدم ، هو ما أثير من زوبعة جديدة بسبب ما كتبه الشيخ الفرج حفظه الله عن السيدة رملة زوجة الإمام الحسن عليه السلام .

وأنا هنا لا أناقش الشيخ ، ولست مؤهلاً ولا مختصاً في ذلك ، إنما نريد أن نعرج على بعض الأمور الأخرى لعلنا نفهم ما يجري .

بكلام عام من فردٍ من العوام أقول أنه على امتداد الأزمان ، ورغم كل ما قيل ويقال حول واقعة كربلاء ، فإنه لم يحدث وتغير من جوهرها ما يلفت ، من اللحظة التي أمسى عليها المنبر الحسيني بأسلوبه ونهجه ، وحتى اللحظة ، خلاف بعض التغيرات التي تحدث تباعاً وتعاقباً مع تعاقب الأزمنة واختلاف ثقافات الناس ، ولكن جوهر الحادثة نفسها وما تسالم عليه الموالون لم يتغير بالنسبة الأعم . والسؤال الساذج هنا : لماذا لم يستطع أحد التغيير رغم الكتب والتفنيد والمناشدات والصراخ طوال مئات السنين ، وظل المنبر كما هو دون تغيير ؟

ولنتسائل أيضاً : هل الشيخ الفرج أو غيره ممن تطرقوا لحادثة كربلاء بشكل أو بآخر قد مسوا بالعقيدة ، أو أنهم خرجوا عن الدين والملة ، أو أضروا بالطائفة سواء الآن أو قبل الآن ؟ وما الذي سوف يحدث لو أنه فعلاً توصل أحد الأفاضل ولنقل من المعارضين لهذا التوجه إلى حقيقة مخالفة لبعض ما يطرح ، ماذا سيكون عليه موقفه ؟ هل سيسكت على باطل لا سمح الله ؟

وسؤال آخر وهو الأهم وأنا هنا أخلط التساؤلات حتى لا أتهم بالميل لجهة بعينها ، السؤال هو : هذا الحسين العظيم الذي ملأ الدنيا عزة وإباء ، واعتلى الإبهار ، وصنع الحقيقة المطلقة ورسخها وهي لا زالت قائمة يمثلها المن الإلهي والمشيئة الربانية لأهل البيت عليهم السلام بأن جعلهم الأئمة والوارثين ، وهم الذين اصطفاهم الله وطهرهم وفضلهم على العالمين ، نقول بكل ذلك ، ونعتقد بالمقابل أن ما يطرح ما هو سوى زيف ومغالطات ، وأنه في معظمه يحتاج لإعادة قراءة وتصحيح ؟ كيف يستقيم ذلك ، هل الله غافل عنه ؟ وهل صاحب الأمر عج لا يدري بالأمر ويدعه يسير سيرة المسلمات بأخطاءه وكذبه على رسول الله وآل بيته ؟ ، وهل يعقل أن تذهب ثورة الحسين أدراج الرياح وهو الذي قال ما خرجت إلا لطلب الإصلاح في أمة جدي ، أو كما نقل عن قوله : إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ؟ كيف نستطيع نحن العوام أن نفهم ونحن نرى ما يحدث أمامنا من تشريح وتجريح لأعظم نوازل الأرض بلاء وابتلاء بنا ولنا ، وفي أشرف خلقه عليه السلام ، ثم يصل بنا الحال نحن الذين ندعي القرب من الحسين عليه السلام إلى هذا التوافق مع مخالفي خط الحسين ونهج الحسين .

وأيضاً ثم أيضاً : إذا كان هناك أحد طلبة العلوم ممن له رؤية معينه ، فما المانع من أن يعرضها على العلماء في بلده ابتداء ، أو على مرجعه أو مراجعه ليرى رأيهم ، بدل أن ننشرها هكذا جهاراً ، ونحن في زمن امتلأ بالتيارات والتعصبات بحيث أنها تتلقف كل ما يجري ليصب في مصالحها لأغراض فردية أو تحزبية أو فئوية ، ” وليس غريباً ، وقد ظهر علينا من يثير السؤال حول عصمة الأئمة ، وخلاف ذلك ” . وهذا ما حدث مع كتاب الشيخ الأول ، ولسوف يحدث ربما معه في بحثه عن السيدة ( رملة ) حيث تطلبه المحاضرات والندوات دقاً للإسفينات . هل يعقل أن أصل أنا الجاهل إلى قناعة بأن ما أقوله هو الحقيقة المطلقة ولا تحتاج لعرض على أحد أو إذن من أحد حتى لو كان يمس العقيدة والتاريخ الأهم للطائفة الشيعية الفاضلة.

نحن نعلم ان ما يطرح على المنبر دقيق وحساس ، وهو يجري جري المسلمات ، ولربما كلمة تغير مصيراً أو مسيراً ، ولكن اعتقادنا أن المنبر هو منبر الإمام الحسين عليه السلام ، وهو القائم عليه ، وأنه هو الذي سطر التاريخ الأنصع ، وهو الذي يقرأه علينا ، وأن هذه القوائم التي يقوم عليها المنبر هي قوائم راسخة ولا نظن أبداً أن باستطاعة أحد أن يقيمها ، او يؤثر على من يصعدها ، ولو كان فلن يكون غير الحسين عليه السلام ، ومن يمثله على الأرض روحي له الفداء .

لا نساوم على نقاء الشيخ علي الفرج ، ولكننا نختلف معه في الطرح والوقت والطريقة ، ولا نؤيد التهجم وخاصة ممن هم من نفس الطريقة والمدرسة والمنهاج ، ولا نؤيد المكاشفة هكذا من الجميع وعلى مختلف قنوات التواصل حتى لا يكون المذهب عرضة للإمتهان ، فنكون جميعاً تحت وطأة البلاء والإمتحان.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×